"حكومة اللون الواحد أو حكومة الموالاة" ربما هو أدق وصف للحكومة التي تعتزم حركة فتح تشكيلها دون الفصائل الوازنة، كحركة المقاومة الإسلامية حماس، وحركة الجهاد الإسلامي، والجبهتين الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين، وهو ما يعده مراقبون خطوة أخرى باتجاه فصل الضفة سياسيًّا عن الوطن.
ومع أن حكومة رامي الحمد لله التي أعلنت استقالتها وحملت اسم حكومة "الوفاق" فشلت في تحقيقه الأصل أن تحل بتوافق وطني كما شكلت وفق إعلان الشاطئ عام 2014م، وفق رأي اختصاصيين، تحدثت إليهم صحيفة "فلسطين".
وأعلنت "الشعبية" ثاني أكبر فصيل داخل منظمة التحرير رسميًّا رفضها الانضمام إلى الحكومة الفتحاوية الجديدة، بعد مشاورات حركة فتح معها، واشتركت معها في هذا الموقف "الديمقراطية".
ويعيق تفرد رئيس السلطة محمود عباس بمنظمة التحرير انضمام "حماس" و"الجهاد" إليها.
أبعاد سياسية
ويقول الكاتب المحلل السياسي طلال عوكل: "إن حكومة الحمد لله التي كانت تحمل اسم حكومة الوفاق مع أنها فشلت في تحقيق هذا الوفاق شكلت بتوافق فلسطيني بعد إعلان الشاطئ عام 2014م"، عادًّا حل الحكومة فك ارتباط مع الوسائل والآليات التي اتبعت في تحقيق المصالحة الفلسطينية.
ويضيف عوكل لصحيفة "فلسطين": "إن فتح ذاهبة باتجاه جملة من الإجراءات العقابية، تفسرها حالة التصريحات الإعلامية المتواصلة الصادرة من قادة فتح بالضفة".
ويرى أنه من حيث المبدأ إن الحكومة التي تعتزم فتح تشكيلها يطغى عليها اللون الفتحاوي، خاصة أن الجبهتين الشعبية والديمقراطية أعلنتا عدم المشاركة في الحكومة، ما يزيد حالة الغموض حول أهداف السلطة من هذه الخطوة.
ويعتقد أن لهذه الحكومة الفتحاوية أبعادًا سياسية، وهي خطوة أخرى باتجاه تعزيز "الفصل"، و"تمكين" الاحتلال الإسرائيلي، والاستفادة من الوضع الفلسطيني لإضعاف الأطراف الفلسطينية.
من جانبه يعتقد الكاتب المحلل السياسي عماد محسن أن توجه فتح نحو تشكيل حكومة برام الله سيقود إلى تمزيق الحالة الوطنية، وأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال تعزيزه الوحدة كما يدعي قادة فتح.
ويشدد محسن في حديثه إلى صحيفة "فلسطين" على أن الأصل كان الإبقاء على المجلس التشريعي المنتخب، والذهاب إلى انتخابات شاملة، وعقد الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، والاتفاق على تشكيل جبهة إنقاذ وطني، وتشكيل حكومة وحدة وطنية من الفصائل كافة.
ويعد مراقبون تجاوز فتح والسلطة تلك المطالب تعديًا على الوحدة، وضربًا لعرض الحائط بالخطوات والمساعي الفلسطينية في مواجهة صفقة القرن.
وعن سبب إصرار فتح والسلطة على تشكيل الحكومة يقول محسن: "على ما يبدو هناك أجندة غير وطنية تحكم سلوك هؤلاء، الذين يفكرون بمنطق المصلحة الضيقة لمجموعة رهنت مصالحها بالاحتلال الإسرائيلي والغطاء الأمريكي".
ويتساءل: "كيف ستجابه حكومة مشكلة من حركة فتح صفقة القرن، وهي تدير الظهر لكل الفصائل التي كان يمكن البناء معها على إطار لمواجهة التحديات؟!".
ويلفت إلى أن حركة فتح عقدت المؤتمر السابع لهذه الحركة على قاعدة الإقصاء والتهميش للفتحاويين، وعقدت المجلس الوطني العام الماضي دون مشاركة القوى الفصائلية الفاعلة بالساحة الفلسطينية، وبعده المجلس المركزي في غياب المزيد من الفصائل، وحل المجلس التشريعي المنتخب دون أي مسوغ قانوني.
"الآن تريد (فتح) تشكيل حكومة موالاة لها، حتى الفصائل الوازنة لم تشارك فيها (...) فماذا بقي من الوحدة؟!" والقول لمحسن.
ويعتقد أن المخرج والحل هو الذهاب إلى تشكيل جبهة إنقاذ وطني، ولقاء الأمناء العامين للفصائل والاتفاق على برنامج وطني جامع، عادًّا ما يحدث بمقر المقاطعة في رام الله لا يؤسس لوحدة وطنية ولا يدعم قيام نظام سياسي فلسطيني.
ويشير إلى أن السلطة بهذه المنهجية التي تمارسها ستصعب على الشعب الفلسطيني مواجهة الجرائم الاحتلالية بحقه، وهي تتجه لسياسة الإبقاء على رئيس للسلطة على غرار بعض الأنظمة العربية بالنظام الملكي والتوريث وإلغاء الطرق الديمقراطية.
ويعد محسن ذلك "استغفالًا" للمواطن الفلسطيني، واعتداء على الحالة النضالية والكفاحية التي جسدها الشعب الفلسطيني بمقاومته الطويلة المستمرة منذ عقود.
ويكمل المحلل السياسي: "إن المواطن الفلسطيني يطالب بانتخابات عامة وشاملة لرئاسة السلطة والمجلسين الوطني والتشريعي".