يرجح محللان سياسيان أن يكون الحوار الفلسطيني الذي دعت إليه موسكو مختلفا عن أي محادثات سابقة، بالنظر إلى الظرف السياسي الأكثر تعقيدًا من ذي قبل.
وعزا المحللان ذلك إلى الإجراءات والعقوبات التي اتخذتها السلطة برام الله منذ قرابة عامين، كان آخرها قرار حل المجلس التشريعي، والدعوة لانتخابات "تشريعية" فقط، بخلاف تفاهمات القاهرة وبيروت.
وأعلن السفير الفلسطيني لدى روسيا، عبد الحفيظ نوفل، مساء أمس، عن حوار مرتقب بشأن المصالحة، يجمع عددا من الفصائل الفلسطينية بموسكو في 11 فبراير/شباط المقبل.
و بين نوفل في تصريح لوكالة "الأناضول" أن معهد الاستشراق للدراسات، التابع للأكاديمية الروسية للعلوم، وجه دعوات لعدد من الفصائل الفلسطينية للحوار في العاصمة الروسية، حول المصالحة.
وأضاف أن الفصائل التي تمت دعوتها، هي حركات حماس وفتح والجبهتان الشعبية والديمقراطية، والجبهة الشعبية -القيادة العامة، والاتحاد الديمقراطي الفلسطيني (فدا)، وجبهة النضال الشعبي، وحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية.
وبين أن الحوار سيتواصل على مدار يومين أو ثلاثة أيام، ويختتم بلقاء مع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف.
واقع صعب
ويرى الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن المهم في هذا الحوار ليس المكان، فيمكن أن يلتقي قادة الفصائل في أماكن كثيرة، وإنما يمكن أن يشكل اللقاء فرصة لاجتماع الكل الوطني والحديث على طاولة واحدة.
لكن عوكل لا يعتقد في حديث لصحيفة "فلسطين" أن موسكو تمتلك مؤهلات لتحقيق اختراق في ملف المصالحة، مدللا على ذلك بأن مصر صاحبة الثقل الأساسي وامتلكت أدوات الفعل بشأن المصالحة، ولم تنجح في تحقيقها.
ورغم أن روسيا لديها موقف تاريخي بجانب الشعب الفلسطيني، فإنها لا تقدم المال والسلاح ولا الدعم السياسي بأي معنى، أو أي موقف رافض لصفقة القرن، كما يشير عوكل.
ويرجح ألا يخرج حوار موسكو بنتائج حقيقية على الأرض إلا من تصريحات فلسطينية تشيد بإيجابية اللقاء كرامة للجانب الروسي، مشيرًا إلى أن الشرخ الفلسطيني كبير، وقبل أن يصل الفلسطينيون لهذا الواقع الصعب لم تستطع القاهرة تحقيق المصالحة في ظروف سياسية أفضل، خاصة أن المشهد السياسي الفلسطيني يزداد سوءا، ويشير إلى مزيد من التوتر الداخلي.
وعن هدف موسكو من هذه الدعوة، يرى عوكل أن الهدف ينطلق من موقف موسكو التاريخي تجاه القضية الفلسطينية، فهي ترى أن الوضع الفلسطيني سيئ وسلبي ولا يخدم الأهداف الفلسطينية التي توافق عليها روسيا.
ويلفت عوكل إلى أن الروس يحاولون الاقتراب من الملف الفلسطيني والتمدد والتأثير في العلاقة مع أطراف عدة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لذا تحاول الاقتراب من الملف لخدمة إستراتيجية يحضر لها في المنطقة، ولا تريد موسكو أن تبقى حدود تأثيرها على الملف السوري.
أرضية جديدة
لكن أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح د. رائد نعيرات يرى أن موسكو تبذل جهودا لاستئناف اللقاءات الفلسطينية لتفعيل ملف المصالحة وقد تكون مبنية على مواقف متجددة، سيما بعد تأجيل زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية.
وقال نعيرات لصحيفة "فلسطين": "من الواضح أن روسيا تبذل جهدا كبيرا من أجل استئناف حوارات المصالحة، لكن هناك تحديات كثيرة تقف أمامها، منها عدم وجود إرادة سياسية في ذلك، فضلا عن الواقع السياسي الصعب بعد حل التشريعي، لذا نجاح الدور الروسي مرهون بما سيقدمه من بوادر تجاه المصالحة".
ولا يستبعد أن تحدث موسكو اختراقا حتى لو أنها دولة عظمى تطورت علاقاتها بالمنطقة، متابعًا: الواقع السياسي الفلسطيني قد يكون من العوامل المعيقة للدور الروسي، وأي وسيط سيدخل بموضوع المصالحة سيتعامل مع المرحلة على أنها واقعية وينطلق من الواقع ولن يبدأ من الخلف.
لكن نعيرات يرى أن أكبر عقبة تواجه الدور الروسي هي أمريكا التي لديها منظور آخر، متمثلا بـ"صفقة القرن" التي هي أكبر من ملف المصالحة الفلسطينية، وفقا لرؤية إدارة البيت الأبيض الذي لن يوافق عليها إذا كانت تخدم أهدافه.