يقاوم سكان مدينة القدس أبشع جرائم بلدية الاحتلال بحقهم، لكنهم يصرون على البقاء ثابتين في وجه هذه المضايقات والسياسات التعسفية التي ترمي إلى إفراغ المدينة من سكانها.
ومن ضمن ذلك معاناة المقدسيين رفض الاحتلال إصدار رخص للبناء وتوسيع البيوت أو ترميمها رغم تصدع جدرانها، وهدم منازلهم ومحالهم التجارية بحجة عدم الترخيص، ومصادرة مساكنهم بذرائع مختلفة.
وبحسب إحصائية المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، نفذ الاحتلال العام الماضي عمليات هدم طالت 68 منزلًا و178 منشأة تجارية، وأنذر أكثر من 125 بيتًا ومنشأة تجارية بالهدم في مدينة القدس، وهجر ما يزيد على 144 شخصًا من منازلهم بسبب الهدم.
ويقول عضو لجنة الدفاع عن أراضي القدس صالح الشويكي: "إن بلدية الاحتلال تنتهك حقوق المقدسيين في العيش الكريم، وتحاول طردهم".
ويؤكد الشويكي لـصحيفة "فلسطين" أن الاحتلال بمحاكمه وبلدياته يلعب دور "الحاكم والجلاد"، والمواطن المقدسي يتحمل كل هذه الإجراءات من قطع الأرزاق وهدم البيوت وغيرها، مبينًا أن الاحتلال سلم لـ40 عائلة إنذارًا بالهدم منذ بداية 2019م، وهذه البيوت مهددة.
ويضيف: "إن سياسات الاحتلال ممنهجة، وهو يحاول بكل الوسائل إفراغ القدس، وتقليل عدد السكان الفلسطينيين لمصلحة المستوطنين".
ويشير إلى أن سكان القدس صامدون ويقاومون هذه السياسات، ويحققون الانتصارات على الاحتلال، كما في هبة إزالة البوابات الإلكترونية عام 2017م، وهبةباب الرحمة العام الجاري.
في السياق يقول عضو لجنة الدفاع عن حي البستان فخري أبو دياب: "إن سياسة الاحتلال تنغص حياة المقدسيين بهدم بيوتهم بحجة عدم الترخيص، ومنع ترميمها، وفرض غرامات باهظة عليهم، والاستيطان في أماكن جديدة في القدس، وتهدد هذه السياسة 800 عائلة مقدسية بالتهجير منذ بداية 2019م".
ويؤكد أبو دياب لـصحيفة "فلسطين" أن الاحتلال يرمي من هذه السياسة إلى إفراغ القدس من سكانها الأصليين، وعدم إصدار ترخيص لهم لتحجيم المباني وتقليل عددهم، موضحًا أن في شرقي القدس 380 ألف فلسطيني، يحتاجون سنويًّا إلى 5000 وحدة سكنية.
ويضيف: "إن الاحتلال يزعم وجود 25 ألف بناية "غير قانونية" في القدس، ورفع عليها قضايا بمحاكمه، وهو يفرض نوعين من الهدم: أولهما الذاتي الذي يضطر إليه بعض المواطنين تجنبًا لدفع الغرامات الضخمة التي يفرضها الاحتلال، والنوع الآخر هو هدم قوات الاحتلال تلك المباني بالجرافات".
وفي 2018م تقدمت 1962 عائلة بطلب إلى بلدية الاحتلال لاستصدار ترخيص، وبعد استيفاء كل الشروط لم يحصل أحد منهم على ترخيص سوى 16 شخصًا خارج البلدة القديمة، وفق إفادة أبو دياب.
ويوضح أن الاحتلال بنى ما يزيد على خمسة آلاف وحدة للمستوطنين في القدس المحتلة، في حين يفرض الهدم على المقدسيين، وغرامة 1000 شيقل على كل متر من المساحة، وإذا هدمت جرافات الاحتلال البيت تزيد تكلفة الغرامات على المواطن.
ويبين عضو لجنة الدفاع عن حي البستان أن الاحتلال فشل في مشاريعه رغم الضغط النفسي والاجتماعي على المقدسيين، موضحًا أن الاحتلال فرض 13 نوعًا من الضرائب بعد فشله في مشاريعه، ويحاول بها جعل المقدسيين في إفلاس دائم، ويفرض غرامات كبيرة عليهم بآلاف الشواقل.
ويلفت إلى أن 79% من المقدسيين يعيشون تحت خط الفقر بسبب الغلاء المعيشي الكبير، وشرطة الاحتلال تحرر مخالفات دائمة بحق المقدسين.
ويتابع: "قوات الاحتلال أقرت عدة مشاريع لتهويد القدس، وسنت مجموعة من القوانين تحاول بها إجبار المقدسيين على الخروج من بيوتهم".
وينبه أبو دياب إلى أن المقدسيين بحاجة إلى تعزيز صمودهم في وجه قوات الاحتلال، وتوفير مأوى لمن تهجرهم من بيوتهم قسرًا.