الكيان الإسرائيلي يضع المجتمع الفلسطيني تحت المجهر، ويراقب حركاته وسكناته، ويسخّر طاقات وإمكانات وخبرات ضخمة في سبيل الحصول على كل المعلومات بما فيها الحساسة والدقيقة عن المقاومة الفلسطينية، ويمتد نشاطه الاستخباري لمتابعة كافة جوانب الحياة لضمان مواجهة الأخطار التي تتهدده، هو لا يتوقف عن ابتكار وسائل حديثة ومتقدمة تلبي حاجاته ومتطلباته الأمنية، ومن الظواهر التي تم رصدها صفحات صهيونية ممولة مثل صفحة "المنسق"، وصفحة "أفيخاى أدرعي"، وصفحة "الكابتن" والعديد من الصفحات المشبوهة التي تحمل أسماء مختلفة، والتي تحاول مد خيوطها إلى عاطفة وعقول الضعفاء للتأثير عليهم وبث سمومها مع موسيقى ونشرات هادئة، ومن هنا ونظراً لخطورة هذه الصفحات الصهيونية أتناول الموضوع في أربعة محاور حول أبعادها، وخطورتها والآثار المترتبة، وأهم التدابير الوقائية والعلاجية:
أولا: الأبعاد النفسية والاجتماعية لهذه الصفحات
يحرص العدو الصهيوني على مراعاة الجوانب النفسية في تسمية صفحاته وطريقة اختيار المواد والأشخاص الذين يقدمون خطابهم ويعرضون خدماتهم المزعومة من خلال منصاتهم المختلفة، فتسمية إحدى الصفحات بصفحة "المنسق" والتي تعد من أشهر الصفحات وأكثرها تركيزا وفاعلية وخاصة على الجانب الانساني والتجاري، وكذلك مخاطبة الناس بجملة "أهلنا في قطاع غزة"، و"حرصا على سلامتكم" من خلال هذه الأساليب وغيرها التي تأتي في سياق مراعاة الأبعاد النفسية في التأثير على المجتمع الفلسطيني والذى يعد أسلوباً بالغ الخطورة والحساسية.
وفي الجانب الاجتماعي حين يستعرضون بالصور والفيديوهات طريقة رعايتهم للجرحى، ومساعدتهم للمسافرين وتعمد تصوير عائلات فلسطينية أو أشخاص من سكان قطاع غزة وهم إلى جوار مسافرين أو مرضى يهود أو مع أطباء يهود، فهو بذلك يحاول إظهار ترابط اجتماعي وهمي بين جسمين متضادين متنافرين، لخداع الآخرين والتأثير على سلوكهم الاجتماعي بعيداً عن الحقيقة، وهي حالة الصراع القائمة، هو يريد بذلك أيضا مد جسور من الثقة التي تخفي في طياتها استعداد مخالب أجهزة الاستخبارات للانقضاض على أي فريسة استجابت وتأثرت بهذه الهندسة النفسية والاجتماعية الخطيرة.
ثانياً: خطورة وأغراض الصفحات الصهيونية المشبوهة.
العدو الصهيوني يمارس أساليب جديدة ومتقدمة لاستدراج ضحاياه، حتى يتمكن من تجنيد عملاء جدد يوفرون له حاجاته الاستخباراتية حول أهداف الخصم، ويسهلون له تنفيذ مهامه الجارية أو المهمات التي يجري الإعداد لها، حتى يتمكن من مد خيوطه السرطانية داخل مجتمعنا الفلسطيني حتى تكون يده طويلة تبطش وتغتال وتوقع الضرر في صفوفنا، وفي ذات الوقت يضمن بقاء عيونه حاضرة في أماكن مختلفة لا يمكن لأجهزته المتطورة الوصول إليها، فهو يعتمد على الكادر البشري بشكل كبير لذلك يُفعّل وسائله الخبيثة في تجنيد أكبر قدر ممكن من العملاء، وتظهر صفحة "المنسق" إلى جانب صفحات أخرى منها صفحة" أفخاي أدرعي" وصفحات أخرى مشبوهة تتحدث باللغة العربية، ضمن الوسائل والأدوات التي تستدرج الضعفاء بكلمات ونشرات وتصريحات احتيالية، وظهور مواد هذه الصفحات بالمظهر الإنساني والخدماتي وإبداء روح التعاون وروح الشفقة وتواصل الدعوات للسلام والتعايش مع العدو.
ثالثاً: الآثار المترتبة على التفاعل مع الصفحات.
وما أن يتفاعل المتطفلون والضعفاء وعديمو الوعي والإدراك مع الصفحات بصور مختلفة، سواء بالإعجاب بالصفحات أو التعليق لطلب المساعدة للعلاج أو الاستغاثة للحصول على تصريح، أو حتى التطاول بالسب والشتم على الصفحة، وقد يبالغ البعض للمراسلة عبر الخاص لمحادثة من يديرون الصفحات؛ حتى تبدأ فرق متخصصة لرصد ومتابعة هؤلاء الأشخاص وإجراء مسح ودراسة كاملة عنهم وعن ظروفهم ومعرفة اهتماماتهم، وميولهم الحزبية وأعمالهم الوظيفية ودوافعهم للتفاعل، وتحليل سلوكهم وشخصياتهم، فيصبح الشخص صيدا ثمينا يتقدم ببطء إلى شباك الأجهزة الاستخباراتية الصهيونية وهو لا يدري، وحينها تَتَحيّن هذه الطواقم الفرصة المناسبة للتواصل معه، إما عبر الفتيات أو عبر أشخاص يبدؤون الحديث معه بلغة ذكية تساهم في توريطه شيئاً فشيئاً، ومن ثم تنقض عليه مخالب الاستخبارات الصهيونية وتجره إلى وكر الخيانة ليصبح رهينة في أيديهم وأداة جديدة لنشر الخراب والدمار.
رابعاً: التدابير الوقائية والعلاجية في مواجهة الصفحات الصهيونية.
1. عدم التفاعل مع الصفحات الصهيونية المختلفة بما فيها ما يسمى" المنسق" أو "أفيخاي أدرعي" أو صفحة "الكابتن" أو أي صفحة تنشر مواد مشابهة وتكون مجهولة الجهة والمصدر.
2. هناك صفحات تستخدم وسائل تحريضية وأسلوبا مختلفا يتبع طريقة الهجوم والتشهير أيضا فلا داعى للتجاوب معها نهائياً بأي شكل كان.
3. تكون صور التفاعل بالإعجاب أو التعليق أو المشاركة أو نسخ المنشورات وإعادة نشرها أو حتى بالسب والشتم أو التواصل الخاص وهذه وسائل ممنوعة ومحظورة يجب تفادي الوقوع فيها.
4. عدم التعقيب على ما ينشر في صفحات المنسق لأن ذلك يدفع الآخرين للفضول والتوجه للمتابعة.
5. العدو في كل يوم ينشئ صفحات خفية جديدة لذلك وجب الانتباه جيداً لهذه الصفحات ولموادها المسمومة وتحذير الآخرين منها بطريقة واعية وذكية.
6. من تورط في التفاعل على هذه الصفحات أن ينهي إعجابه بالصفحات ويحاول حذف مشاركاته وتعليقاته فوراً.
7. في حال وصل الأمر إلى قيامه بالتواصل معهم أو تعرض للاتصال منهم يقوم بإقفال حسابه نهائياً ويقوم بإبلاغ الجهات الأمنية للتدخل والمعالجة.
8. مهما وصلت درجة الشخص في التورط من خلال هذه الصفحات لن يجد طريقة أو ملاذاً آمناً إلا باللجوء للقوى الأمنية أو أحد نشطاء المقاومة أو إرسال الأمر لهم بطرق مختلفة رغبة في إنقاذه من هذا الوحل وتحصينه ومنع العدو من الوصول إليه مرة أخرى.
9. تعزيز الوعي الأمني والتنبيه لخطورة الصفحات الصهيونية من خلال حملات وبرامج إعلامية مركزة وهادفة.
10. المعالجة التربوية من خلال الأسرة ثم المدرسة والجامعة وغرس مفاهيم لدى الجيل بخطورة هذه الوسائل وغيرها من طرق العدو.
11. تعزيز المكانة الوطنية وتنمية الارتباط الروحي والمعنوي والأخلاقي لهذه القضية الوطنية في نفوس الجيل وإشعارهم بحجم الأمانة والمسؤولية.
12. التركيز على حرمة التفاعل والتواصل مع العدو بأي شكل وغرس مفاهيم وقيم دينية تُوجِد رادعًا ورقابة ذاتية في نفوس الأشخاص.
13. استعراض التداعيات والآثار الكارثية من الناحية الأمنية على مجتمعاتنا وعلى مقدراتنا وحقوقنا وحجم الضرر الذى قد يلحق بالمقاومة وذلك من خلال حملات للوعى عبر المنصات المختلفة.
14. تفعيل البرامج والخطط والأنشطة المتواصلة المنظمة والممنهجة من خلال الجهات والمؤسسات المعنية بحماية المجتمع وإفشال خطط العدو.
15. تشكيل لجان مشتركة تتشابك فيها الجهود ويظهر من خلالها تناسق نوعي وهادف بين المؤسسات والجمعيات والمراكز المختلفة التي تقدم مواد ودورات ونشرات تعالج الأمر.