عشية ضغط شعبي واسع دام 126 يوما، قاده الحراك الفلسطيني الموحد لإسقاط الضمان الاجتماعي، ونزول أصحاب الشركات والعمّال في ميادين وشوارع الضفة الغربية، عبر مظاهرات وفعاليات احتجاجية سلمية، أصدر رئيس السلطة مرسوما يقضى بوقف نفاذ القانون.
وأصدر عباس، أول من أمس، مرسومه الرئاسي مع استمرار الحوار مع الجهات المختصة، لكن ثمة سؤال يدور حول حقيقة هذا المرسوم.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية د. عثمان عثمان، رأى صدور المرسوم لا يعني إلغاء القانون، مؤكداً أن "وقف التنفيذ لا يعني الإلغاء، فيمكن بعد انقضاء هذه الغيمة (الحراك) التي أضرت بسمعة حركة فتح والحكومة أن يعاد النظر بالقانون ثم عرضه للنقاش اجتماعيا أو مؤسساتيا".
وأوضح عثمان لصحيفة "فلسطين"، أمس، أن السلطة تتشبث برأيها، ولن تأخذ برأي العمال المتضررين من هذا القانون. مستدركا: "طالما وجدت قوة ضغط تجاه القانون يمكن تحسينه، لكنه لن يلبي رغبات الموظفين والعمال الذين يشكون أين تذهب هذه الأموال التي تجبيها السلطة بتنفيذها القانون؟".
وأكد أن الثقة معدومة و"صفرية" بين المواطن والسلطة، وهذا سبب أساسي في رفض القانون، مشيرا إلى إمكانية أن يكون هذا المرسوم التفافا حول الحراك الموحد حتى إسكات الجماهير الغاضبة؛ لقضاء حاجات أخرى لها علاقة بترتيب الحكومة الجديدة أو انتخابات قادمة.
وأضاف عثمان: "عباس كان داعما قويا لهذا القانون، وعندما وجد الشارع الفلسطيني غاضبا ويشكك في نوايا القائمين على مؤسسة الضمان، قرر وقف تنفيذه".
وأكد أنه لا بد أن وقت هذا المرسوم له دور كبير، لا سيما في ظل الحديث عن تغيير حكومة الحمد الله، وتابع: "لا شك بأن صورة عباس وحكومته، تضعضعت وأصبحت في الحضيض، وهذا الأمر مرتبط بالأحداث السياسية الجارية، وبالتالي فإن أي انتخابات قادمة ستتراجع فيها مكانة فتح والسلطة بشكل كبير بسبب القانون".
واستطرد المحلل السياسي: "صورة عباس انتهت كثيرا في ظل الدعم الذي يقدمه لحكومة الحمد الله كونها لا تقرر أي شيء دون موافقته وإدارته"، لافتا إلى أن الحكومة والسلطة بأمس الحاجة لأصوات الجمهور الفلسطيني.
ودلل عثمان على توصية اللجنة المركزية لـ"فتح" بوقف القانون، كونها أدركت أن شعبيتها في الشارع الفلسطيني "تآكلت".
قوة الشعب
وأوضح منسق الحراك الفلسطيني الموحد عامر حمدان، أن "المرسوم هو إلغاء بالمفهوم، وتجميد بالمنطق"، مشيرا إلى أن الحراك عرض المرسوم على مستشارين قانونيين، "وأقروا جميعا بأن القصد منه هو إلغاء القانون الحالي".
وذكر حمدان لصحيفة "فلسطين"، أمس، أن المرسوم الرئاسي جعل الحراك عنصرا أساسيا في الحوار مع أي جهة، وليس مع الحكومة، بمعنى أنه لا يتم صدور أي قانون حالياً إلا بعد تدارسه مع جميع الجهات المعنية والتوافق عليه.
وقال: نحن في الحراك موقفنا ثابت بأن الوقت الحالي غير مناسب لقانون ضمان اجتماعي لعدة أسباب، إضافة لذلك يجب أن يمر هذا القانون عبر المسارات التشريعية الصحيحة وأن يكون من خلال مجلس تشريعي.
ورأى حمدان أن إمكانية صدور قانون ضمان جديد بعيد جدا في الوقت الراهن، مشددا على أن ذلك يتطلب توفير ظروف حقيقية وخاصة عودة الثقة بين الشعب والسلطة.
ووجه رسالة للحكومة القادمة: "لا يمكن تجاوز الشعب وتغاضيه أو عدم الاستجابة لمطالبه، وفي حال لم يكن عملها بالشكل الصحيح سيكون هناك حراك مرة أخرى".