معركة ليست ككل المعارك, صوت الحق فيها أقوى من أباطيل الحاخامات, تحتشد الجموع الثائرة انتصاراً لشرف المكان المقدس, لن تمر جريمة التدنيس أو التقسيم, هذا الأقصى مُلك خالص لأهل الإسلام, هنا اجتمع الأنبياء يتقدمهم إماماً سيد ولد آدم, ليملك بهذه المكانة سيادة العالمين في الطُهر والرحمة "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين", فتحت له السماء من قلب أقصى المسلمين ليكون معرجاً للنبي صلى الله عليه وسلم, فهل تدوسه أرجل الأراذل؟! هل تلوث هواءه أنفاس الكراهية المنبعثة من شذاذ الآفاق, هيهات أن يكون ذلك وفينا عرق ينبض, تحتشد الجموع المقدسية يحذوها النصر المبين, فلا تبرح هذا التكليف رغم الصعاب والدم المسفوح وقيد الأسر, نحن حراس بوابة السماء, استأنس البراق جوارنا, فهنا السكينة مع تراتيل آيات الله, هنا الطمأنينة في أثر الرسول, هنا اكتمال دورة الحياة للأمة, بدون القدس لا حياة لا مجد لنا, بدون الأقصى كل شيء ناقص, كرامتنا, رجولتنا, شهامتنا, عزنا, وفخرنا, جميعها في مهب الريح إذ لم يستقر أمر الأقصى إلى إعلاء صوت الأذان الحر, وأضحى المسجد الأقصى آمنا للغادي والرائح, وهل يكون ذلك بغير انتصار, يعز الله به أهل الإسلام؟ لقد تخلت الأمة عن سر نهضتها وعلامة قوتها, وارتمت على جيفة التطبيع تحتضنها, وتركت أقصاها وقدسها وفلسطينها في ساحة الذبح بسكين قرار ترامب وساطورة تهويد نتنياهو, تحقيقاً لأضغاث أحلامهم الباطلة, في قهر أمة الإسلام على أرض القداسة في فلسطين, ملوك الإقطاعيات مشغولون بحماية عروش قادم لها الهلاك, وتبقى حقائق التاريخ هي الفصيل فيمن هو الشريف والمدافع عن حياض الإسلام ومقدساته؟ ومن ركن إلى ركبأبورغال, فلن ينال إلا الرجم كإبليس في موسم حج المسلمين إلى القدس في يوم نصرهم القادم.
من جديد تتكحل أعيننا بالنصر على بوابات المسجد الأقصى المبارك, في معركة الإرادات قيمة الانتصار أكبر مما نتخيل, وفي معركة الصمود أن تبقى ممسكاً بالقضية والذود عنها بحد ذاته انتصار على منظومة القمع والاحتلال, انتصارنا هزيمة لسياسات التهويد والطمس التي تمارسها قوات الاحتلال, الفوز في معركة الوعي بأن تبقى القدس إسلامية ولن تكون أورشليم, وأن يتصدر سُلم أولويات الشباب الفلسطيني كيفية صنع خلاص الأقصى من نير الاحتلال, في القدس معركة على التاريخ ومن أجل الحاضر وحفظ للمستقبل من التهويد.
حاول الاحتلال تنفيذ مخططاته في تقسيم المسجد الأقصى, عبر إغلاق باب الرحمة بتاريخ (18-2), كمقدمة للسيطرة على الجزء الشرقي من الأقصى لأغراض تهويدية مفضوحة, هبت الجماهير المقدسية في اعتصامها المفتوح أمام باب الرحمة, حيث أقامت صلواتها الخمسة في مكان الاعتصام, إصرار أبناء شعبنا على الدفاع عن المسجد الأقصى, مهما بلغت التضحيات, أربك الحسابات الصهيونية التي غفلت عن الروح الفلسطينية المنتفضة, والتي لا تقبل الدنية ولا الهزيمة, حاول الاحتلال قمع شعبنا بالإرهاب والاعتقالات العشوائية التي طالت العشرات من شباب القدس, زاد شعبنا استعداداً للمواجهة للتأكيد على الحق الفلسطيني الإسلامي الكامل بلا منازع في المسجد الأقصى, الصمود الأسطوري لشعبنا في باب الرحمة, أعطى رسائل في كافة الاتجاهات بأن استعجال معركة القدس سيدخل المنطقة في أتون معركة لن يوقفها قمع أو يبطئ استمرارها تخاذل.
في يوم الجمعة (22-2), تقدمت الجموع المؤمنة, لتفتح باب الرحمة ومصلى الرحمة الذي طال إغلاقه منذ (16)عاما, تتجدد روح الانتصار في هذا الفعل البطولي, كما هو الانتصار الخالد في معركة البوابات الإلكترونية في صيف (2017), يدعمها حالة الرباط الدائم من الرجال والحرائر في ساحات الأقصى, يتكامل المشهد البطولي في الأقصى, يجب البناء عليه بوضع خطط مدروسة في كيفية كسر الحصار عن الأقصى وإعادة دورة الحياة في كل نواحيه وإشغالها بوظائفها من دروس العلم ودورات تحفيظ القرآن والندوات الإيمانية وغيرها, حتى لا يستغل الاحتلال أي فراغ يضع فيه أقدام التهويد الآثمة.
انتصار شعبنا في باب الرحمة جاء رغم الحصار والخذلان وبيع فلسطين قضية العرب والمسلمين الأولى في سوق وارسو وغيره, ليؤكد بأننا قادرون على صنع الانتصار أمام الهجمة التهويدية, بمقاومتنا واحتشادنا حول حقنا ووطننا وقدسنا وأقصانا, سنسقط المؤامرة ونكسر العدوان ونحفظ الثوابت ونحيي القضية في النفوس فتتعاهدها الأجيال إلى يوم النصر الموعود.