لا مكان اليوم للأحزان والحسرة والألم، إنه يوم سعادة علت فيه الزغاريد والضحكات من شدة الفرحة بخروجه من السجن.
"نعم، لقد استجاب الله الدعوات وتحققت الأمنيات بتكحيل عيوننا برؤيته واحتضانه واشتمام رائحته"، هذا هو لسان حال عائلة المحرر ياسر زنون.
وأفرجت السلطات المصرية بوساطة حمساوية عن المختطفين الأربعة ياسر زنون، وحسين الزبدة، وعبد الله أبو الجبين، وعبد الدايم أبو لبدة، الخميس الماضي بعد اختفائهم قسرا نحو ثلاث سنوات ونصف.
وبدأت حكايتهم عندما اختطفوا من داخل حافلة ترحيلات مصرية على مقربة من معبر رفح البري داخل الأراضي المصرية، في 19 آب/ أغسطس 2015، في أثناء سفرهم باتجاه مطار القاهرة الدولي.
"طريقة الإفراج عنّا كانت غير مألوفة"، قال المحرر زنون، مضيفًا: "قبل يوم جاء اثنان من ضباط السجن وأخبرَنا أحدهما أن علينا حلق لحانا، فقلت له: هل حانت لحظة الإفراج؟ فقال: لا، فقلت لماذا إذا تريدنا أن نحلق لحانا؟ فقال: سيجري تفتيش في السجن ويجب أن يكون مظهركم جيدًا".
وأضاف زنون في حديثه لصحيفة "فلسطين": "قلت للضابط: إحساسي غير ذلك، فقال لي: إحساسك إيه -بلهجته المصرية-، فقلت له: إحساسي فرج، فقال لي: إن شاء الله"، مشيرًا إلى أنه أصرّ على الضابط ليخبرهم ما الأمر لكنه رفض إخبارهم بشيء.
وتابع: "حلقنا لحانا، وأبلغنا أنه لا يمكن لنا الصوم غدًا الخميس، وكنا عادة نصوم الاثنين والخميس، وتفاجأنا أنهم أحضروا لنا صباح الخميس طعام الإفطار وأدخلوا لنا ملابس وطلبوا منا لبس تلك الثياب، ففعلنا ما أمرونا به، ثم أمضونا على أوراق لها علاقة بالأمانات التي أخذوها منا لحظة الاختطاف".
وأكمل زنون: "أخذونا إلى مكان آخر، وبشّرونا بخبر مفرح دون أي تفاصيل، ثم ذهبوا بنا إلى مكان آخر، وفيه سمعنا أشخاصا يتحدثون باللهجة الغزاوية، ثم دخل علينا الغرفة المهندس روحي مشتهى فعرفنا أنه سيتم الإفراج عنا".
قال لنا الأخ الحبيب روحي مشتهى: "أنتم ياسر، وحسين، وعبد الدايم، وعبد الله، قلنا: نعم، قال لنا: هيا بنا سنعود بكم إلى غزة"، أضاف زنون والابتسامة ترتسم على محياه.
وتابع حديثه بعد لحظات صمت: "لحظتها انتابنا شعور لا يوصف ولا يُصدَّق، وبتنا نتساءل هل هذا حلم أو علم؟!".
وأوضح زنون أنه رغم السجن والمعاناة والحالة النفسية السيئة والصعبة، اتخذ القرآن الكريم ملجأ له وبدأ بحفظه حتى أتم حفظ 11 جزءا، قائلا: "وإن شاء الله ربنا يوفقني لحفظه وقد أصبحت حرًا".
وذكر أنه بعدما خرج من السجن، رأى أمورًا حلم بها كثيرا في سجنه، قائلا: "كنت أحلم بأهلي وأحبابي داخل السجن، وكنت أصحو من نومي أجد نفسي في السجن، فأتمنى العودة للحلم".
وتابع: "خرجت اليوم من السجن ورأيت أهلي ونظرت إليهم وتساءلت هل أنا في حلم أو علم؟"، مضيفا: "كحلوا أعيننا في رؤيتهم وكانت فرحة لا توصف".
وأكمل زنون: "كنت أحلم بلحظة الإفراج عني واحتضاني أخي علاء وبكائنا معا من شدة الفرح، واليوم أحلامي تحققت بفضل الله".
وشكر حركة حماس على جهودها الجبارة التي بذلتها منذ اللحظة الأولى لاختطافهم والعمل على إنهاء ملفهم، قائلا: "أشكر الأخ الحبيب إسماعيل هنية وأسأل الله أن تكون جهوده في ميزان حسناته".
أما زوجة المحرر ياسر زنون فأعربت عن سعادتها البالغة، سيما أن حالة المعاناة والقهر التي عاشتها توجت بالفرج بعد صبرها الطويل.
وقالت في حديثها لصحيفة "فلسطين": "كانت فرحة لا توصف فرحة حلوة... أول ما لمحت عيون ياسر ناديت باسمه وانطلقت نحوه واحتضنته... لا كلمات يمكنها وصف المشهد".
وتابعت: "هذه الفرحة لم أفرح مثلها في حياتي قط، تزوجت وأنجبت وعشت مناسبات عديدة ولم تكن فرحتي مثل فرحة الإفراج عن ياسر، لأنها فرحة جاءت بعد غياب وشوق وحنين ووجع وقهر، وأحمد الله أن جمعني به"، معربة عن شكرها لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية على جهوده المبذولة التي أفضت إلى الإفراج عنه.
بدورها، اختصرت والدته المشهد بكلمات قليلة: "لا مكان اليوم للحديث عن الألم والقهر والمعاناة، اليوم هو يوم للفرح والسعادة والسرور... عودة ياسر أعادت لنا الحياة".