فلسطين أون لاين

​عباس يشهر سيف السيطرة والتفرّد على القضاء وسط استنكار حقوقي

...
رئيس السلطة محمود عباس (أرشيف)
رام الله- غزة/ خضر عبد العال:

يومًا بعد يوم، تزداد محاولات السيطرة والإقصاء التي يقودها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في شتى مفاصل الحياة الفلسطينية، الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وليس انتهاءً بالسلطة القضائية، ليكون عنواناً للإقصاء والتفرد في فلسطين.

وكانت آخر هذه المحاولات السيطرة على السلطة القضائية، بإصداره قرارًا بقانون يقضي بتكليف ديوان الرقابة المالية والإدارية بالتدقيق ماليًّا وإداريًّا على أعمال مجلس القضاء الأعلى والنيابة العامة.

وفي 20 فبراير/ شباط الجاري، أصدرت السلطة مرسومًا رئاسيًّا يقضي بتكليف ديوان الرقابة المالية والإدارية بالتدقيق ماليًّا وإداريًّا على أعمال مجلس القضاء الأعلى والنيابة العامة للسنوات (2016، و2017، و2018).

الرئيس السابق لمجلس القضاء الأعلى في الضفة الغربية المحتلة القاضي سامي صرصور، أكد أن هذا المرسوم مخالف للدستور الفلسطيني وقانون السلطة القضائية، مشيرًا إلى أن الجهاز القضائي مستقل بذاته ولا يجوز التدخل في شؤونه.

وقال صرصور في حديث خاص بصحيفة "فلسطين": "يستحيل وجود رقابة إدارية على القضاء، لأنه مخالف لنص دستوري ومخالف أيضًا لقانون السلطة القضائية، فاستقلال القضاء يعني أنه مستقل إداريًّا وماليًّا والنواحي كافة".

وأضاف: "لا أفهم كيف سيعمل رئيس ديوان الرقابة الإدارية والمالية إياد تيم -مع كامل الاحترام له- كقاضٍ منتدب للقيام بمهام الرقابة، وفي ذات الوقت رقيب على مجلس القضاء برئيسه وأعضائه الذين هم أعلى منه مرتبة في الجهاز القضائي".

واستهجن على من صاغ المرسوم، كيف سيعمل القانون بأثر رجعي، موضحا "القرار بقانون يُعد قانونًا، ولا يوجد قانون في العالم يسري بأثر رجعي، حيث إن القاعدة العامة في القوانين كافة تنص على أنه "لا رجعية للقوانين"، بمعنى أن يطبق القانون من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية".

وبيّن صرصور أن تطبيق القانون بأثر رجعي عن السنوات (2016، و2017، و2018) بحد ذاته مخالف للقانون العام.

ونبّه إلى أن رئيس السلطة أقر أكثر من 150 قرارًا بقانون منذ بداية الانقسام عام 2007 بموجب المادة (43) من الدستور، بشرط وجود حالات ضرورية أو غير طبيعية في الدولة، مشيرًا إلى أن بعض هذه القرارات بقانون صدرت دون توفر الشروط اللازمة.

ولفت إلى أن الجهاز القضائي له موازنة مستقلة خصصت له من الموازنة العامة للدولة، وهذا التخصيص لا يعني التدخل المباشر من السلطة التنفيذية بشؤونها مثل أي وزارة تتبع لها، مجددًا تأكيده على ضرورة استقلال السلطة القضائية بأمورها الإدارية والمالية.

مخالفة للقانون والدستور

وأفاد قاضي المحكمة العليا عزت الراميني بتفاجؤ مجلس القضاء الأعلى بإصدار هذا المرسوم.

وقال الراميني في تصريحات صحيفة أول من أمس: "إن هذا المرسوم يمس استقلال القضاء، ويُعد تدخلًا في شأنه، ومخالفًا للقانون والدستور معًا"، مؤكدًا أن القانون الأساسي الفلسطيني نص على استقلال السلطة القضائية إداريًّا وماليًّا.

وأضاف: "لسنا ضد عملية الرقابة المالية باعتبار أن موازنة السلطة القضائية جزء من الموازنة العامة، بل إننا نحرص على وجود رقابة على النفقات في مجلس القضاء أو غيره باعتباره من المال العام ويجب إنفاقه بالطرق السليمة كما هو معمول به".

لكنه رفض قطعيًّا حتى الحديث عن الرقابة على جلسات مجلس القضاء، حيث نص القانون باعتبارها سرية لا يجوز الاطلاع عليها إلا بقرار من المحكمة، لافتا إلى أنه في حال تطبيق هذا المرسوم فسيكون القضاة تحت هيمنة السلطة التنفيذية.

وأوضح أن التفتيش على القضاة مسألة داخلية يطبقها القضاة أنفسهم، مضيفًا "هذا القرار مخالف للدستور من جهة، ومخالف للقانون من جهة أخرى، ويعد انتهاكًا للحق الدستوري ولحق المجتمع في استقلال السلطة القضائية".