قائمة الموقع

فداء الحداد .. تمتعت بـ"التغذية البصرية" التي تلزم تصوير الطعام

2017-02-04T08:52:20+02:00
صورة أرشيفية لفداء الحداد

من سيدةٍ لا تعرف أن "تقلي بيضة" كما يقال إلى مُصورة طعام محترفة، أتقنت بـ"نَفَسٍ" جميل مزج المكونات بمقدارٍ من الشغف لتبتكر وصفةً "بقالبٍ" من الحب، لتصور بكاميرا "عينها" طبقًا "تأكله" العين قبل المعدة.

وترى أن فنّ تصوير الطعام ليس مهمًا إمكانيات الكاميرا المستخدمة فيه، بل المهم هو العين التي تقف وراء الكاميرا، فالتصوير عندها يحتاج إلى "نَفَس" مثلما يحتاج الطبخ إلى "نفَس"، وحسب رأيها أن "النفَس الطيب" في التصوير يساعد على تحسين قدرات المرأة المطبخية، ويرفع لديها البراعة في فن التزيين وتقديم الأطباق.

"فداء الحداد" (33 عامًا) فلسطينية الأصل أردنية النشأة، متزوجة وتقيم في السعودية منذ 11 عامًا، حاصلة على شهادة في البرمجيات وقواعد البيانات، احترفت فن تصوير الطعام منذ عامين، واختارتها علامة "بوك" العالمية لتروج لمنتجاتها من خلال ابتكار وصفات وتصويرها.

بدأت من توثيق أسفارها

تحدثت الحداد لـ"فلسطين" في اتصال هاتفي؛ عن سر نجاحها لتصبح مصورة طعام محترفة: "تزوجتُ وانتقلتُ إلى السعودية، والغربة هي التي صقلت كل ما لدي، حينما تزوجت لم يكن لدي أدنى اهتمام في المطبخ، ومثل "ما بتعرف تقلي بيضة" ينطبق علي تمامًا".

وأضافت: "أصبحتُ مجبرة على تعلم صنع الطعام سيما أن زوجي يعشق الأكل وذوقه عالٍ بحكم طبيعة عمله في الفنادق، لذا في البداية كل تجاربي كانت فاشلة، وكنت أستقي وصفاتي من أمي وحماتي".

وتابعت الحداد: "كان عندي وقتُ فراغٍ كبير, فزوجي دوامه طويل، بدأت بالاشتراك في مجموعات الطبخ على الفيس التي أضافتني إليها جارتي السورية، ومن يومها لم أكتفِ بتطبيق الوصفات فقط بل جذب انتباهي أيضًا طريقة تصوريهم للأطباق بطريقةٍ تشد الانتباه".

وبالتدريج بدأت المصورة الحداد بتصوير كل لحظة في حياتها بحكم غربتها لتُسجل أروع لحظاتها وترسلها لأهلها، لا سيما سفرها إلى الهند؛ فبدأت أولى تجاربها في التصوير بتأريخ الأماكن التي كانت تزورها هناك، وبدأت بالكاميرا العادية التي تقوم بتحميض الصور مباشرة آنذاك.

ومن ثم تطورت موهبتها التي بدأت كهواية فأصبحت "إدمانًا" لديها، حيث صارت تصور كل شيء تقوم به في يومها، وباتت تجربة الأكل الذي لم تتذوقه من قبل؛ سيما أنها وزوجها تحب أن تغامر في تذوق الأطباق الغريبة، وأصبحت تنشر صور أطباقها مرفقةً بالوصفة على صفحةٍ أنشأتها لهذا الهدف على "فيس بوك"؛ وبدأت بكاميرا عادية ومن ثم صارت بكاميرا الهاتف المحمول.

أي شخصٍ يشعر بالنشوة والسعادة إذا زاد عدد متابعيه، فكيف إذا تجاوزوا 16 ألف متابع، تعقب الحداد بقولها: "لا يهمني التفاعل على الصفحة بقدر عشقي للتصوير فهو يشعرني بالسعادة لأنها في الأساس هواية وقد تركتها لفترة لكني لم أستطع وعدتُ إليها؛ باختصار لقد أدمنتها".

النقد هو المعلم

وقالت الحداد: "النقد هو المعلم الأساس لي, إذ أفادني في صقل مهاراتي، كما أن اشتراكي بـ"جروبات" التصوير على مواقع التواصل الاجتماعي طور من قدراتي وعلمني القواعد والأساسيات من خلال نقد صوري".

وقالت الحداد: "أي شخص لديه شغف في التعلم يلزمه تقبل النقد، أتذكر أني تعثرت في إحدى "الجروبات" بمصور اتسم بقسوة النقد، رغم ذلك كنت أهتم لملاحظاته وآخذها بعين الاعتبار وأطبقها, وفعلًا رويدًا رويدًا صرتُ أُحسِّن من قدراتي حتى أصبحت "اسمًا معروف" على هذه المجموعات".

وجود مصورة تحترف فن تصوير الطعام حاليًا على الساحة العربية هو "نادر"، لذا فإن إبداعها الذي ظهر في صور "الحداد" جعلها تحظى بثقة الطاهية الأردنية "غادة التلي" ومنحتها فرصة لعرض وصفاتها بالصور في المجلة التي تصدرها "زعفران وفانيلا".

ووفق تجربتها تؤكد أنها لا تحتاج إلى كاميرا محترفة لإبراز إبداعها لتظهر صورها بطريقة محترفة، فالصورة المبدعة تخرجها من كاميرا "جوالها" البسيطة، فأي موهوب يستطيع أن يلتقط صورة جميلة بأقل المعدات، لذا تعتمد ضيفتنا على الأدوات المنزلية البسيطة بدلًا من معدات التصوير باهظة الثمن.

وتضيف الحداد: "بدلًا من "عاكس الإضاءة" استخدم كرتونة بيضاء كـ"عاكس"، وأعتمد على ضوء الشمس كعامل إضاءة ومع التدريب والتكرار تعلمتُ كيفية توزيع الإضاءة".

ووصفت أن تعلم التصوير مثل تعلم اللغات يحتاج إلى ممارسة وتغذية بصرية دائمة، وإهمال ممارسته يعيد هاويه إلى نقطة البداية.

روح المصور وشخصيته

"التغذية البصرية" مهمة جدًا للمصور في تصوير "الأغذية"، فمثلًا لتصوير طبق دجاج، تقوم بالبحث على الإنترنت على صور لأطباق الدجاج وكيفية طريقة تزيينه لعرضه بأحسن صورة، ومع الممارسة المستمرة لتصوير الطعام تتطور المهارات.

ولفتت إلى أنه في بداية تعلم فن التصوير مسموح تقليد الصورة بحذافيرها مع محاولة استنباط إعدادات الصورة وانعكاساتها والإضاءة كذلك، مضيفة: "متى تطور المصور يصبح التقليد نقطة سلبية تؤخذ عليه، فالمصور يجب أن تظهر روحه وشخصيته في الصورة، وبمجرد أن يرى الناس الصورة يعرفون مصورها قبل أن يقرؤوا اسمه".

استطاعت بموهبتها ومهارتها ومثابرتها على التعلم، أن تنال اعجاب ماركة "بوك" العالمية التي تعاقدت معها، عن ذلك تقول الحداد: "بوك" لم تهتم كثير بعدد متابعي صفحتي على مواقع التواصل الاجتماعي، قدر اهتمامهم بنوعية الصور وهذا دليل نجاحي وخلاصة العامين اللذين عملت خلالهما على تطوير مهاراتي".

نصيحة

وعن تحول الهواية إلى مصدر دخل، تقول: "التصوير أساسه هواية وشغف، ولكن تحوله إلى مصدر دخل هذا أكبر نعمة، فقبل "بوك" عملت مصورة للائحة طعام لمطعم عالمي في السعودية".

ولمن لا يعرف, فإن "فداء" هي إحدى مؤسسات مدونة نكهة عربية التي تهتم بإبراز الأطباق التراثية العربية، والتي كان وراء إنشائها قصة سرقة "يهودي" لأحد الأطباق التراثية الفلسطينية وإظهارها على أنه طبق "إسرائيلي".

تحدثت عن ذلك قائلة: "نكهة عربية" هو مبادرة يضم 100 عضو هاوية للطبخ والتصوير، كنا مشتركات في "جروب" تصوير طعام أجنبي، تفاجأنا بأحد اليهود الذي كان عضوا في المجموعة بتنزيل صورة لطبق سلطة فلسطيني على أنه صحن من التراث اليهودي".

وأضافت: "حينها ثارت ثائرتنا وعلقنا على صورته "أنتم سرقتم أرضنا، وتحاولون سرق تراثنا", فما كان من المسئولين على المجموعة إلا حذفنا جميعًا، لذا قررنا إنشاء مدونة لنشر الأطباق التراثية الفلسطينية دفاعًا عنها، حتى توسعت المدونة وشملت الأكلات العربية التراثية، وانضمت إلى المجموعة عضوان أجنبيتان أحبتا الفكرة، وتوثيقًا لذلك كل يوم أربعاء نطل على إذاعة "مونتي كارولو" للحديث عن هذه المدونة".

وعن "خلطة" نجاحها، أكدت فداء أن المثابرة هي أساس النجاح، وكذلك كلمات التشجيع والدعم من الأهل والزوج والصديقات كذلك هو أساس الاستمرار.

وعن النصيحة التي تحب أن تقدمها لهواة فن تصوير الطعام مثلها، تنظيم الوقت، ومن ثم التجربة وتكرارها لتعرف على أساسيات اللقطة، وتقبل النقد ثم النقد ثم النقد باعتباره أكبر معلم للإنسان، فالمجاملة لا تحسن المستوى، ويجب أن يحافظ المصور على تواضعه لأن التكبر يفقده محبة الناس.

مجبولون على الإبداع

واستدركت قائلة: "لأني وصلت لمستوى كبير في التصوير، شعرت بضغط كبير أتعبني وأصبحت غير قادرة على التقدم خطوة للأمام وفي نفس الوقت كنت خائفة من العودة إلى الوراء، وأردت المحافظة على مستواي، لذا اعتزلت التصوير لفترة خوفًا من التراجع، ولكن بدعم من زوجي وصديقاتي عدت مرة ثانية".

هل يمكن أن نطلق اليوم على "فداء" محترفة فن تصوير الطعام، أجابت: "أرفض أن أطلق على نفسي محترفة وفي نفس الوقت أرفض تسميتي بالمبتدئة لأني بذلك أظلم نفسي، شتان ما بين بداياتي وما أنا عليه الآن بعد عامين من الاحتراف".

وأكدت الحداد أن المعرفة تصنع المصور ولكن الأدوات لا تصنع المصور، بل يحتاج إلى موهبة يمكن أن تتطور لتأخذه إلى مكان أبعد حيث الاحترافية.

وفازت الحداد بالعديد من المسابقات التي أقيمت في فن تصوير الطعام على المستوى العربي وحتى على مستوى بعض "الجروبات" الأجنبية حيث حصلت في إحداها على أفضل صورة لشهر يناير.

وختمت حديثها: "كل منا لديه وقت يجب أن يستغله لأنه محاسب عن وقت الفراغ الذي لديه، فنحن مجبولون بالفطرة على الإبداع, فإذا كان كل إنسان أعطى نفسه حقها سيكتشف أن لديه موهبة ويتسنى له أن يبدع في مجالٍ ما؛ لم يكن يعرفه عن نفسه".

اخبار ذات صلة