محمد يفترش الأرض وألعابه، يرن جرس المنزل لتأتي صديقة والدته وابنها في سن محمد، لتطلب والدة محمد من ابنها إشراك الطفل الزائر في ألعابه.
محمد (أقل من خمس سنوات) رفض إعطاء الطفل ألعابه أو إشراكه فيها، وهو ما أوقع والدته في حرج مع صديقتها، حاولت التخلص منه بإجبار محمد على إعطاء الطفل لعبة.
أسلوب قد ترى والدة محمد أنها به تسعى إلى غرس خلق مشاركة الأشياء عند طفلها، لكنها لم تعلم أنها زرعت فيه صفات سيئة ستبقى ملاصقة له مدى الحياة، ولن يكون قادرًا على التخلص منها.
فيسعى الوالدان في كثير من المواقف إلى تعليم أطفالهم الصفات والأخلاق الحسنة؛ ظنًّا أنه إذا تعلمها في الصغر فإنها ستبقى معه طوال حياته، إلا أن التجربة بينت عكس ذلك، وأصبح هناك من يطالب بعدم تعليم الطفل الأخلاق الحسنة منذ الصغر.
الاختصاصي النفسي د. إسماعيل أهل بين أنه في سن ما قبل سبع سنوات يتعلم الطفل بنظام النموذجة والاقتداء.
وقال في حديث لـ"فلسطين": "كثير من الأهالي يحاولون تعليم أطفالهم منذ الصغر الأخلاق والصفات الحسنة، غير مدركين أن محاولتهم إجبار الأطفال ستنعكس عليهم سلبًا".
وأضاف أهل: "الطفل قبل سن سبع سنوات يبدأ التعلم وحده الكثير من الصفات التي تصقل شخصيته فيما بعد، ومنها أنه يتعلم أن لديه بعض الممتلكات الخاصة، مثل: الألعاب، والأدوات، ومصروفه الشخصي، ووجبته المدرسية، وغيرها".
وذكر أنه يمكن للأهل أن يطلبوا منه إشراك إخوته ووالديه في اللعب، أو أن يقسم لهم من مصروفه، أو الوجبات الخاصة به، ولكن لا يجوز إجبار الطفل على إشراك أطفال آخرين في ممتلكاته.
وبين أن الطفل ما قبل سبع سنوات يتعلم الأخلاق والقيم والمشاركة الإيجابية والفعالة، ولكن إذا كان هذا بأسلوب الإجبار والعنف والضرب والقهر؛ فإنها ستجعل الطفل يتصرف عكس ما يريده الوالدان.
ولفت أهل إلى أن تكرار هذا الأسلوب في التربية يجعل الطفل ذا شخصية انهزامية غير قادر على اتخاذ قرار في أي موقف، ويصبح أداة يحركها الآخرون، وفي الكبر يكون غير قادر على الدفاع عن نفسه أو ممتلكاته، لأنه عُوّد الكرم والمشاركة منذ الصغر أو الإعطاء دون مقابل.
وأكد أنه بعد سنوات ستكون شخصية الطفل ضعيفة ومنطوية ليتجنب العقاب الذي كان يلقاه عند إجباره على فعل سلوك معين، وستكون شخصيته مهزوزة وغير اجتماعية، وستلازمه صفة الانطواء والخجل والإحساس بالنقص في مراحل متقدمة من حياته.
وشدد أهل على أن الأطفال في مرحلة ما قبل سبع سنوات هم في مرحلة الاستكشاف، ويجب تركهم فيها للتعلم عن طريقة الاستخدام، وليس الضرب والإجبار.
