فلسطين أون لاين

​مصابو مسيرات العودة.. لا تراجع حتى رفع الحصار

...
تصوير الزميل يحيى اليعقوبي
غزة/ يحيى اليعقوبي:

يتكئ الجريح الشاب محمد البرديني (19 عامًا) من مدينة غزة، على عكازين وفي جسده سبع إصابات، اشتركت في حملها معظم أطرافه، حتى عينه لم تسلم من بطش جنود الاحتلال الإسرائيلي، لكنه مع كل إصابة ينهض بتحد جديد، يرفع شعار التمسك بالحقوق والثوابت والحق الذي جاء من أجله.

بدأت إصابة البرديني الأولى عام 2014 خلال بداية المظاهرات الشعبية شرق غزة قبالة موقع "ناحل عوز"، ثم ترك الاحتلال في 30 مارس/ آذار 2018 بصمة وجريمة جديدة على قدم هذا الشاب الذي تعرض لإصابة ثانية في الجمعة الأولى لمسيرات العودة، وتوالت بعدها الإصابات التي تعرض لها، فرصاصة هنا تخترق يده، وشظية لرصاصة أخرى أصابت وجهه قرب عينه.

لم تقف آلام هذا المصاب هنا، فوالده أيضاً أصيب بقدميه، كما هو حال شقيقه الأصغر، حيث ورثوا الصمود والصبر والتحدي من أبيهم.

يقول البرديني لصحيفة "فلسطين" بعد أن أسند ساعده على أحد العكازين: "نحن شعب صامد مهما أصبنا، لن يهمنا تهديد الاحتلال والرصاص والقتل والحصار (..) على الاحتلال أن يعلم أننا لن نخشى تهديداته".

وأضاف: "هذا الاحتلال الإرهابي يقتل الأطفال والنساء، لكننا نأتي إلى هنا نخاطب أصحاب الضمائر الحية في العالم بأن يقفوا مع الشعب الفلسطيني، ويرفعوا عنا الحصار، لأننا لا نبحث إلا عن حياة كريمة وحقوقنا في أرضنا".

على مقربة من البرديني، يمسك الشاب رضوان خطاب (22 عاماً) الذي تعرض لإصابة في 7 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، علم فلسطين بيده، وفي قلبه يرسل نبضات تضامن إلى القدس.

قال لـ"فلسطين" إنه هنا يبحث عن حياة كريمة لكن الاحتلال في كل مرة يرد على هذه المطالب بالقتل والرصاص وقنابل الغاز.

ما سر تمسك المصابين بالمسيرات؟ يجيب خطاب بالقول: إن "المصاب يظل ثابتا متجذرا بأرضه، فالإصابة تزيده ثباتا وتمسكا بحقوقه، ينافس الأشخاص الأصحاء في المشاركة في الصفوف الأولى لمسيرات العودة".

"سأبقى مستمرا في المشاركة حتى فك الحصار" بهذا اختصر المصاب يوسف جندية (20 عاماً) حديثه لـ"فلسطين"، إذ تعرض لإصابة بقدمه اليسرى في يوليو/ تموز الماضي.

ما أن أشارت عقارب الساعة إلى الخامسة مساءً وبدأت جموع المشاركين بالمغادرة من ميدان مسيرة العودة، كان المصاب محمد السدودي (32 عاماً) المصاب بقدمه منذ سبعة أشهر، يسير بخطى متثاقلة وهو يتكئ على عكازين، ويضع مثبت العظام على قدمه التي لفها بشاش "قماش" لحمايتها من الأوساخ.

قدم السدودي التي لا تزال مصنفة على أنها بحالة خطرة حتى اللحظة، تعطيه رخصة المكوث بالبيت دون عتب عليه من أحد، لكنه يقول: "كمصاب لدي حق

وغاية أطالب بها، وليس من السهل أن يتنازل المصاب عن هذه الحقوق مهما حدث وأهمها حق عودتي إلى أرضي المحتلة عام 1948".

كغيره من المصابين يواصل السدودي المشاركة بمسيرة العودة، فالمشاركة بحد ذاتها بالنسبة له رسالة للاحتلال أن صاحب الحق يبقى متمسكا ويطالب بحقه، مهما بلغت الآلام والتضحيات، مناضلا بكل السبل والوسائل المتاحة.

توقف السدودي عن المشي ونظر للخلف مشيرا بيده نحو جنود الاحتلال، مضيفا: "المصاب عندما يأتي لشرق غزة، يعرف أنه قد يتعرض لإصابة ثانية أو يقتله جنود الاحتلال، وأنه قد لا يعود لبيته وأسرته، لكننا شعب معروف عنه أنه مظلوم ويطالب بحقه".

وتقترب المسيرات من إكمال عامها الأول منذ انطلاقها في 30 مارس/ آذار الماضي، وقد أسفرت اعتداءات قوات الاحتلال على المتظاهرين السلميين عن استشهاد نحو 250 مواطنًا، بينهم نساء وأطفال، وإصابة أكثر من 23 ألفًا آخرين بجراح متفاوتة الخطورة.