زهاء 40 ألف حالة انتهاك إسرائيلية للقانون الدولي الإنساني رصدتها بعثة الوجود الدولي في الخليل بالضفة الغربية المحتلة منذ بدء عملها عقب مجزرة الحرم الإبراهيمي عام 1994م، لكنّ هذا الرقم بحسب ناشطين سيزيد كثيرًا في قادم الأيام مع قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي إنهاء تواجد البعثة في المدينة.
ويقول الناشطان من سكان مدينة الخليل: إن غياب البعثة الدولية سيفتح شهية المستوطنين لزيادة حالات الاعتداءات والانتهاكات على سكان المدينة التي تتواجد في قلبها كبرى المستوطنات الإسرائيلية.
والإثنين الماضي، صرّح رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، أنه لن يجدد تفويض البعثة الدولية، زاعمًا أن مراقبيها يقومون بأنشطة مناهضة لـ(إسرائيل) دون أنّ يحددها.
وتشكلت هذه المجموعة نتيجة قتل المستوطن اليهودي باروخ غولدشتاين قرابة 30 فلسطينيًا داخل المسجد الإبراهيمي بالخليل عام 1994. وبدأت عملها على الأرض في 1997، ويعمل ضمنها موظفون من النرويج وإيطاليا والسويد وسويسرا وتركيا.
ويبلغ عدد أعضاء البعثة 64 موظفًا دوليًا، كما تفيد البعثة على موقعها الإلكتروني.
إرضاء المستوطنين
وقال عضو لجنة الدفاع عن الخليل، عنان دعنا: إنّ مدينة الخليل، الأكثرُ عنفوانًـا واعتداءً على أبنائها من قبل جنود الاحتلال ومستوطنيه، بما توثقه الاحصاءات الرسمية، والحقوقية، لاسيمّا وأن تواجد البعثة الدولية في المدينة أمر "لا يرق له الاحتلال كثيرًا" بما يمثل من طرف شاهد على أي جريمة تقع.
وأضاف دعنا لـ"فلسطين": "رغم أنّ هذه البعثة عملها مراقبة الأوضاع، ورفع تقارير سرية لدول محددة، غير أنّ أعضاءها شهود بعين الاحتلال على أي حدث، ويتطلب طردهم ودون أي رجعة"، مستدلًا بطلبات مؤسسات المستوطنين مرارا لحكومتهم في وقت سابق بإنهاء دور البعثة.
ورأى أنّ رئيس حكومة الاحتلال وجد في خطوة عدم التجديد لمهام البعثة في الخليل، فرصة سانحة للكسب السياسي، ورفع سقف حصد الأصوات الانتخابية لدى الجماعات الاستيطانية في الخليل، والذين يعرفون بالأكثر تشددًا وتطرفا في أرجاء فلسطين المحتلة كلها.
وعارضت النرويج أمس قرار "نتنياهو" حظر عمل البعثة في الخليل. وقالت وزيرة خارجيتها إيني إريكسن سوريدي، في تصريح صحفي: "إن القرار الإسرائيلي أحادي الجانب وقد يشكل انتهاكًا لاتفاقيات أوسلو"، مشيرة إلى أنّ "الوضع في الخليل غير مستقر ويمكن وصفه بالنزاع"، وفق تعبيرها.
وأعربت الوزيرة النرويجية عن قلقها إزاء تبعات حظر عمل بعثة المراقبة الدولية المؤقتة، والقائمة في مدينة الخليل منذ 22 عاما.
وينفذ أعضاء البعثة الدولية عدة دوريات وقت ذهاب وعودة طلبة المدارس في المناطق المحاذية لمنطقة الحرم الإبراهيمي التي تسيطر عليها سلطات الاحتلال، مما ساهم وفق سكان المنطقة بالحد من اعتداءات المستوطنين عليهم.
ويعيش في قلب مدينة الخليل أكبر مدن الضفة الغربية المحتلة، أقل من ألف مستوطن يحميهم آلاف الجنود الإسرائيليين يتركزون في مستوطنة كريات أربع بقلب مدينة الخليل التي يقطنها نحو 200 ألف فلسطيني.
عصفوران بحجر واحد
بدوره، أكد عضو مؤسسة الضمير الناشط في مدينة الخليل، هشام الشرباتي، أنّ "نتنياهو ضرب عصفورين بحجر واحد، مع قراره تجاه البعثة الدولية المراقبة في الخليل، أولها إجلاء وطرد أي عنصر أجنبي عن المدينة، وذلك بما يعتبرهم شهودًا على أحداث المنطقة والاعتداءات التي تقع على الفلسطينيين.
ولفت الشرباتي لـ"فلسطين"، إلى أنّ نتنياهو أوحى بقراره استجابته لنداءات سابقة لزعماء المستوطنين واليمين الإسرائيلي في الكنيست بضرورة طرد البعثة التي اتهموها بمضايقة المستوطنين والتحريض عليهم، وأنهم يتجاهلون ما يسمونه "الإرهاب الفلسطيني"، ويلحقون الضرر بالجنود بتوثيق نشاطهم الأمني اليومي، على حد تعبيرهم.
وذكر الشرباتي أنّ نتنياهو أراد وبشكل مباشر، وعبر قرار التخلص من المراقبين الدوليين تعزيز حظوظه في الانتخابات البرلمانية المقبلة، والبقاء في سدة الحكم، في وقت يحاول اللعب بكل الأوراق، ونقض الملفات، ومهاجمة "الأعداء"، بما يلعب عبرها على الوتر الحساس للناخب الإسرائيلي، ودفعه للتصويت له ولحزب الليكود.