دعا مختصون إلى وقف العقوبات التي فرضتها السلطة في رام الله على قطاع غزة منذ عام 2017، بما فيها الخصومات على رواتب الموظفين، وقطع رواتب العاملين في الوظيفة العمومية، مطالبين المؤسسات الحكومية المالية بإتاحة الوصول للمعلومات بشأن الإحصاءات في المجالات الاقتصادية والمالية.
وشدد المختصون على أهمية تبني سياسات اقتصادية ومالية تخفف عن كاهل المواطن في قطاع غزة، وذلك خلال ورشة عمل نظمها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، في مقره بمدينة غزة، أمس، بعنوان: "الواقع الاقتصادي في قطاع غزة: بين العقوبات والجباية". بمشاركة مسئولين حكوميين وخبراء في المجال الاقتصادي والاجتماعي ووسائل الإعلام.
وأكد وكيل مساعد وزارة المالية في قطاع غزة عوني الباشا أن أسباب تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في غزة ترجع إلى الحصار الإسرائيلي المشدد ضد قطاع غزة والعقوبات التي تفرضها السلطة، مبيناً أن مستوى الإيرادات في قطاع غزة انخفض إلى 50 مليون شيقل خلال عام 2018، مقارنة بعام 2017، الذي وصلت فيه الإيرادات إلى 80 مليون شيقل، وذلك بعد أن تسملت حكومة رام الله معابر قطاع غزة نهاية عام 2017 بناء على اتفاق المصالحة.
وأوضح خلال مداخلته في الورشة، أن وزارة المالية بغزة وفرت تسهيلات كثيرة لقطاعات اقتصادية عديدة منها إلغاء رسوم طوابع الإيرادات بناء على طلب جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين في قطاع غزة، إضافة إلى إلغاء الجمارك على استيراد السيارات، موضحا في الوقت ذاته أن حكومة رام الله رفعت في المقابل تلك الجمارك إلى نحو 100% بعد أن كانت 50%.
ونفى الباشا فرض أي نوع جديد من الضريبة في قطاع غزة منذ عام 2007، مؤكدا أن ما يُجبى هو ما كان معمولا به منذ سنوات السلطة ولم يجرِ أي تعديل جوهري عليه.
ولفت إلى أن وزارة المالية تجهز خطة مالية في بداية كل عام لكيفية توزيع النفقات على المؤسسات الحكومية، مبينا أنه يتم توزيع فئات النفقات وفقا للاحتياج العاجل والضروري، على الرغم من ضعف الإيرادات الحكومية وخاصة بعد تسلم حكومة رام الله معابر غزة.
وأوضح أن الإيرادات الضريبية وغيرها في قطاع غزة لا تغطي النفقات المطلوب توفيرها شهريا، لافتا إلى أن وزارة الصحة على سبيل المثال بحاجة إلى مستلزمات عاجلة كالأدوية والمستلزمات الطبية والوقود من أجل استمرار عملها، في حين تشكل هذه الاحتياجات عقبة أمام شح الإيرادات وضعف الخزينة الحكومية.
وأكد أن وزارتي المالية والاقتصاد في غزة توليان أهمية كبرى لدعم المنتج الوطني من خلال بعض الإجراءات المالية التي تساهم في دعم المنشآت الصناعية، موضحا أنه تم أيضا دعم المستوردين ورجال الأعمال عبر خصم ضريبة الدخل من الإرجاعات الضريبية الموجودة في رام الله.
وردا على سؤال حول آليات الرقابة على خطط الحكومة المالية في قطاع غزة، أكد الباشا أن الوزارة تعمل بشفافية ووضوح، مبينا استعداد الوازرة لتقبل أي جهد رقابي من أي مؤسسة أهلية تريد أن تطلع على تفاصيل توزيع النفقات وطبيعة الإيراد الموجودة لدى الجهات الحكومية في قطاع غزة.
من جهته، أكد مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان راجي الصوراني، أن الواقع الاقتصادي في قطاع غزة، والأوضاع المعيشية تبدو في حالة مزرية للغاية بسبب الوضع السياسي العام، مؤكدا أنه لا يجوز لمؤسسات السلطة أن تفرض عقوبات أوتمس رواتب الموظفين العموميين دون سند قانوني، داعيا في الوقت ذاته المؤسسات الاقتصادية والمالية في قطاع غزة إلى عدم فرض الضرائب على المواطنين دون نص قانوني.
وفي مداخلته حول النظام المصرفي في ظل الواقع الاقتصادي في قطاع غزة، عرض رئيس قسم السياسة النقدية والأسواق المالية في سلطة النقد د.سيف الدين يوسف عودة، السياسات المالية في قطاع غزة ومنها التوسع في الجهاز المصرفي بعد عام 2010، ومنح التسهيلات الائتمانية.
وأشار إلى أن التطورات الاقتصادية والسياسية انعكست مباشرة على النشاط الاقتصادي والنمو، ولا سيما في ضوء الخصم على رواتب الموظفين الحكوميين، وإحالة الآلاف منهم إلى التقاعد الإجباري خلال العامين 2017 و2018، مؤكدا أن تلك الإجراءات مست بدرجة كبيرة الظروف والأوضاع المعيشية والإنسانية والاقتصادية في قطاع غزة.
بدوره، شدد رئيس نقابة الموظفين العموميين في السلطة عارف أبو جراد، على تردي الأوضاع المعيشية لموظفي القطاع العام بسبب السياسات والإجراءات الحكومية ضدهم والممتدة من عام 2017، التي بدأت بالخصومات على رواتب الموظفين العموميين في قطاع غزة، والتقاعد الإجباري لآلاف الموظفين دون الاستناد إلى القوانين التي تنظم حقوق الموظفين في الوظيفتين المدنية والعسكرية.
وأشار أبو جراد إلى أن سياسة قطع الرواتب كانت قد بدأت منذ عام 2007، في أعقاب قرارات حكومة الحمد الله حينها قطع رواتب مئات الموظفين، بناءً على تقارير كيدية، تلاها وقف العلاوات بجميع أشكالها.
من جهته أشار مدير وحدة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في المركز خليل شاهين إلى أن إغلاق أبواب المصالحة مع نهاية عام 2018، أدى إلى مزيد من العقوبات الاقتصادية على القطاعوتحويل الآلاف من موظفي السلطة الفلسطينية إلى التقاعد المبكر واستمرار فرض الخصومات المالية على موظفيها في القطاع، وتقليص مخصصات الخدمات الصحية.
ونبه شاهين إلى ارتفاع معدلات البطالة التي سجلت 53.9% بين صفوف القوى البشرية العاملة، في حين بلغت تلك النسبة أسوأ مستوى بين فئات الخريجين الشباب لتصل إلى نسبة 69% بين الشباب الذكور ونحو 80% بين الشابات الخريجات.وارتفعت نسبة الفقر بين العائلات الغزية لتصل إلى نحو 54%، من بينها نحو 36% تعاني فقراً مدقعاً، وبلغ مستوى انعدام الأمن الغذائي نحو 68.5%.