لم تأخذ منها مهمة التنقيب عن موهبتها وقتًا طويلًا، رغم أن هذا الطريق بالنسبة لآخرين يوصف بأنه صعب وشاق، وأصحاب المواهب يعرفون جيدًا أن الموهبة كـ"الماس" تحتاجُ إلى صقلٍ وتشكيل، لتصل إلى مبتغاها بعد الاهتمام بها.
كانت هواية "فرح" منذ الطفولة تقتني الأشغال اليدوية؛ والاستفادة من كل ما هو قديم والعمل على تحديثه، هذه الهواية لم تدُس عليها بقدميها، بل لفتت نظرها إليها، بل اعتبرتها منفذًا للهواء لتنعش حياتها؛ لتصبح لها مشاركتها الفاعلة في البرنامج الصباحي "دنيا يا دنيا" بفقرة الحِرف اليدوية والتي بفضل الله تعد من أنجح الفقرات".
أفكار سريعة ومفاجئة
فرح نوايسة درست القانون في جامعة مؤتة بالمملكة الأردنية الهاشمية، وأنهت دراستها عام 2013، وبعدها انتقلت لمرحلة التدريب في مكتب والدها بعمان، إلى جانب إحيائها لهوايتها الطفولية بإنعاش غيبوبة الأشياء القديمة المركونة جانبًا بعمل تحف وأشغال يدوية.
تتحدث لـــ فلسطين؛ من حيث مكان إقامتها في العاصمة الأردنية عمان: "تجربتي في الحِرف اليدوية بدأت منذ تواجدي في المدرسة، فكنت أشارك في العديد من المعارض وأساعد في تزيين المدرسة للمناسبات الوطنية التي كانت تقيم لها المدرسة احتفالًا بذكراها، فكنت أهتم بالتزيين وعمل ديكورات خاصة لها، ثم توجهت للمشاركة في المعارض بصورة فردية أثناء دراستي الجامعية وأبدعت بها".
وتتابع نوايسة أخصائية الحرف اليدوية حديثها: "كانت زاويتي من أبرز الزوايا في المعرض، وأكثرها مبيعًا وأكثرها مشاهدة"، ما دفعها لزيادة اهتمامها وشغفها بشكلٍ أكبر، وأصبحت تبحث عن كل ما هو جديد وبسيط في مجال الحرف اليدوية.
واكتشفت ميولها وحبها لهذه الحرف من خلال انجذابها لكل عملٍ يدوي، واستغلال مواد أولية وبسيطة موجودة في كل بيت، ومحاولة معرفة كيف تمت صناعته ووصوله للمرحلة النهائية، فكانت تحتفظ بالإكسسوارات القديمة؛ ذلك أن أي شيء يمكن إعادة تدويره وصناعته بشكل جديد.
"وتأتي الأفكار بشكلٍ سريع ومفاجئ، وأغلبها أثناء قيادتي للسيارة، حيث أتخيل العمل الفني منذ بدايته حتى نهايته"، وفق قولها، مشيرةً إلى أنها تعمل على مواكبة كل تطور وكل جديد في هذا المجال من خلال حضورها لأحدث الدورات، وشرائها أحدث الأدوات بخصوص هذا المجال، حتى لو كانت من خارج البلاد ولو استدعى الأمر السفر إلى أوروبا.
أهميتها في ازدياد
عشقها لهذا المجال اليدوي وإتقانها له، جعلها تستثمر موهبتها في تزيين بيتها، فأضفت عليه لمساتها الخاصة التي هي من صنع يديها ليكون لها رونق وديكور مختلف عن الجميع، كما أن ذلك أفادها على صعيدها الشخصي في صناعتها لهدايا خاصة لصديقاتها، وتغليفها بأسلوب جديد ومميز.
إبحارها في هذا المجال منذ تسع سنوات، مكّنها بكل يسر من استعمالها للمواد الأولية البسيطة وصناعة كل ما هو جميل من تحف وهدايا وتزيين "أسبوع مولود" مثلًا، واحتفال أعياد الميلاد بأقل التكاليف، ولكن ذلك يضطرها للزيارة دائمًا للمكتبات ومحلات "بيع الكُلف" وتزيين الشوكولاتة والأزهار، كما أنها تتوجه لمحلات مواد البناء أيضًا.
وترى نوايسة أن هذا المجال واسعٌ جدًا، وفي حالة تجددٍ بصورة مستمرة، وبالرغم من ذلك تعمل على تطوير نفسها من خلال اطلاعها على أحدث الموديلات أولًا بأول، وتصقل مهاراتها من خلال تصميم أشكال ومجسمات لافتة للنظر أكثر من غيرها المتوفرة في الأسواق، فهي تطور نفسها عبر تعلم كل ما هو جديد حول الحِرف اليدوية.
وأشارت إلى أن الحرف اليدوية هي أعمالٌ فنية لها قيمة في مجتمعنا العربي، فالقطعة اليدوية لها العديد من المميزات عن غيرها من القطع، ما يجعل أهميتها تزداد.
وذكرت نوايسة أن للحرف اليدوية أرضية قوية، خاصة أنها تفتح آفاق الإبداع لصاحبها، وتوفر عليه المال بدلًا من شراء الهدايا، فيمكنه صناعة شيء خاص ومما هو متوفر في البيت.
وتشارك نوايسة بالعديد من النشاطات الداخلية في الأردن من خلال معارض ونشاطات طلابية مدرسية ودورات تعليمية.
وتصف العقبات التي تواجهها: "لا أسمح لها بأن تؤثر سلبًا على عملي الفني بل تجعلني أكثر إبداعًا؛ وهناك العديد من الأعمال التي احتاج أن أضيفها لأشغالي بمساعدة حرفيين بمجال معين، لكن ليس دائمًا أحصل على العمل المميز منهم؛ مما يجعلني أتعلم هذه الأعمال التي يقومون بها لأشكّل لوحةً فنية متكاملة من الألف إلى الياء من صنعي ودون مساعدة أي حرفي آخر".
وتضيف: "إلى جانب أن هناك العديد من التحديات في هذا المجال، والمنافسة قوية مما يتوجب عليّ الحفاظ على مستوى عملي بل وأن أزيد من مستواه"، وتطمح أن ينتشر العمل اليدوي والحرفي أكثر، ويصبح مادة تدرس في الجامعات والمعاهد، وأن يحصل على حقه ونصيبه كباقي المهن المتوفرة.
وتأمل أن تساعد كل سيدة في منزلها تملك المواد الأولية لهذا العمل لتتعلم هذه الحرف من مكونات بسيطة متوفرة بمنزلها، وأن يصبح مصدر رزق لها ولكل فتاة أو سيدة تبحث عن عمل ولديها موهبة.