كانفجار برميل البارود هبّ المقدسيون تحت كلمة واحدة، نحو باب الرحمة شرقي المسجد الأقصى، لخلع الأقفال التي وضعها الاحتلال الإسرائيلي عنوّة قبل 16 سنة.
كانت مشاعر المقدسيين تشتاط غضبًا وقهرًا بسبب قرار الاحتلال الجائر ضد "باب الرحمة" أحد المكونات الإسلامية المقدسة في المسجد الأقصى، الأمر الذي دفعهم إلى الاندفاع نحوه، كما هبّة باب الأسباط التي وقعت في 14 تموز (يوليو) 2017م، عقب إغلاق الاحتلال له ونصب البوابات الإلكترونية على أبواب الأقصى.
وشكّل صمود وشجاعة المقدسيين ضربة قاصمة للاحتلال الإسرائيلي الذي يسعى إلى بسط سيطرته على المقدسات الإسلامية، ومنها "باب الرحمة"، فحاول تغطية فشله بتذرعه بوجود ماس كهربائي يتطلب إغلاقه وإجراء أعمال صيانة فيه.
وتؤكد المرابطة في المسجد الأقصى زينات الجلاد أن المقدسيين لم يحتملوا ممارسات الاحتلال في الأقصى، وخاصة استمرار إغلاق باب الرحمة، بالتزامن مع قراراته العنصرية ومحاولاته للسيطرة الكاملة عليه.
وتقول الجلاد لصحيفة "فلسطين": "إن الاحتلال كان يخطط لمشاريع تهويدية قرب باب الرحمة، وهو ما أغضب المقدسيين ودفعهم إلى الانطلاق بهبّة جماهيرية واسعة رفضًا لتلك الإجراءات العنصرية".
وتوضح أن الشبان خلعوا الشهر الماضي الأقفال التي وضعها الاحتلال على باب الرحمة، تعبيرًا عن غضبهم، ورفضهم استمرار الإغلاق وإقامة مشاريع تهويدية.
وبحسب رأي الجلاد، إن الرسالة الأبرز التي أوصلها المقدسيون للاحتلال أن في الاتحاد قوّة، وأنهم لن يدخروا أي جهدٍ في سبيل الدفاع عن المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية.
وتُنبّه إلى أن الاحتلال يحاول التغلب على هزيمته بحملات الاعتقال والإبعاد للمرابطين ورجالات الأقصى الدينية، التي بدأها في أعقاب فتح باب الرحمة، مشددةً على أن "كل هذه الإجراءات لن تثني الشباب المقدسيين عن الاستمرار في الدفاع عن الأقصى".
وتطالب الجلاد الكل الفلسطيني -وخاصة المقدسيين- بالوجود الدائم قرب باب الرحمة، لضمان استمرار فتحه، لكونه حقًّا للفلسطينيين.
ليس غريبًا
من جهته يقول عضو الهيئة الإسلامية العليا في القدس د. جميل حمامي: "إن المقدسيين تصدوا لقوات الاحتلال بكل قوة وشجاعة، رافضين كل إجراءاتها واعتداءاتها العنصرية على المسجد الأقصى ومقدساته".
ويضيف حمامي في حديث إلى صحيفة "فلسطين": "ليس غريبًا على المقدسيين ما قدموه في هبّة باب الرحمة، فهم قدموا التضحيات مرارًا وتكرارًا، نصرة للأقصى".
ويعد صمود المقدسيين وفتح باب الرحمة "رسالة تأكيد لحقهم في المقدسات الدينية، ورفض إجراءات الاحتلال الظالمة والباطلة".
ويتابع: "يجب أن تتوقف اعتداءات الاحتلال، ويرفع يده عن الأقصى والقدس، فهو للمسلمين وحدهم، ولا يجوز لأحد أن يخضع أي مقدس لحمى الانتخابات الإسرائيلية التي يروج لها".
ويصف حمامي استمرار إغلاق المصلى بأنه "لا مسوغ له، ويعبر عن اعتداء حقيقي على الأقصى، لكونه جزءًا أصيلًا منه"، مؤكدًا أن ذلك كان الدافع لفتحه بعد أن ضاق المقدسيون ذرعًا بالقرار.
ويبيّن أن الانتصار المقدسي لم يرق الاحتلال، ما جعله يعود لممارسة سياسة الاعتقال والإبعاد للشخصيات الدينية الوازنة، عادًا خطوات الاحتلال "رسالة خطيرة بأنه يتغول على المرجعيات في القدس".
ويرى أن مبادرة دائرة الأوقاف بفتح الباب "رسالة للاحتلال برفض الأمر الواقع، وأنها ستأخذ دورها في حمايته".
ويستنكر حمامي ادعاء الاحتلال وجود ماس كهربائي لمحاولة إغلاق باب الرحمة، مشيرًا إلى أن "التاريخ أثبت زيف كل ادعاءات الاحتلال".
وينفي وجود أي ماس كهربائي في باب الرحمة، "إنما هو تغول من الاحتلال لإغلاق باب الرحمة، ومحاولة لتمرير خطواته الظالمة"، وفق تعبيره.
وباب الرحمة أحد أبواب المسجد الأقصى، ويقع في السور الشرقي للمسجد، وهو أيضًا جزء من السور الشرقي للبلدة القديمة، الذي يبلغ ارتفاعه 11.5 متر، ويوجد داخله مبنى مرتفع ينزل إليه بدرج طويل من داخل الأقصى.
والباب من أقدم أبواب المسجد الأقصى، يعود بناؤه للحقبة الأموية في عهد عبد الملك بن مروان بدلالة عناصره المعمارية والفنية، ويتكون من بوابتين: الرحمة جنوبًا والتوبة شمالًا، واسمه يرجع لمقبرة الرحمة الملاصقة له من الخارج.