الكون يقوم على نظام دقيق، والنظام منظومة انضباط، وطريق النجاح الأول، ولا نجاح دون منظومة متكاملة، ولا منظومة دون تخطيط، ولا تخطيط دون أهداف محددة.

أكبر طامة يقع فيها الشباب هي العشوائية، والتحرك بها دون وضع أهداف محددة، أو وضع سقف زمني لكل هدف...

فأهم خطوات النجاح خطوة التخطيط، التي تنبني عليها بعد ذلك آلية التحرك وكيفيتها. وكثيرا ما يكون الشباب عرضة للفشل بسبب عدم وعيهم بأهمية التخطيط أو لخطأ في طريقة تخطيطهم، فليس هناك مشروع فاشل ولكن توجد خطة فاشلة.

إن عشوائية التحرك تجهز على حماسة الشباب، حيث تختلط الأهداف، أو يتراكب بعضها فوق بعض، ما يولد الضغط في بعض المراحل أو التفلت من بعض الأهداف للتفرغ لغيرها، وهذا بالتدريج يعزز قيمة التنازل عند الشباب عن طموحاتهم.

فعلى الشباب وضع خطط لمستقبلهم منذ بداية حياتهم، وتحديد أهدافهم، والسقف الزمني الأقصى لتحقيق كل هدف، ووضع خطة بديلة في حين فشلت الطريقة في تحقيقه، أو استبداله بهدف آخر كان أقل أهمية، وُضع على هامش الاحتياط.

إنما تقوم الأمم على النظام والدقة، فقد سير الله الكون من حولنا وفق نظام دقيق خُطط له، فصار يسير على وتيرة متناسقة، فالليل ثم النهار والشمس لا تجتمع بالقمر، الفصول تأتي بانتظام، فكل وُجد ليحقق هدفا ما. وضع خطة مجدولة لا يكلفك الكثير بل يعمل على تخفيض قيمة الضريبة المدفوعة من وقتك وجهدك وصحتك ومالك.

لذا عليك أن تبدأ بالأهداف الأكثر أولوية بالنسبة لك، التي ترى أن حياتك سترتكز عليها، وهي الدراسة والعمل والسكن والزواج... لا بد أن تكتسب أمورًا متعددة قبل البدء في خوض غمار الحياة الأكاديمية أو الأسرية، تسعفك فيما بعد، وتعينك على المضي قدما في حياتك بسهولة ويسر، ومنها: أن تحصل على (رخصة القيادة، إجادة اللغة الإنجليزية، تتلقى بعض دورات فن القيادة الحياتية).

بعد تحديد الأهداف يتم الانطلاق وفق خطى واثقة، والثقة بالقدرات الذاتية يعد من أهم الأمور التي تسهم في نجاح أي هدف، والبعد عن السلبية ومسبباتها من المواقف والأشخاص.

على الشاب أن يضع احتمالية الفشل، وأن تكون لديه القدرة على تقبل ذلك، والاستمرارية في المحاولة. جدولة الأهداف تؤدي بالشاب نحو فكرة التنظيم والدقة، وتكون منبها للوقت والعمر، فماذا حققنا في العام المنصرم مثلا؟ وما جدوى ما حققناه؟ وماذا سنحقق هذا العام؟ وما أسباب الفشل إن فشلنا؟ وكيف سنعالجه؟

كل هذه الأسئلة توضح أهمية التنظيم، وتعطينا لمحة تقديرية عن قدراتنا بشأنه. إنما يتحقق الهدف بمدى سيرك تجاهه وتحديده بدقة، ثم السعي بجد، وبذل أقصى مجهود للوصول، والتحلي بالأخلاقيات العالية، والإيمان بأن الله لا يضيع أجر المجتهد، ولو طالت فرصته، إنما يقتل الشاب لحظات اليأس التي يتركها تتنامى بداخله حتى تتضخم وتقضي على طموحه، ويصبح مجرد هيكل يدب على الحياة دون روح.