قائمة الموقع

​مقداد ينحت في الصخر حتى لا يهاجر

2019-02-23T09:35:40+02:00



بيوت متلاصقة بأسطح مغطاة بألواح من الصفيح، وشوارع يعبرها المارة بصعوبة لضيقها، هو قدر يتقاسمه أهل مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين، الذي يقع غربي مدينة غزة، ومخيم "الشاطئ" هو ثاني أكبر المخيّمات التي احتضنت اللاجئين إبان أحداث النكبة التي حلّت بهم.

وفي أحد أزقة المخيم يجلس أبو العبد مقداد أمام بقالته البسيطة، وتعلو أصوات الأطفال الذين يلعبون أمام بقالته، وزحمة الطرق من السيارات و"التكاتك"، مقداد ذو الـ(41) عامًا يروي لـ"فلسطين" حياته ومعاناته.

يقول مقداد: "ولدت في عام 1977م بالمخيم، عشت طفولة جميلة أذكرها وكأنني أعيشها الآن، وفي الانتفاضة الأولى عام 1987م كانت سني 10 سنوات، كنت في الصف السادس الابتدائي، واضطررت إلى ترك المدرسة بسبب الأوضاع المتأججة".

ويتابع: "ومنذ تلك اللحظة على صغر سني بدأت تعلم مهنة الخياطة مع أخي الكبير، وكان وضع عائلتي ميسورًا، وكنا 14 فردًا مع أبي وأمي نعيش في منزل صغير يتكون من غرفتين، ومع العمل في مهنة الخياطة أنا وإخوتي قررنا فتح مصنع خياطة، فبعنا بيتنا الصغير واشترينا بيتًا أكبر، وبنينا مصنعًا للخياطة وشغلنا بعض العمال معنا".

يسكت برهة والعبرات تخنقه، ثم يكمل: "وفي عام 2000م اشتعلت انتفاضة الأقصى، وأصبح الوضع بعدها صعبًا قليلًا، وبدأ يتأزم أكثر فأكثر، وأتت مشكلة قطع الكهرباء، ما أثر سلبًا على المصنع، فأغلقناه، فتدهور وضع العائلة ووضع العوائل التي كانت تقتات من وراء عملها في المصنع".

ويقول مقداد: "تزوجت في عام 2003م، وسكنت مع أهلي لضيق الحال، وأصبحت مسؤولًا عن عائلة الآن، ففكرت في فتح مشروع بسيط لكي يكون مصدر رزق ودخل، فبعت ذهب زوجتي وفتحت بقالة صغيرة، ونجح بحمد الله هذا المشروع، وكان جيدًا جدًّا، وأكرمني الله بثلاثة أولاد وبنت".

احمرت وجنتاه وهو يتابع قوله: "وفي مرحلة الحصار الخانق عام 2008م بدأ وضع الناس يتدهور، وتراكمت الديون عليهم في البقالة، وتراكمت الديون عليّ للتجار، وأصبح الوضع يرثى له".

يتنهد مقداد ويقول: "حاليًّا وقف الحال كليًّا، حتى إنني فكرت في الهجرة من غزة، وترك كل شيء خلفي، واعتقدت أنه الحل الوحيد، ولكن راجعت نفسي وتذكرت ما حصل لآبائنا وأجدادنا عندما هجروا من بلادنا واغتصبها الصهاينة، فلا نريد أن نعيد كرة عام 1948م، وجال في خاطري ما يحصل حاليًّا للشباب الذين يهاجرون من غزة ويذهبون إلى الموت بأرجلهم".

ويضيف: "ففكرت في فتح مشروع جديد، لأسد احتياجات عائلتي، خاصة أن أولادي أصبح لهم احتياجات ومطالب لا أستطيع تحقيقها لهم، فجعلت زوجتي تأخذ بعض الدورات في الطبخ لتنمي عندها هذه الموهبة، فتعد في بعض الأحيان بعض الطلبيات الصغيرة من الحلويات أو المعجنات، وأصبحت الآن تبحث عن بعض المؤسسات لدعمها لفتح مطبخ صغير لتستطيع الإنتاج".

ويشير مقداد إلى أن أحد الأصدقاء أنشأ قناة له على (يو تيوب) لنشر بعض وصفات الحلويات والمعجنات، حتى نشر بعض الفيديوهات لأولاده، لعلها تكون فرصة له وفتح باب رزق جديد.

اخبار ذات صلة