قائمة الموقع

فيديو: كيف يبدو منزل الفنان "أبو حرب"؟ حكايات وخربشات

2019-01-19T18:38:15+02:00
الفنان الدكتور عبد الوهاب أبو حرب (تصوير/ رمضان الأغا)

أينما وليت وجهك وأطلقت سهام نظرك في منزل بطل قصتنا، سررت بما رأيت؛ فمنذ اللحظة التي تطأ بها قدمك باب المنزل، وتتجول في أروقته، وساحته والحديقة الصغيرة، والممر الذي يوصلك إلى المبنى، ثم الغرف بالداخل، يتبادر إلى ذهنك كثير من التساؤلات.

هذه اللوحات بروعتها وجمالها ورونقها، أأنت من صنعتها كلها؟، تصميم الحديقة الساحر، أنت من صممه ونفذه؟، هذه اللوحة تحكي عن نفسها، ما مناسبتها؟، وكم استغرقت من الوقت لصنعها؟

أما هذه اللوحة فإن عددًا من الفنون استخدمت فيها، هل لك أن تشرح لي رمزيتها؟، "القعدة" (مكان للضيافة في الحديقة) رائعة، يتمنى كل شخص أن يحظى بمثلها.

مسيرة حافلة بالعطاء

كل شيء هنا في منزل الدكتور الفنان عبد الوهاب محمد حسن أبو حرب (62 عامًا) ممزوج بالفن، الذي يعده أبو حرب بمنزلة النفس الذي يتنفسه، وغذاء للروح.

من قلب مخيم الشابورة بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة خرج أبو حرب لينثر بإبداعه وشغفه للفن جمالًا وحسنًا في أماكن قصدها، ومعارض فنية نظمها، على مدار نحو 40 عامًا، هي عمر مسيرته الفنية.

تخرج على يديه كثير من الفنانين الذين كانوا طلبة عنده في جامعة الأقصى، يفخرون به في محافل عدة، ويعدونه قدوة لهم.

درس أبو حرب في دار المعلمين بغزة تخصص تربية فنية مدة عامين، ثم أكمل درجة البكالوريوس، ليسافر إلى المملكة العربية السعودية ويعمل معلمًا للتربية الفنية مدة 13 عامًا، ويعود للوطن مجددًا عام 1995م.

عمل معلمًا للتربية الفنية في إحدى مدارس رفح مدة أربع سنوات، ثم انتقل إلى العمل مشرفًا تربويًّا ثم محاضرًا في جامعة الأقصى، بعد أن حصل على درجة الماجستير من الجامعة الأمريكية في التخصص ذاته، ودرجة ماجستير ثانية من جامعة عين شمس بمصر، في مناهج وطرق تدريس التربية الفنية، ثم درجة الدكتوراة في التخصص ذاته من الجامعة ذاتها.

شغل منصب رئيس قسم في جامعة الأقصى، ثم عميدًا لكلية الفنون الجميلة عام 2016م، إلى أن أحيل إلى التقاعد نهاية العام ذاته.

عطاؤه الفني لم يتوقف رغم التقاعد وكبر السن؛ فهو يمارس الفن الذي كان له هواية في صغره، ونماه وجدده وطوره، ويحاضر في بعض الجامعات والكليات، لما تسنح له الفرصة.

الفن يمثل له حياة، وهو يجري في روحه مجرى الدم في العروق، وفق تعبيره، لذلك لا يستطيع أبو حرب البعد عنه أو تركه.

أقام معرضين باسمه في أثناء وجوده خارج الوطن، واحدًا حمل عنوان "القدس" في العاصمة العراقية بغداد، والآخر في المملكة العربية السعودية جسد أحداث الانتفاضة الأولى، وحمل رسالة فلسطين إلى العالم.

أما داخل الوطن -تحديدًا في قطاع غزة- فشارك في معارض عديدة، وأقام أربعة معارض باسمه، آخرها معرض حمل عنوان: "من لا شيء" في شهر نوفمبر عام 2018م، بقصر الثقافة في مدينة غزة، ضم نحو 30 لوحة فنية تعبر عن موضوعات وطنية كالعودة والتراث والأسرى والحصار.

عن معرضه الأخير قال أبو حرب في حديثه إلى مراسل صحيفة "فلسطين": "الفنان محاصر كباقي سكان قطاع غزة، ويعاني ما يعانيه السكان، ولا يجد الأدوات المناسبة، والخامات المستخدمة غالية الثمن".

وأضاف: "رسالتي كانت إلى الفنانين والطلبة خاصة، أنه بالإمكان صناعة لوحات فنية من أدوات وخامات ليس لها قيمة، إذ توظف توظيفًا فنيًّا يخدم القضية، ويعبرون بها عن رسالتهم إلى العالم".

هوايتان

هوايتان الرياضة (ومن أشكالها الجمباز) والفن (ومن أشكاله الخط والرسم) وقف حائرًا بينهما عندما قرر تحديد وجهة مستقبله بعد أن أنهى الثانوية العامة، لكنه اختار الفن رغم ميله أكثر إلى الرياضة.

تحت مسمى "خربشات" يمكن تصنيف ما خطته يده من فنون مختلفة على جدران منزلهم القديم في مخيم الشابورة، وداخل كراساته المدرسية، رسومات وخطوط وغيرها من الفنون.

فعليًّا، أول فن بدأ يمارسه فن "البورتريه" (رسم الشخصيات)، فرسم بالقلم الرصاص صورًا لأشقائه ووالده وبعض الأصدقاء، وتدرج في ممارسة الفنون المختلفة إلى أن وصل إلى فن يطلق عليه اسم التكوين، وهو فن يدمج فيه عدد من الفنون.

وأتقن الفنان أبو حرب مختلف الفنون، الرسم والتصميم والنحت والتصوير والفن التشكيلي والتركيب والتجميع والحرق، وغيرها من الفنون التي لها علاقة بإنتاج لوحات فنية جميلة، كالخزفيات والفنون التطبيقية والتطريز والخطوط.

"وليصبح الدارسون والهواة فنانين يجب أن تنبع الأفكار من ذواتهم، علاوة على توظيف الأدوات والأساليب والفنون المختلفة لخدمتها وتحويلها إلى أعمال فنية أصيلة مميزة غير تقليدية"، والحديث لأبو حرب.

ويعد أبو حرب الفن إحساسًا يعيش مع الفنان، وشيئًا مجبولًا بالفطرة عليه، لاسيما أن الفنان يضيف قيمة جمالية إلى الأشياء من حوله، بدلًا من الاقتصار على القيمة النفعية.

ويميل إلى الأعمال الفنية التي تجسد واقع الشعب الفلسطيني المعيش: ثوابته وقضاياه الوطنية وتراثه الأصيل، وحالة الحصار، وأخرى جمالية نابعة من حب الحياة.

حكايات وشبهات

لوحاته التي أنتجها بيديه وعلقها في أروقة المنزل لكل واحدة منهن حكاية، ذكر منها لوحة جميلة تسر الناظرين، جسد فيها البلدة القديمة بمدينة القدس، قائلًا: "لفت نظري قطع خشبية من مخلفات العمل في إحدى المناجر، فجلبتها ووضعتها أمامي وقررت إنتاج لوحة مميزة منها".

وأضاف: "خطر في بالي البلدة القديمة بنمطها المعماري القديم، فركبت القطع على شكل قباب وأقواس بارزة في عملية إيهام أنها معالم البلدة، ثم أضفت إلى اللوحة إيهامًا خلفيًّا بصناعة عمق بالألوان والقطع البلاستيكية المذابة بالحرارة ذات اللون البرونزي الدال على عبق التاريخ".

وأبعد أبو حرب نفسه عن الشبهات في الفنون التجسيدية للكائنات الحية والرسومات العارية، وساعده على ذلك التزامه الديني، فبرأيه لا تعارض بين الالتزام الديني والفن، فـ"بإمكان الفنان إيصال فكرته ورفع صوته والتعبير عن قضيته بعيدًا عن الشبهات".

ويأمل الفنان أبو حرب نجاح الجيل القادم من الفنانين التشكيليين في مواصلة حمل الأمانة الفنية، والتعبير عن الواقع الحالي المعيش، والتعبير عن قضايا الوطن، وأن يكونوا خير سفراء لفلسطين في العالم.

الفيديو هنا

اخبار ذات صلة