رغم عدم الإعلان الرسمي لبنود ما يعرف إعلاميًّا بـ"صفقة القرن"، فإن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تتخذ خطوات توصف بأنها غير مسبوقة لتطبيقها، وبعد أن نقلت في مايو/ أيار الماضي سفارتها إلى القدس المحتلة، تعتزم دمج قنصليتها العامة بالسفارة.
ونقلت وسائل الإعلام أمس عن مسؤول أمريكي لم تسمه، قوله: إن قرار الولايات المتحدة خفض تمثيلها لدى السلطة الفلسطينية سيدخل حيز التنفيذ اليوم عبر دمج قنصليتها بالسفارة في القدس المحتلة.
وتعد القنصلية الأمريكية في القدس المحتلة، قناة التواصل مع الفلسطينيين بخصوص المعاملات الرسمية الأمريكية.
ويقول أستاذ العلاقات الدولية د. هاني البسوس: إن الإدارة الأمريكية تطبق "صفقة القرن" من خلال إجراءات أحادية الجانب، ذاكرًا أنها نقلت سفارتها إلى القدس وهو ما يعد اعترافًا كاملًا بمزاعم "يهودية" المدينة المحتلة.
ويضيف البسوس لصحيفة "فلسطين" أن واشنطن بموجب ذلك، تسعى إلى توحيد تمثيلها الدبلوماسي لدى الاحتلال الإسرائيلي.
ويبين أن القنصلية في القدس كانت تقدم خدمات للفلسطينيين، وقد تفتح الإدارة الأمريكية مكتبا مصغرا في رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة لتقديم الخدمات القنصلية لهم أو من خلال مكاتب البريد بالتنسيق مع السفارة الأمريكية.
وترمي واشنطن إلى تحقيق خمسة أهداف بحسب البسوس هي: محاولة تثبيت (إسرائيل) على أنها "دولة يهودية" عمليًّا وليس نظريًّا، والتطبيق العملي لـ"صفقة القرن"، وإضعاف الوجود الفلسطيني في القدس المحتلة.
ومن الأهداف الأمريكية أيضًا: تشجيع الاحتلال على اتخاذ مزيد من الإجراءات التهويدية في القدس المحتلة، و"تحجيم" دور السلطة، حسبما يرى البسوس.
وينبه أستاذ العلاقات الدولية إلى أن المشكلة في المقابل تتمثل في عدم وضوح رؤية السلطة الفلسطينية إزاء ذلك.
من جهته، يقول الكاتب والمحلل السياسي الأردني د. خالد عبيدات: إن دمج القنصلية في القدس بالسفارة الأمريكية استمرار لموقف واشنطن وإصرار عليه.
ويوضح عبيدات لـ"فلسطين" أن هذا الدمج يعد "تحصيل حاصل" بموجب هذا الموقف الأمريكي الذي يعترف بالقدس المحتلة "عاصمة" مزعومة لـ(إسرائيل).
ويؤكد أن أمريكا و(إسرائيل) لا تطبقان بذلك القانون الدولي بل تدوسانه بالأقدام، وتتمسكان برغباتهما ومصالحهما الخاصة فقط.
ويشير إلى أن الفلسطينيين والعرب يلجؤون إلى القانون الدولي لإقناع الدول الأخرى لعلها تستطيع أن تدق الأجراس.
ويتابع عبيدات: كل هذه الأمور التي تقوم بها أمريكا و(إسرائيل) خرق لأبسط المبادئ الإنسانية ومبادئ القانون الدولي.
ويرى أنه على العرب مواصلة اتصالاتهم مع الدول الأخرى لشرح الموقف وفضح هذه التصرفات الإسرائيلية والأمريكية، مشددًا على أن موقف المملكة الأردنية الهاشمية واضح وثابت ولا يعترف بهذه التصرفات.
وكان ترامب أعلن في 6 ديسمبر/ كانون الأول 2017 اعترافه بالقدس "عاصمة" مزعومة لـ(إسرائيل)، لكن الجمعية العامة للأمم المتحدة دعت في تصويت حظي بأغلبية ساحقة، الولايات المتحدة إلى سحب هذا الاعتراف، كما دعت جميع الدول إلى الامتناع عن إنشاء بعثات دبلوماسية في المدينة المحتلة، مؤكدةً أن أي إجراءات تهدف إلى تغيير طابعها "لاغية وباطلة".