فلسطين أون لاين

​مدة قصيرة على أوقات متباعدة

لا تكثر من "كرسي العقاب" مع طفلك

...
يجب التنويع في استخدام الأساليب التربوية، ومنها العقاب
غزة/ مريم الشوبكي:

كرسي العقاب أسلوب تربوي متبع في الغرب، وبه يعاقب الوالدان ابنهما عند الخطأ، أو البكاء بشدة، أو العناد، بإجباره على الجلوس وحده مدة عشر دقائق تقريبًا دون أي حراك، مع تجاهل تام له، وأصبحت تطبقه بعض الأسر في العالم العربي والإسلامي.

ولكن هذا الأسلوب التربوي وجد معارضة من بعض المربين واختصاصيي النفس، متهمين كرسي العقاب أنه يهدم قيمة الكرامة التي تأتي في المرتبة الأولى في أساليب التربية الوالدية العربية والإسلامية، فضلًا عن الآثار النفسية الخطيرة على الطفل من خوف وجبن، وتبول لا إرادي، وتأتأة، وكوابيس.

أوقات متباعدة

اختصاصي الصحة النفسية إسماعيل أبو ركاب بين أن كرسي العقاب هو نمط تربوي يستخدمه بعض الآباء والأمهات لإشعار الطفل بالذنب، وهو نوع من أنواع العقاب المعنوي.

وأوضح أبو ركاب لـ"فلسطين" أنه في بعض الأحيان الاعتراف بالذنب يكون أمرًا إيجابيًّا، بشرط أن يكون في وقته المناسب وبعد الذنب مباشرة، وفي أوقات متباعدة، ويكون بين الأم والأب والطفل، ولا يصل إلى حد يطول فيه العقاب.

وحذر من استخدام كرسي العقاب وقتًا طويلًا وعلى الدوام، لأن له مخاطر كبيرة على شخصية الطفل.

وأشار أبو ركاب إلى أن هذا الأسلوب هو أسلوب قديم حديث، بمعنى أنه يُعمل به في أكثر من مكان بالعالم، وكان القصد منه إهانة الطفل حتى لا يعود إلى ممارسة السلوك الشائن أو السلوك غير السوي.

ولفت إلى أنه لا يمكن تحديد من الدول التي تستخدمه، لأنه أسلوب أسري ينفذ داخل المنزل، ولم تفد التقارير النفسية من بعض الدول أن بعض المجتمعات تستخدمه دون أخرى.

قيمة الكراسي

هل كرسي العقاب يتعاكس مع قيمة الكرامة التي تعد بالمرتبة الأولى في أساليب التربية بالعالم العربي والإسلامي؟، أجاب أبو ركاب: "المحدد الأساسي لاستخدام أي أسلوب هو التكرار والشدة، بمعنى أن تكرار أي سلوك -حتى لو كان إيجابيًّا- ينعكس إلى سلبي".

وضرب مثالًا أن الزيادة في العاطفة تنعكس إلى سلوك عدم المبالاة، وعدم الالتزام بالقوانين الاجتماعية والأسرية، أما من ناحية الشدة فإن أي سلوك يقوم به الوالدان نوعًا من العقاب، ويزيد هذا عن حجم الجرم الذي ارتكبه الطفل؛ يفقد قيمته التربوية.

وأكد اختصاصي الصحة النفسية أهمية التنويع في استخدام الأساليب التربوية، ومنها العقاب، لأن الطفل مع الوقت يفعل أي سلوك مخالف، ولا يتأثر، لأن أسلوب العقاب المكرر يفقده قيمته التربوية، ويصبح غير مجدٍ.

وتابع: "فالتنويع في أساليب العقاب أمر مطلوب، وهنا ليس المقصود العقاب البدني فقط كما يفهمه بعض، وإنما العقاب المعنوي أيضًا، وينفذ العقاب لتعديل سلوكيات الأطفال، فإذا وجد أسلوب أفضل من العقاب لتعديل تلك السلوكيات فالواجب استخدامه".

سلوك غير العقاب

ولفت أبو ركاب إلى أن استخدام أي أسلوب غير تربوي ممكن أن يؤثر في الأطفال كثيرًا، خاصة أنهم يعيشون تحت أنواع شتى من الضغوط النفسية من المحيط الاجتماعي والأسري، وأن أي زيادة في الضغط النفسي عليهم من شأنها أن تزيد من الإشكالات النفسية، التي منها فقدان التركيز، وقلق المستقبل، والسلوكيات غير الإرادية مثل: التبول والتأتأة، والانطوائية، وفقدان الثقة بالنفس.

وشدد على أن الهدف من العقاب تعديل السلوك، فإن وجد أسلوب يعدل السلوك غير العقاب من المفترض القيام به، فلذلك إن العلاقات العاطفية السليمة من الاحتضان وتقريب الطفل والاهتمام به لها تأثير سحري عليه، وإن ما يحصده الوالدان أضعاف أضعاف ما يحصلان عليه من العقاب.