كعادتها تتسلل تحت جنح الظلام إلى بيوت المواطنين الآمنين، تقرع أجراسها ثم تقتحم أرجاءها دون احترام حرمتها أو مراعاة شعور ساكنيها، وهو ما يُحدث حالة من الإرباك لديهم، ولدى المحيطين أيضًا.
حينما دقت الساعة الواحدة بعد منتصف ليل السابع من الشهر الجاري إذا عناصر من جهاز الأمن الوقائي التابعة للسلطة تقتحم منزل عائلة "طقاطقة"، الواقع في قرية علار بطولكرم، بحثًا عن ابنها "بدر" البالغ من العمر 20 عامًا.
طلب عناصر الأمن الوقائي من عماد طقاطقة رب الأسرة تسليم نجله البكر بدر، دون علمه طبيعة أسباب ذلك، وفق ما يروي، وكان رده: "بدر غير موجود؛ فهو يقطن في سكن جامعة النجاح بنابلس".
لم يُصدقه عناصر "الوقائي"، فإذا هم يقتحمون المنزل ويفتشون في كل أرجائه بحثًا عن بدر الطالب في كلية الحقوق، كما يتابع والده لصحيفة "فلسطين".
ويقول طقاطقة: "إن عناصر الوقائي طلبوا مني إحضار "بدر" في اليوم التالي، والتوجه لمقرهم في طولكرم لتسليم نفسه، دون إعطائي أي تفاصيل عن أسباب الاعتقال".
حالة من الاستغراب انتابته عقب اقتحام "الوقائي" منزله، وهو ما دفعه إلى الاتصال ببدر وإبلاغه بضرورة القدوم إلى طولكرم من أجل تسليم نفسه، كما يضيف.
ليلة من القلق والخوف عاشها الأب خوفًا على ابنه الذي عُرف عنه طيب الخُلق ولم يُسجن قبل ذلك إطلاقًا، يتابع الوالد: "عند الحادية عشرة في اليوم التالي توجهت مع بدر إلى مقر الوقائي، فما كان منهم إلا أن زجوه في السجن دون الإدلاء بأي تفاصيل".
لاحقًا بعد جولات مكوكية أجراها "عماد" بين مقر جهاز الوقائي والمحكمة في طولكرم، فأبلغته الأخيرة بأن التهمة الموجهة لبدر هي "إثارة النعرات الطائفية"، لكنه يؤكد أنها تهمة "باطلة وتتخذها السلطة ذريعة لاعتقال الشبان في الضفة"، علمًا أن الوقائي اعتقل ثمانية شبان آخرين مع نجله.
وتجدر الإشارة إلى أن والد بدر ذاق مرارة الاعتقال السياسي في سجون السلطة سابقًا، كما يقول.
وبعد مرور أسبوع على اعتقاله قررت محكمة السلطة في رام الله تمديد اعتقاله 15 يومًا إضافيًّا دون وجود أي مسوغات، ولا إخبار عائلته بمكان وجوده، وفي أي سجن يقبع، كما يقول.
وأبلغ الأب بأن "بدر أخبر صديقه قُبيل اعتقاله بأنه سيخوض إضرابًا مفتوحًا عن الطعام فور دخوله سجون السلطة".
ويبين أنه تواصل مع جهات عدةّ، منها لجنة الحريات في الضفة الغربية، للحصول على معلومات عن مكان وجود نجله، "لكن دون جدوى حتى اللحظة"، وفق تأكيده.
ويُشير إلى أنه لا يزال يواصل تحركاته، ويبذل جهودًا مضنية يوميًّا، ليحصل على قرار بإخلاء سبيل "بدر"، لكنه تُقابله بالرفض محكمة الصلح في طولكرم.
ويلفت إلى أن "وقائي" السلطة منعه وزوجته من زيارة نجلهما، ورفض السماح لهما بإدخال الملابس، وهو ما أثار غضبه وغضب العائلة كلها.
ويتساءل بصوت يملؤه الحُرقة: "لماذا هذا الاعتقال السياسي الذي تنتهجه السلطة بحق بدر وهو طالب جامعي؟!"، مؤكدًا رفضه هذه السياسة، لما لها من تأثيرات سلبية على حياته الدراسية.
ويُطالب طقاطقة الجهات المعنية بالتحرك الجاد من أجل الإفراج عن نجله، والثمانية الشبان الذين اعتقلوا معه أيضًا تحت الادعاء نفسه، داعيًا أجهزة السلطة للكف عن نهج الاعتقال السياسي.