فلسطين أون لاين

هدية "عليان" لمعلمة ابنتها أقحمتها في "صناعة العرائس"

...
رفح- ربيع أبو نقيرة:


الرد كان سريعًا من السيدة هناء محمد عليان (47 عامًا) بالقول: "هذه المبالغ البسيطة والزهيدة سترت بيتي، والحمد لله".

ردها كان عندما سألها مراسل صحيفة "فلسطين": "لماذا كل هذا الوقت والجهد والتعب مقابل مبالغ زهيدة جدًّا؟!".

السيدة عليان المتزوجة من عائلة السدودي تكافح ليل نهار من أجل الوقوف إلى جنب زوجها، وإسناده في توفير أدنى متطلبات الحياة اليومية للعائلة.

عملت مدة في تصنيع أنواع من المنظفات يدويًّا في منزلها بالحي السعودي "2" غرب مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، حتى منعها الطبيب من ذلك لمعاناتها مرض تليف الرئة.

أما الزوج الذي يتقاضى مبلغًا لا يزيد على 50 شيكلًا كل أسبوع مقابل تنظيف المسجد المجاور للمنزل فيعاني مرض الربو الشعبي، ولديه مشاكل في الكلى أجري له لعلاجها عمليات جراحية عديدة، ولا يقدر على العمل.

عانت العائلة على مدار 14 سنة أشد المعاناة مع البيوت المؤجرة، بعدما هدم الاحتلال الإسرائيلي منزلهم في حي السلام، الواقع على الحدود الفلسطينية المصرية، قبل 19 عامًا.

وعن مسيرة معاناتها تقول السيدة عليان: "أونروا كانت تصرف مبلغ 100 دولار بدل إيجار، ولم تكن تكفي مع أزمة السكن وارتفاع الإيجار، فكنا نكمل الإيجار من جيوبنا، إلى أن تسلمنا شقة في الحي السعودي قبل أربع سنوات".

ويسكن في الشقة 13 فردًا، هي وزوجها وأبناؤها -اثنان منهم متزوجان- وأحفادها.

اتخذت عليان من صناعتها هدايا عرائس يدويًّا مصدرًا للرزق تحت الحصار الإسرائيلي، وانعدام فرص العمل، وزيادة نسبة الفقر والبطالة، والضائقة التي يمر بها سكان قطاع غزة.

وعن قصة اقتحامها مجال المشغولات اليدوية قالت عليان: "رأيت تحفة على شكل عروس عند جيراننا، وحاولت صناعة عروس مثلها، فلم أستطع، فسألت الجارة عن الطريقة، فرفضت، وقالت لي: (إن الطريقة هي سر المهنة التي تدر علي دخلًا)".

وتابعت: "لجأت إلى جارة أخرى؛ فدلتني على طريقة للتعلم عبر الإنترنت، فنزلت لي (فيديو) تعليميًّا على هاتفي، وتعلمت الطريقة خطوة بخطوة".

وذكرت أن الهدية الأولى التي صنعتها تحفة على شكل عروس صغيرة، أهدتها إلى معلمة ابنتها سجى في المرحلة الإعدادية لتفوقها في الدراسة، من أجل الاهتمام بها أكثر، والمحافظة على مستواها التعليمي.

وأضافت عليان: "زميلات المعلمة أعجبن بالهدية، فطلبن مني صناعة عدد من الهدايا المماثلة"، مشيرة إلى أنها صنعت لهن طلبهن، وباعتهن بسعر التكلفة.

وأكملت: "لم يكن بحسباني أنني سأبيع الهدايا"، مبينة أن العروس الصغيرة تكلفها نحو 7 شواكل وتبيعها بسعر 10 شواكل، أما العروس الكبيرة فتكلفها نحو 20 شيكلًا وتبيعها بسعر 25 شيكلًا.

وذكرت عليان أن طلب العديد من الزبائن العرائس شجعها على مواصلة صناعتها وتزيينها، مشيرة إلى أنها بصدد صناعة عدد من العرائس بألوان ومواصفات محددة لعدد من المناسبات الشخصية للزبائن، منها أفراح، ومناسبات ميلاد للأطفال.

وبينت أن صناعة أربع عرائس صغيرة يستغرق يومًا كاملًا، في حين تحتاج إلى يوم كامل أيضًا لصناعة عروس بحجم كبير، لافتة إلى أن أزمة الكهرباء تقف عائقًا أمامها، الأمر الذي يضطرها إلى العمل أحيانًا في ساعات الليل وقت وصل الكهرباء.

وتستخدم مواد متوافرة، مثل: الكرتون وورق الفوم (الفلين) وآنية بلاستيكية وحديدية فارغة وعرائس بلاستيكية وسيليكون لاصق، تصنع منها: عرائس ومقالم وحاويات مناديل ورقية، وأشياء أخرى متعلقة ببعض المناسبات الخاصة.

وقالت عليان: "الحمد لله، هذه المبالغ البسيطة تستر بيتي، خاصة بعد إصابة ابني في قدمه في مسيرات العودة قبل شهرين، وجزء من مسئولية البيت أصبح على عاتقي".

وأكملت: "لدي أفكار جديدة أريد تنفيذها"، متمنية تطوير مشروعها، والحصول على الدعم المناسب لتنفيذ تلك الأفكار، إلى جانب أمنيتها إنهاء نجلها حسين الدراسة في الجامعة بتخصص التربية الرياضية، الذي تقف أمامه الرسوم الدراسية عقبة كبيرة.