لا تتردد الحاجة المقدسية فاطمة خضر في الوقوف بوجه اقتحامات قطعان المستوطنين الإسرائيليين لباحات المسجد الأقصى شبه يومي، وإن كانت بمفردها، رغم ما ينتج عن ذلك من ضرب واعتقال وإبعاد قسري عن الأقصى بأوامر من شرطة الاحتلال الإسرائيلي.
وبوتيرة متسارعة غير مسبوقة تزداد كثافة اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى تحت حماية مشددة من عناصر شرطة الاحتلال، التي تمارس في الوقت ذاته مضايقات متعددة على حركة دخول المصلين إلى المسجد، وتحظر الدخول على عشرات المرابطين والمرابطات وفق قائمة منع معدة سلفًا.
وشهدت باحات الأقصى في الأسابيع القليلة الماضية اقتحامات متتالية من المستوطنين على هيئة مجموعات، وذلك بعدما دعت ما تسمى "منظمات الهيكل" عبر مواقعها الإلكترونية جمهور المستوطنين إلى أوسع مشاركة في اقتحامات الأقصى.
ومع كل إعلان للجماعات الاستيطانية نيتها اقتحام المسجد الأقصى تنفر خضر للتصدي للمستوطنين قدر الإمكان وفق قدراتها، وعن ذلك تقول الحاجة فاطمة: "وقوفي في وجه المستوطنين نابع من إيماني التام بأن الدفاع عن الأقصى واجب على كل شخص على قدر استطاعته، والوقوف بمفردك خير من الجلوس مع المتقاعدين".
وتضيف خضر لصحيفة "فلسطين": "نحن المقدسيين لا نمتلك قوة ضاربة للتصدي للاقتحامات، ولكن نسخر كل شيء في سبيل الدفاع عن الأقصى؛ فنكبر بأعلى صوتنا في وجه المستوطنين الغرباء، ونواظب على الجلوس في باحات الأقصى ومصاطب العلم لقراءة القرآن على مدار الساعة".
ويخصص المرابط المقدسي تامر هشام يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع للرباط داخل المسجد الأقصى منذ ساعات الفجر الأولى حتى العشاء؛ لإبقاء جذوة الرباط حية رغم اقتحامات الاحتلال المكثفة لباحات القدس التي تتصاعد يومًا بعد يوم.
ويقول هشام لصحيفة "فلسطين": "بعد انتصار المقدسين في هبة الأسباط قبل عامين، بفضل حالة الرباط والحشد على أبواب الأقصى أمام غطرسة الاحتلال، عزمت الأمر على الخروج للرباط في الأقصى يومًا واحدًا على الأقل أسبوعيًّا، رغم العراقل التي يضعها الاحتلال في وجه المصليين مقابل التسهيلات الممنوحة للمستوطنين".
وشهد مدخل باب الأسباط اعتصامًا مفتوحًا في تموز (يوليو) 2017م، احتجاجًا على إغلاق الاحتلال المسجد الأقصى ومنع الصلاة فيه، ووضع بوابات إلكترونية على أبوابه لمراقبة حركة المصلين وتقييدها، قبل أن يتراجع الاحتلال عن إجراءاته على وقع الضغط الشعبي والاعتصام المفتوح.
الباحث في شؤون القدس محمد العمري يؤكد بدوره أن مشهد الحضور الفعال للمرابطين والمرابطات في المسجد الأقصى شكل حالة إزعاج متنامية للاحتلال الإسرائيلي، الأمر الذي دفعه إلى اتخاذ عدة خطوات في سبيل إنهاء ظاهرة الرباط، وضمان تنفيذ عمليات اقتحامات جماعية لقطعان المستوطنين دون إزعاج.
ويقول العمري لصحيفة "فلسطين": "بات الوجود في الأقصى تهمة تستدعي الاعتقال ثم المحاكمة والإبعاد، ليس عن المسجد المبارك فقط بل عن البلدة القديمة كلها"، عادًّا "الجنون الإسرائيلي" في محاربة المرابطين دليلًا على مدى جدوى الرباط في التصدي للمستوطنين والاقتحامات الإسرائيلية للأقصى.
ويكمل: "إن عمليات الاقتحام ترمي إلى إحكام سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على القدس وتقسيم الأقصى زمانيًّا ومكانيًّا"، مشددًا على ضرورة توفير كامل الدعم للمقدسين والمرابطين على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والحقوقية.