فلسطين أون لاين

براء عاصي.. زار والده بسجون السلطة صغيرًا وصار أحد معتقليها كبيرًا

...
صورة أرشيفية
سلفيت-غزة/ خضر عبد العال:

لم يدرك براء عاصي (23 عامًا) حينما كان طفلا عام 2007 معنى الاعتقال السياسي، عندما كان يزور والده في أحد سجون أجهزة أمن سلطة رام الله، سوى بعد نحو عشر سنوات حينما صار أحد معتقليها وهو في مقتبل عمره.

يقول سائد عاصي (46 عامًا) من بلدة قراوة بني حسان وسط سلفيت شمال الضفة الغربية المحتلة إنه "في مساء 29 يناير/ كانون الثاني الماضي، حاصرت قوات جهاز الأمن الوقائي التابع للسلطة منزل العائلة، ثم اقتحمت المنزل تريد اعتقال ابني براء".

وأخبر "عاصي" الذي يعمل في التجارة الحرّة صحيفة "فلسطين" أن ابنه براء من مواليد 1996 "وعى على الدنيا في ظل أحداث انتفاضة الأقصى الثانية، وكان مُنشدًّا لمتابعة ما يجرى من جرائم للاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء شعبه، وترعرع مدركا أن هذا العدو يجب اقتلاعه من أرضنا".

ولفت "عاصي" وهو أسير محرر من سجون الاحتلال إلى أنه معرض للملاحقة الأمنية منذ عام 2007، حيث اعتقلته أجهزة أمن السلطة مرات عدة، أما الاستدعاءات "فحدّث ولا حرج".

"وفي إحدى مرات الاعتقال كان براء لم يبلغ العاشرة من عمره، جاء لزيارتي في أحد سجون السلطة، وقد علت علامات الدهشة على محياه، حينما سألني مستغربًا: "هؤلاء (السلطة) يتكلمون العربية مثلنا، ليش معتقلينك يابا؟".

ويرجع الأب بذاكرته إلى يوم قال له الضباط: "هذا ابنك عقله سابق جيله"، فسأل الأب: لماذا تقول هذا الكلام؟ فأجاب الضابط: لأنه سألني عن سبب اعتقالك، وأصرّ أنك بريء.

وحصل براء على السند المتصل في القرآن الكريم، بعدما أتم حفظه كاملًا في برنامج الشفيع عام 2006، في حين يشهد له كل من قابله بدماثة أخلاقه، إلا أن هذا كله لم يشفع له من الملاحقة الأمنية، فما إن بلغ الثلاثة عشرة من عمره حتى وُضِع على قائمة الاعتقالات والاستدعاءات لدى أمن السلطة، وفق والده.

وأنهى براء الثانوية العامة بمعدل امتياز رغم الظروف الصعبة التي مرت بها عائلته من اعتقالات واقتحامات من السلطة والاحتلال، ثم التحق بكلية الهندسة في جامعة بيرزيت بتخصص الهندسة الكهربائية.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، اعتقلت قوات الاحتلال براء بتهمة النشاط الطلابي في الجامعة، ولم يتمكن من إتمام السنة الدراسية الأولى، حيث حُكم بالسجن لمدة عشرة أشهر وغرامة مالية.

وبعد زفرة سُمعت من خلف سماعة الهاتف، تحسبن الوالد ثم أكمل حديثه: "منذ خروجه من سجون الاحتلال، تسلطت عليه أجهزة أمن السلطة، فكانت الاستدعاءات المستمرة، وفي بعض الأحيان كان يُحتجَز أياما عدة ثم يطلق سراحه دون تهم حقيقية أو سند قانوني".


الاعتقال الأخير

وفي آخر اعتقال للشاب العشريني، وكّلت العائلة محامي مؤسسة الضمير مهند كراجة للدفاع عنه، حيث أبلغ العائلة أن محكمة صلح سلفيت التابعة للسلطة مددت اعتقال ابنها لمدة 15 يومًا على ذمة المحكمة.

وأفاد كراجة بأن التهمة الموجهة لبراء هي "إثارة النعرات الطائفية، وهي التهمة ذاتها التي تُلفَّق لغالبية المعتقلين السياسيين عندما لا تجد السلطة دليلا قطعيا لتهم موجهة لهم"، مشيرًا إلى أن هذه التهمة ليس لها سند قانوني في القانون الفلسطيني.

وأخيرًا شنت أجهزة أمن السلطة حملة اعتقالات سياسية، في جميع محافظات الضفة الغربية، طالت العشرات من عناصر وأنصار حركتي حماس والجهاد الإسلامي.

وبالعودة للوالد، فقد وصف الواقع الذي يعيشه أهالي الضفة الغربية جراء الاعتقالات والملاحقات السياسية من السلطة بـ"المرير"، مطالبًا بالإفراج عن نجله فورًا.

ويتمم حديثه: "ألا يكفي ضياع سنة دراسية كاملة بسبب اعتقاله لدى الاحتلال، براء ليس مجرمًا، وحقه الطبيعي كونه مواطنا فلسطينيا عانى من ملاحقات الاحتلال أن يُخلى سبيله من سجون إخوة الدم".