فلسطين أون لاين

​12 عامًا على اتفاق مكة.. عباس يسير في "الاتجاه المعاكس"

...
صورة أرشيفية
غزة/ نبيل سنونو:

اتجهت الأنظار في 2007 إلى مكة المكرمة، حيث بدأ وصول وفدَي حركتي المقاومة الإسلامية حماس، وفتح هناك في 5 يناير/كانون الثاني من ذلك العام، بهدف إبرام اتفاق لتشكيل حكومة وحدة وطنية، لكنّ مراقبًا يتهم رئيس السلطة محمود عباس بإفشال اتفاقات المصالحة المتعددة.

واكتسحت حماس نتائج الانتخابات التشريعية في 2006، بحصولها على 76 مقعدا من أصل مقاعد المجلس التشريعي البالغة 132.

وهدد عباس عقب يوم من أداء الحكومة برئاسة إسماعيل هنية (رئيس المكتب السياسي لحماس حاليا)، اليمين الدستورية في 2006، باستخدام صلاحياته الدستورية بحلها إذا أصرت على موقفها الرافض للتفاوض مع (إسرائيل) والاعتراف بها، ثم صادر من الحكومة السيطرة على الأجهزة الأمنية والإعلامية والمعابر والحدود.

كما طالبت (إسرائيل) المجتمع الدولي بمحاصرة قيادات حماس وحكومتها سياسيا، ورفضت استقبال الأجانب الذين يلتقون بهذه القيادات، ثم شنت قوات الاحتلال هجوما بريا وجويا اختطفت خلاله 64 مسؤولا بينهم ثمانية وزراء و21 نائبا وعدد من رؤساء البلديات في مناطق الضفة والقطاع تنفيذا لتهديداتها بشل الحكومة برئاسة هنية.

وفرضت الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي عزلة سياسية على الحكومة، وأقر الكونغرس الأميركي في 23 مايو/ أيار 2007 قانونا يمنع تقديم المساعدة للفلسطينيين، ويعد كل دعم مقدم لهم لا يمر عبر ما وصفها بـ"القنوات الشرعية والرسمية إرهابا" أو مساندة له، على حد زعم القانون.

ووقعت حماس وفتح في الثامن من فبراير/شباط 2007 بمكة المكرمة على اتفاق يقضي بتشكيل حكومة وحدة وطنية.

لكن عباس بعد تشكيل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة هنية، لجأ إلى تشكيل حكومات أخرى منفردا في رام الله المحتلة منذ يونيو/حزيران 2007، وأمرت السلطة موظفيها في القطاع بالاستنكاف عن العمل.

ومرت جهود المصالحة الفلسطينية بمحطات عدة، منها في 2009، بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي على غزة في 2008، عندما تجددت الوساطة المصرية بين الفصائل الفلسطينية، حيث أعدت القاهرة خلاصة أفكارها فيما بات يُعرَف بـ"الورقة المصرية" التي طرحتها في سبتمبر/أيلول 2009.

واجتمعت الفصائل الفلسطينية في القاهرة في 20 ديسمبر/كانون الأول 2011 برعاية مصرية، لبحث آليات تنفيذ اتفاقية الوفاق الوطني التي وقعت عليها الفصائل بالقاهرة في الرابع من مايو/أيار 2011.

ووقعت حماس وفتح في العاصمة القطرية الدوحة في السادس من فبراير/شباط 2012 اتفاقا للمصالحة.

وفي 2014 وقعت حماس وفتح إعلان الشاطئ، وبموجبه تشكلت حكومة رامي الحمد الله التي تسير حاليا الأعمال في رام الله المحتلة، بعد قرار عباس تشكيل حكومة جديدة بناء على توصية من اللجنة المركزية لحركة فتح، تقاطعها الجبهتان الشعبية والديمقراطية وعدد من فصائل منظمة التحرير، ولا تضم حركتي حماس والجهاد الإسلامي.

ويؤكد المراقبون أن حكومة الحمد الله تخلت عن مسؤولياتها في قطاع غزة. ورغم أحدث اتفاق مصالحة وقعته حماس وفتح في 2017 في القاهرة، فرضت السلطة إجراءات عقابية على قطاع غزة شملت الخصم من رواتب موظفيها في القطاع دون الضفة بنسب تتراوح بين 30% و70%، ومست قطاعات حيوية كالكهرباء والصحة.

ورد عباس، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، على تفاهمات بيروت في يناير/ كانون الثاني 2017 حول المجلس الوطني، بعقده منفرداً في رام الله بالضفة الغربية المحتلة نهاية أبريل/ نيسان الماضي، في حين قابل اتفاق المصالحة الموقع في القاهرة بأكتوبر/ تشرين الأول 2017، باستمرار فرض الإجراءات العقابية على قطاع غزة.

ويقول مدير عام مركز "باحث" للدراسات الإستراتيجية، وليد علي: لا أعتقد أن هناك إمكانية لأن يمضي عباس في طريق المصالحة، مفسرا بأن اتفاق أوسلو الموقع سنة 1993 "صُمم ليخدم العدو الصهيوني وينهي حركة التحرر الفلسطينية ويصفي القضية وهو عكس ما تنشده أي مصالحة حقيقية".

ويضيف علي لصحيفة "فلسطين" أنه ليس بإمكان عباس الذي يستمر في اتفاق أوسلو"أن يقدم على شيء يخدم القضية الفلسطينية"، وفق قوله.

ويوضح علي أن القضية الفلسطينية هي تحرير الأرض وعودة اللاجئين الذين اقتلعتهم العصابات الصهيونية من ديارهم، وليست بناء دولة تتعايش مع "المشروع الصهيوني" الذي احتل فلسطين واقتلع شعبها الفلسطيني وجلب مستوطنيه من أبعد أصقاع الأرض ليحلوا محله، ولا يعترف لهم بأي حقوق.

ويتابع: هذه هي حقيقة القضية الفلسطينية، وغير ذلك يمثل عبثا أو تخريبا لها وكيا للوعي للقبول بالاحتلال.

وينبه علي إلى أن "احتلال الإرادة الوطنية أخطر من احتلال الأرض" وأنه عندما تكون الأرض محتلة وتتوفر إرادة وطنية غير محتلة تستطيع أن تستعيدها، أما إذا كانت الإرادة محتلة فهنا "الكارثة الكبرى".

ويبين مدير "باحث" أن من يعمل في مواجهة الاحتلال ويقاومه بأشكال المقاومة الشعبية بما فيها المسلحة ومسيرات العودة وكسر الحصار السلمية فهو يتناقض مع "المشروع الصهيوني" ويفشل ما تسمى "صفقة القرن".

وأكمل علي: "أما من يسعى لضرب الوحدة الفلسطينية ومنع العودة إلى الثوابت الوطنية ولا يعرف ما هي خريطة أرض فلسطين حتى الآن ويتنازل عن جلها ويريد التفاوض على جزء منها فهو يعمل على تصفية القضية وتمرير صفقة القرن".