يقول ممثل حركة المقاومة الإسلامية حماس لدى إيران، الدكتور خالد القدومي، إن علاقة متميزة، ومشتركات استراتيجية تجمع حركته بالجمهورية الإسلامية، أكثر من أي وقت مضى في وقت تواجهان به عدوًا واضحًا ومشتركًا يتمثل في كيان الاحتلال الإسرائيلي.
ويوضح القدومي في حوار أجرته معه صحيفة "فلسطين" عبر الهاتف، أنّ الاحتلال الإسرائيلي لا يهدد فلسطين وشعبها فقط، بل يهدد مباشرة الأمن القومي لإيران، وهو ما يضعها وحماس في بوتقة ومصير واحد.
ويلفت الانتباه إلى أنّ علاقة حماس بطهران تمتاز ودون أدنى شكٍ بـ"العمق والأفق الاستراتيجي"، وفي وقت لا يخفى تقديمها للمقاومة والشعب الفلسطيني على مدار السنوات الماضية الدعم الاقتصادي والسياسي والعسكري، مضيفا "هذا الدعم يزداد اليوم في حجمه وأفقه في ظل أنّ العدو بات عدوًا صريحًا ومعلنًا ضد إيران والفلسطينيين".
ويفصح القدومي عن استمرار بقاء الجولة الخارجية المرتقبة لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية ومنها زيارة إيران، وأنها لم تُلغَ، غير أنها مرتبطة بشكل أساسي بخروجه من قطاع غزة.
ويؤكد أنّ الزيارة طبيعية وبديهية بالمفهوم الاستراتيجي لحركة حماس تجاه دولة تقف إلى جانب شعبنا في كل ما تستطيع فعله، فيما ستحمل في طياتها تبادلًا للرأي وطرح للهموم المشتركة، وتعزيز أواصر التعاون المشترك.
كما ويؤكد ضرورة توثيق العلاقات والتعاون المشترك بين الأمة العربية والإسلامية وحركات المقاومة، في ظل تغول الاحتلال الإسرائيلي واستباحته للحدود العربية وضربها في عمقها كما كان الحال مع سوريا، فجر أول من أمس.
ويكمل: "إن الفرقة العربية الإسلامية هي التي تشجع العدو أن يستبيح الديار ويخترق الحدود، لأنه يعلم أنه لن يعاقبه أحد كما في كل مرة من أي طرف، وهو ككيان لقيط يحظى بالغطاء الأمريكي الدائم على كل جرائمه"، منبهًا إلى أنّ رئيس حكومة الاحتلال بنامين نتنياهو وبكل بساطة يتمادى في بلطجته ويصرح أن لديه الحق في استهداف التواجد الإيراني في سوريا.
بكل قوة
ويشدد القدومي على أن العالم العربي من المفترض وأمام ضربات (إسرائيل) في سوريا أن يقف أمامها بكل قوة، مضيفا: "اليوم تستباح دمشق، وغدا يأتي الدور على الآخرين، وسيتم استباحة العواصم الأخرى إذا بقي الموقف العربي الصامت على حالته".
ويبدي استغرابه من حالة اللهث العربي الإسلامي نحو التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، كما كان الحال مؤخرا مع دولة تشاد، وعُمان، في وقت يستبيح الاحتلال الأرض العربية، ودماء الشعب الفلسطيني في غزة والضفة والقدس.
ويتساءل القدومي: "هل عندما يتم قتل أبناء شعبنا الفلسطيني ومحاصرته كما تشير البيانات الرسمية إلى وجود 255 شهيدا وأكثر 26 ألف جريح خلال مسيرات العودة بقطاع غزة، يتم مكافأة العدو الصهيوني على هذه الجرائم بالتطبيع معه واستقبال المجرم نتنياهو!؟".
ويوضح أنّ التطبيع العربي مع الاحتلال "غير طبيعي ومنبوذ، ومصطلح دخيل على الموروث القومي العربي تجاه عدوه المغتصب لأرضه، مؤكدًا أنّ ردود أفعال الشارع العربي والإسلامي على تطبيع حكوماته مع الاحتلال "متواضعة".
ويؤكد القدومي أنّ على المنطقة أن تعي أن الاحتلال الإسرائيلي سببًا رئيسًا في أي توتر في الإقليم، وانعدام الأمن، وضرب الاستقرار فيه.
عدوٌ مشتركٌ
ويقول إن الاحتلال الإسرائيلي عدوٌ مشتركٌ يهدد الأمن الجمعي للأمة العربية والإسلامية جمعاء، وأنّه لا فائدة مرجوة لأي من الشعوب من خلال هذه العلاقة مع هذا الشر المحض، فالعلاقة مع الاحتلال تجلب الدمار، مضيفا "وإلا فليتحفنا من طبّع علاقته مع الاحتلال عن الإنجازات التي استفادتها شعوبهم من الاحتلال وحققتها على الأرض".
ويشدد على أنّ التعاون مع الاحتلال وتطبيع العلاقة معه لم تكن سوى "قوت من الدم الفلسطيني، ونقطة لإشعال الخلافات والحروب الأهلية وتجارة السلاح"، مكملًا "العلاقة مع الاحتلال ليست سوى سم زعاف ليس أكثر".
ويرى ممثل حركة حماس في إيران أنّ وقوف العالم العربي والإسلامي يد واحدة لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، من شأنه أن يغير المعادلة العدوانية الحالية للأخير بشكل كلي، مستدلًا بما جرى في الأمم المتحدة مؤخرًا حينما أسقط مشروع قرار "ترامب" لإدانة حماس والمقاومة الفلسطينية، وذلك مع وقوف الأمة وأحرار العالم جبهة واحدة دبلوماسيًا.
ويضيف: "بالوحدة أُسقط المشروع ضد المقاومة والتي هي وفق القوانين الدولية مشروعة ضد أي احتلال، وإن كان البعض سجله نصر بطعم الهزيمة، وسببه ضعف التنسيق وأننا ما زلنا كعرب ومسلمين نحبو في علاقتنا الدولية مع أصدقائنا في العالم".
وبشأن متصل، يُشير إلى أن الضغوط لم ولن تثني حركته عن القيام بواجباتها اتجاه شعبها ولن تحرف بوصلة المقاومة لديها، متابعًا أن "صوت حماس نصير للمظلومين، ورفض المحاصرة التي فرضت عليها وعلى شعبنا وهي محاصرة ظالمة سواء كانت من طرف الكيان أو من طرف محمود عباس الذي بات يعاقب شعبنا بشكل علني ويبحث عن فتاوى وذرائع سياسية رخيصة لحصاره".
وينبه إلى أن "عباس" بصورة أو أخرى يعاقب شعبنا ويحاصره، وأن التاريخ لن ينسى ذلك، وسيحاسبه عليه، مؤكدًا أن شعبنا الفلسطيني واع ويعرف بدقة ما الذي يدور حوله وسيحاسب عاجلا أو آجلا كل ظالم وقف ضده وحاول ثنيه عن معركته ضد الاحتلال.
ويؤكد القدومي أنّ علو صوت الاحتلال في الفترة الأخيرة ليست إلا استغلال للظروف الراهنة، بينما يحاول دغدغة مشاعر العالم بأخطار تواجهه من جبهة الشمال والجنوب التي تمثلها غزة، بينما يسعى لاستمرار حصاره لغزة، وإيران، بزعم محاربة "الإرهاب".
ويلفت إلى أن "نتنياهو" يحاول بوضوح ابتزاز العالم بهذا الملف، وإظهار نفسه كمنقذ وبطل قومي في مجتمعه، لأسباب جلية مرتبطة بوضعه المهلل الداخلي، واقتراب موعد المعركة الانتخابية خلال الأشهر القريبة القادمة.
ويوضح القدومي أن المجتمع الإسرائيلي وخلال السنوات السابقة أصبح يمينيا متطرفا، وأن الأسماء المرشحة للانتخابات تزيد في حالة سعارها في قتل الفلسطينيين، لأنها تعلم أن المجتمع الإسرائيلي يختار الأكثير يمينية وتطرفا وقتلا في صفوف شعبنا، مستدلا بالمظاهرات التي خرجت مؤخرًا داخل المستوطنات المحيطة بغزة، احتجاجا على شبه الاتفاق بوقف إطلاق النار مع المقاومة والتي أوصلت لحل الحكومة لاحقا.
ويوضح أن نتنياهو يدرك جليا تمتع الوسط الإسرائيلي بالتطرف، واليمينية المتشددة، وأن أصوات هذا المجتمع لا يمكن أن تمنح له، ما لم يقتل المزيد من الفلسطينيين والمقاومين، ويحقق الأمن المزعوم.