فلسطين أون لاين

​"إيمان" تصنع "جاتوه" يحاكي الكرتون

...
غزة - يحيى اليعقوبي

تصنع قوالب "جاتوه" تحاكي أشكالًا ورسومًا كرتونية، كأنها ترسم لوحة فنية، بأناملها تبدع إيمان وليد دبور (29 عامًا) من سكان بيت حانون شمال قطاع غزة في إعداد قوالب "الجاتوه"، بدقة ومهارة عاليتين؛ فتنسج رسومات من لمستها الإبداعية، جذبت أنظار كثيرين للإعجاب بالقوالب التي تصنعها.

وتتفنن بإعداد قوالب الكيك ذات الأشكال والألوان اللافتة، بأحجام مختلفة، تزينها بعجينة السكر أو مواد أخرى، ونبعت فكرتها من هوايتها، فارتبط العمل بالهواية، ومن هنا انطلقت إيمان لتوسع مشروعها في عالم الحلويات بأسماء مختلفة، وانتقلت من مرحلة الهواية إلى توفير مصدر دخل أسرتها الوحيد، وكتبت قصة نجاحها في مجال إعداد قوالب "الجاتوه".

مراحل ومكونات

تعد إيمان قالب الكيك بعدة مراحل، تبدأ بالخبز وتجهيز القالب ويستغرق ذلك ساعة من الوقت، ثم تتركه يبرد، فتضيف إليه الحشوة الداخلية، وقبل تسليمه بساعة تغلف الشكل الخارجي للكيك وتزينه؛ يمثل القالب في هذه اللحظة لها لوحة تتفنن في تزيينها لتصنع منه شكلًا جميلًا، ولم تكن ساعات العمل الطويلة عائقًا أمام تحقيق طموحها، وبإرادتها تغلبت إيمان على كل المنعطفات والظروف التي واجهتها.

أسماء لقوالب مختلفة تتقنها إيمان كـ: (قالب الكيك، والكب كيك"، والتشيز كيك، وتوفي الفراولة، وعجينة السكر، وكيك بالشوكولاتة الإيطالية رطب مغلف بجناش الشوكولاتة، وكيكة فروزن مع كب كيك، وكيكة الدبدوب).

و"الكب كيك" هو خليط كيك بالشوكولاتة، يخبز بالورق المخصص أو أكواب الكرتون، وحينما يخرج من الفرن تحشى طبقاته بالمكسرات والفواكه وتزين بالكريمة.

وتتكون "التشيز كيك موس الفراولة" من كريمة وقشطة وجبنة سائلة ونكهة فراولة وبسكويت وزبدة، في حين تتكون عجينة الكيك من: البيض، والسكر، والطحين، والكاكاو، والحليب، وفانيلا، وبيكنج باودر، وزيت نباتي.

أما "مقروض السميد بالعجوة" فهذه وصفة ليبية تصنعها إيمان، وهي عبارة عن سميد وطحين وسمنة وماء زهر وزيت نباتي وطحين، تخلطها حتى تتكون عجينة تحشوها بالعجوة وتشكلها حسب الرغبة.

لكل قصة موقف

لكل قصة نجاح بداية، والبداية مع إيمان كانت زيارة أصدقاء زوجها إلى منزلهم، أعدت حينها قالب "كيك" محشوًّا بالشوكولاتة، تستذكر ذلك اليوم في حديثها لصحيفة "فلسطين": "انبهر الضيوف بما أعددته لهم، وبعد أسبوع طلب أحدهم قالب "جاتوه" في ذكرى ميلاد طفله".

وافقت إيمان على الطلب، وأعدت القالب بحرفية أكثر وزينته واشترت كرتونًا لتغليفه، ومن هنا خطت طريقها في عالم صناعة "الجاتوه"، فبدأت قبل أربع سنوات إعداد القوالب والمعجنات والكعك والمعمول، ونشر صورها عبر صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي.

وهكذا استمرت في تطوير عملها في صناعة "الجاتوه"، وتنوعت أفكارها مستفيدة بتصفحها على شبكة الإنترنت، فتطور عملها في صناعة الكيك وباتت تصنع مجسمات بأشكال متميزة، وتكمل: "بدأ المشروع يكبر ويزداد الضغط، أحب متابعو صفحتي أعمالي التي كنت أنشرها، وبدأت تزداد الطلبات لصناعة المعمول والكعك والمعجنات وقوالب الجاتوه، ويزداد الضغط؛ فأنا أعمل بمفردي".

لكن أمام هذا الضغط قررت إيمان التخصص في مجال صناعة الكيك، وعن ذلك تقول: "دخلت مجال صناعة الكيك، لأنني شعرت أنني أستطيع تقديم أشياء متقنة بمهارة وحرفية عاليتين، وتوسعت فيه من حيث الحشوات والتزيين، والأحجام وصناعة كيك مع صور رسوم كرتونية أو بعجينة السكر".

نجاح غير متوقع

"لم أتوقع أن ينجح المشروع هذا النجاح، واليوم أرفض بعض الطلبات في حال كان الضغط كبيرًا، كي أستطيع المحافظة على مستوى الإتقان في العمل الذي عهده الناس" تقول، وأكبر مشكلة تواجه إيمان لكونها تسكن في بيت حانون شمالي القطاع هي تكلفة المواصلات، خاصة أن أغلب الطلبات تأتيها من مدينة غزة.

وتتنوع الحشوة بين شوكولاتة نوتيلا والبندق والمكسرات، ويتكون قالب الكيك من أربع طبقات جميعها محشوة بالفواكه والمكسرات، أو خليط بين الاثنتين.

في بداية عملها واجهت إيمان عدة إشكالات، منها عدم توافر فرن، وثلاجة خاصة لعملها وقوالب الجاتوه، والأدوات، فضلًا عن مشكلة انقطاع التيار الكهربائي، وفي إحدى غرف بيت عائلة زوجها كان مشروع إيمان (مصدر الدخل الوحيد لعائلتها) ينمو ويكبر حتى استطاعت اشتراء ثلاجة خاصة لمشروعها، وإحضار الأدوات والقوالب المطلوبة، مع تشجيع زوجها المستمر.

كيف مزجت بين عملك وشؤون البيت؟، تقدم إجابة نابعة من تجربة نجاحها: "إدارة شؤون البيت -خاصة أن لدي ثلاثة أطفال- أمر ليس بسيطًا، وفي الوقت نفسه مشروعي مصدر رزقنا، لكون زوجي يعمل موظفًا بالسلطة الفلسطينية، ويذهب راتبه إلى سداد قرض من البنك، حتم ذلك علي تحمل المسؤولية والموازنة بين عملي والاهتمام بأمور أطفالي".

لكن كيف كسبت الزبائن؟، هناك سر في الإجابة عن ذلك، تتحدث: "أهم شيء هو الجودة والمصداقية في التعامل مع الزبون، أن يكون قالب الجاتوه طازجًا"، مضيفة: "لا أركز على الربح بقدر ما يهمني سعادة الزبون، فأحضر أغلى المواد من الكريمات والحشوات، وهي مرتفعة الثمن نظرًا إلى وضعي، وأبتعد عن المواد التجارية في صناعة الكيك التي تشتريها المحال التجارية".

"يمكن للظروف الصعبة أن تجعل الإنسان يبدع في إخراج طاقاته، لذا علينا عدم كتم هوايتنا أسيرة في أدراج الإهمال نتيجة انشغالنا في الحياة، فبقدر ما نستطيع إيجاد كيان خاص بنا نشعر بسعادة أكثر بما نقدمه" تختم حديثها لنا موجهة نصيحة لغيرها من النساء.

هذه صور ونماذج من إبداعات إيمان