قائمة الموقع

سكان جورة الصفطاوي: "الشتاء عدونا الأول"

2017-02-05T06:53:48+02:00
جورة الصفطاوي (تصوير عمر الإفرنجي)

لم يكد ساكنو منطقة جورة الصفطاوي يلتقطون أنفاسهم من آثار منخفض جوي ضرب المنطقة أواخر عام 2016م، وينهون سباقهم مع الزمن لإصلاح ما خربته الرياح العاتية بإمكاناتهم الضئيلة، حتى باغتتهم السماء مجددًا بماء منهمر، فضاعفت معاناتهم وزادتهم كربًا على كرب.

ويعيش سكان جورة الصفطاوي التي تعرف بـ"جورة الموت" شمال مدينة غزة في ظروف حياتية يندى لها الجين منذ سنوات عدة، ما يجعل أقصى أمنياتهم العيش في مساكن تقيهم زمهرير الشتاء القارس، بدلًا من منازلهم الحالية _إن جاز المسمى_ المسقوفة بألواح الصفيح الهشة (الزينقو).

ومجرد مكوث أي زائر هناك دقائق معدودة كافٍ للحكم على المشهد الإنساني بأنه بالغ القسوة، وأن صور الفقر والمرض وغياب أدنى مقومات الحياة الصحية والبيئة حاضرة دومًا في تلك المنطقة المنخفضة عن سطح الشوارع المؤدية إليها.

حياة لا تطاق

ويقول رجل يُكنى بأبي سالم قاعود: "السكان جميعًا هنا يكرهون الشتاء أكثر من كرههم للفقر نفسه، هو عدونا الأول، منذ سنين ونحن نسمع وعودًا إيجابية من هنا وهناك، ولكن دون جدوى، الحال مثلما هو"، مشيرًا إلى أن سكان منطقة جورة الصفطاوي يفتقرون إلى الخدمات الحياتية الأساسية.

ويضيف بكلمات مشبعة بالأسى: "في الصيف نعاني من انتشار البعوض ولدغات الحيات (الأفاعي) في بعض الأحيان، وارتفاع دراجات الحرارة داخل معرشاتنا إلى دراجات لا يطيقها الكبير قبل الصغير، ولكن ذلك هين مقابل مشاكل فصل الشتاء ومياه الأمطار، التي تتسبب بغرق غرفنا وممتلكاتنا".

وبدا أبو سالم قبل حديثه إلى صحيفة "فلسطين" منشغلًا بتغطية سقف منزله الصغير ببعض الأقمشة والنايلون، محاولًا بذلك منع تسلل مياه الأمطار من بين تشققات ألواح (الزينقو) المهترئة إلى داخل ساحة منزله الذي لا تزيد مساحته على 65 مترًا مربعة، مع أنه يؤوي سبعة أفراد منهم أطفال.

ويشتكي أبو سالم من تقاعس الجهات الحكومية والخاصة عن حل مشاكلهم المعيشية والاقتصادية المتفاقمة عامًا بعد آخر، مبينًا أن أغلب سكان المنطقة عاطلون عن العمل نتيجة الحصار المفروض منذ قرابة العقد، وآثار الحروب الإسرائيلية المتتالية على القطاع الساحلي.

ويعمل بعض السكان في ورش تصليح السيارات، أو على العربات المجرورة بالدواب بغية جمع القطع البلاستكية والحديدية من الشوارع والأزقة مقابل أجر مالي زهيد، في حين تعد مواقد النار (الكانون) الرفيق الدائم لسكان تلك المنطقة كي تقيهم لسعات البرد القارس.

وعود معلقة

وغير بعيد عن مسكن المسن أبي سالم كان ثمة أطفال يلهون داخل مستنقعات مليئة بالمياه العادمة، التي تتدفق غالبًا من المناطق السكانية المرتفعة نحو "جورة الصفطاوي" التي ينخفض سطحها عن محيطها العام، ما يجعلها مصبًّا لمياه الأمطار والصرف الصحي طوال أيام الشتاء.

وتكتوي السيدة "نهاد" بنار المعاناة نفسها التي يعيش فيها أبو سالم منذ قرابة العقدين، وعن أحوالهم المأسوية تقول: "نقضي أصعب أيام حياتنا خلال فصل الشتاء والمنخفضات الجوية، التي ينتظرها الناس بشوق حتى يجتمعوا حول النار الدافئة، أما نحن فنغرق بمياه الأمطار وبركة المياه العادمة المجاورة لنا".

وتبين نهاد أنها تعيش مع أفراد أسرتها الخمسة داخل غرفة واحدة محاطة من الجوانب الأربعة بألواح (الزينقو)، لافتة إلى أن سكان المنطقة جميعهم ينتظرون بصبر نافد تنفيذ الوعود التي قطعتها بعض الجهات المسؤولة على نفسها خلال الأسابيع الماضية.

يذكر أن وزير الأشغال العامة والإسكان في حكومة الحمد الله مفيد الحساينة زار منطقة الصفطاوي نهاية الشهر المنصرم، واطلع على أحوال السكان وظروفهم المعيشية المعقدة، مؤكدًا أن حكومته ستعمل على حل مشكلتهم حسب برامجها الخاصة.

اخبار ذات صلة