قائمة الموقع

​النيرب حولت الدراسة من حلم إلى حياة

2019-02-13T08:00:00+02:00

بقي حلم الدراسة والنجاح يراودها، فقد انقطعت عن ركب التعليم ما يقارب 12 عامًا، لأنها خُطبت في التوجيهي، ولم يحالفها الحظ بالنجاح، فلم تكمل تعليمها وتزوجت، وكانت تصيبها حرقة قلب عندما ترى زميلاتها في مناصب، وهي كل إنجازها أنها تزوجت، وأنجبت تسعة أبناء، لتتهيأ لها الظروف فيما بعد لتلتحق بالدراسة بعد مرض زوجها، فأكملت تعليمها الجامعي، وحصلت على وظيفة معلمة، لتُكرم بمرتبة أفضل معلم متميز على مستوى مدرسة حمزة بن عبد المطلب الأساسية.

ابتسام النيرب (46 عامًا) من سكان بلدة جباليا شمال قطاع غزة تتحدث عن تجربتها في العودة إلى المدرسة، وسلك التعليم.

قالت: "1990م كان عامًا أسود، فلم يحالفني الحظ في التوجيهي، وحصلت على معدل 75% في الفرع العلمي، ورسبت في مادة اللغة العربية بفارق درجتين فقط عن النجاح، ومن شدة سوء الحظ أنه وفق المنهاج المصري من يرسب بمادة فعليه إعادة السنة كاملة".

تلقت خبر رسوبها بصدمة كبيرة، خاصة أنها كانت من المتفوقات دراسيًّا، ولم يكن بقدرتها إعادة دراسة التوجيهي، لكونها مخطوبة من أحد أقاربها وينتظرون انتهاء السنة لإقامة حفل زفافها، تزوجت وعقلها يفكر في كيفية تحقيق حلمها بإكمال دراستها، ففي كل عام كانت تخطط للتسجيل، لكن حملها، أو رعايتها لطفلها يحولان بينها وبين تحقيقه.

وأضافت النيرب: "كانت والدة زوجي لا تريد إكمال تعليمي، فست البيت هي بنظرها أكبر شهادة أحملها، وأنه يكفيني الاهتمام ببيتي وأبنائي، وزوجي".

ولكن كانت الظروف والأقدار أقوى، فأصبح زوجها عاطلًا عن العمل بعد تركه العمل في الأراضي المحتلة عام 1948م، وفي عام 2002م أصيب بسرطان الرئة، فلم يكن بوسع والدتها إلا تشجيعها على العودة للدراسة، لأنها ستكون سلاحها في المستقبل.

وتابعت حديثها: "وبالفعل بت أفكر فيما سيحدث معي بعد تدهور الوضع الصحي لزوجي: من سيتكفل بمصروف أبنائي وتلبية احتياجاتهم؟، تقدمت للتسجيل والالتحاق بالتوجيهي قبل شهرين من عقد الامتحانات، ورفضت نصائح من حولي بالتحويل من الفرع العلمي إلى الأدبي".

بدأت النيرب تواجه التحديات والإحباطات ممن حولها، وتدحض الكلام الذي يلقى على مسامعها: "بعد ما شاب ودوه الكتاب"، فنسفت حقيقة هذا المثل، وألقته خلف ظهرها، علقت: "لم يكن لدي متسع من الوقت للاستماع إلى مزيد من الكلام؛ فلا أكاد أستطيع أن أدرس المنهج في شهرين، بعد انقطاع عن التعليم 12 عامًا".

في النهار تلبي احتياجات أبنائها وزوجها، وفي الليل تتفرغ لدراستها وكتبها، وتتجاهل تعب الحمل، قدمت الامتحانات، وظهرت النتائج بحصولها على 64%، ولكن رسوبها في مادة "الكيمياء" كان حائلًا دون وجود اسمها في سجلات الناجحين، لم تحبط وفي موعد الإكمال تقدمت للامتحان وهي حامل في الشهر التاسع.

وأكملت النيرب حديثها: "بدأت الآلام تشتد على زوجي، وأصبح بحاجتي أكثر، واضطررت إلى تأجيل الالتحاق بالجامعة"، وبعد وفاته سجلت في تخصص تربية ابتدائي بجامعة القدس المفتوحة.

كان عام 2003م بداية التحديات الحقيقية، فأصبحت المسئولية مضاعفة: الدراسة، والبيت، والأبناء، والحياة الاجتماعية، "ولكن بفضل الاستعانة بالله لم أقصر في أي جانب، وتخرجت في الجامعة بمعدل 83%، وبعدها مباشرة التحقت بامتحان توظيف حكومي، وكان ترتيبي الـ12 على مستوى الشمال، رغم كل المحبطين من حولي بأن فرصتي في التوظيف ضعيفة لكثرة أعداد الخريجين، وأن سني حينها 36 عامًا" تابعت.

بعد 11 عامًا في سلك التعليم كُرمت أفضل معلم متميز، ولم تحصل على هذا اللقب من فراغ، "تصفحت مواقع الإنترنت لمعرفة طرق التدريس الحديثة، وأحدث الألعاب التربوية، وأساليب التعامل لأطبقها على طلابي، وكنت أتقبل النقد بصدر رحب، خاصة خلال حضور المديرة والمفتش الحصص الدراسية، لضمان عدم تكرار الخطأ" قالت النيرب.

وأشارت إلى أنها اختيرت وفق عدة معايير، أهمها حصولها على تقدير جيد جدًّا في السنوات الثلاث الأخيرة بتقويم 85% فأكثر من المديرة والمشرف، وعدم تلقيها أي عقوبات أو إجراءات تأديبية.

اخبار ذات صلة