قائمة الموقع

​صاحب الدكان وقصر "وليم"

2019-03-05T09:57:21+02:00

منذ خمسين عامًا روتين يوم الحاج "إبراهيم مسعود" لم يتغير سوى مرافقة أبنائه له، مع ساعات الصباح الأولى يتوجه إلى دكانه الصغير الذي يملكه في سوق الزاوية، حيث يبيع القرطاسية، فالسن عنده مجرد رقم، وروح الشباب هي محركه.

المسن مسعود يبلغ 75 عامًا، وتمنى يومًا أن يصبح ضابطًا، فالتجارة لم تكن خياره، ولكن ظروف حرب 1967م منعته من تحقيق حلمه ووجهته نحو دراسة المساحة، وسافر إلى الأردن ليعمل بها بضع سنوات قبل العودة إلى مدينة غزة.

الحياة هي معلمه في هذه الحياة، وخلاصة تجربته فيها يضعها بين أيدي أبنائه وكل شاب، قائلًا: "تخيل أنك دخلت من باب الحياة ومكثت في غرفة يجب أن تستثمر كل وقتك فيها، فأثمن شيء يملكه الإنسان هو العمر، ليس الأراضي والعمارات، ولا أرصدة البنوك".

وتابع مسعود: "استثمر كل دقيقة في طاعة الله، ما زالت لم أتخلف يومًا عن أداء الصلاة في وقتها، والمحافظة على صلاة الفجر حتى بت أصطحب ابني وحفيدي، واجعل آخر أعمالك في هذه الدنيا هي أحب الأعمال إلى الله، وهي الصلاة في وقتها".

وتربى الحاج إبراهيم تربية دينية محافظة، وورّث أبناءه الأخلاق والقيم والمبادئ التي تعلمها من والديه، مثل حسن معاملة الناس، ومساعدة من يطلب العون، وترطيب لسانه بذكر ربه على الدوام.

قصر وليم

ويروي قصة حدثت مع صديقه الأردني رواها له حينما كان يعمل في مدينة مأدبة الأردنية: "كان لي صديق يملك دكانًا للمواد الغذائية كان له جار أمريكي مسيحي. كان حينما يمر بالشارع يركض خلفه الأطفال ويستهزئون به، فما كان من صاحب الدكان إلا أن يقدم له كأسًا من الشاي حتى ربطتهما صداقة عجيبة".

ويضيف مسعود: "ومن شدة تردد الأمريكي إلى صاحب الدكان أرسلت له الحكومة الأردنية استجوابًا تستفسر عن سبب تردد الأجنبي إليه كل يوم".

والمفارقة العجيبة التي نجمت عن هذه الصداقة أن السفير الأمريكي بعد مرور سنوات أرسل لصاحب الدكان طلبًا لمقابلته في السفارة، وبالفعل توجه إلى المكان، وأخبره السفير أن وليم مات في حرب بفيتنام لأنه كان يعمل طيارًا، وترك له رسالة بأنه تنازل عن القصر الذي كان يملكه في باريس، وأرصدة في البنوك له.

ويبين مسعود أن هذه الوصية أثارت جنون زوجة وليم وابنته، فجاءتا إلى الأردن تطلبان أملاكه، وبالفعل أعاد صاحب الدكان لهما قصره في باريس، متنازلًا لهما عنه بإرادته مع أنه أصبح ملكه.

ويذكر أن حادثة الأردني والطيار وليم تبين أن المسلم عليه أن يعطي صورة جيدة عن دينه، فحسن المعاملة والضيافة يجعلك محبوبًا بين الناس وتحبب الإسلام إليهم.

وأكثر ما يندم عليه مسعود هو عدم نشره تعاليم الإسلام التي تربى عليها، وأنه لم يكن داعية يحبب إلى سكان مأدبة -وأغلبهم من المسيحيين- الدخول فيه.

اخبار ذات صلة