قائمة الموقع

"خلوة الزوج مع ذاته".. جريمةٌ حتى ثبوت البراءة

2017-02-01T07:13:18+02:00
صورة تعبيرية

في خلوة بسيطة مع نفسه، جلس "ممدوح" (29 عامًا) لعدة دقائق في غرفة خلت من أهل بيته، ليراجع علاقاته الشخصية مع الآخرين، وبعض المواقف التي مر بها خلال يوم صاخب في العمل، كنوع من التفريغ النفسي ومصارحة الذات، إلا أن هذه الدقائق كانت كفيلة بصنع مناوشة مع الزوجة التي لم يرقها جلوس زوجها وحيدًا بعيدًا عنها وأبنائها ولو أمتارًا قليلة.

ويوضح ممدوح وهو اسم مستعار لشاب يعمل في مجال الطلاء في غزة، أن خلوته مع نفسه التي تعد الهامش الضيق المتبقي من خصوصيته، أمر لم يعجب زوجته التي اعتبرته يحاول الهروب منها.

وقال ممدوح لـ"فلسطين": "كنت أشعر بضيق كبير بسبب عدم توفر المال، فتوجهت إلى غرفة مظلمة صامتة من أجل الحصول على الهدوء وصفاء الذهن لمراجعة بعض حساباتي المالية، حتى داهم صوت زوجتي خلوتي لتقول لي (فيمن تفكر؟)، فأجبتها: "لا أفكر بأحد"، إلا أن إجابتي لم تعجبها لتتهمني بأنني أفكر بامرأة أخرى، وأنني أحاول الهروب منها حتى انتقلنا في الحديث إلى مرحلة الجدال، فالخلاف، فالمناوشات المصحوبة بالصراخ. رغم أن لا شيء من اتهاماتها صحيح".

ما حدث مع ممدوح يجسد واقع عدم تفهم الكثير من الزوجات لخلوة أزواجهن مع أنفسهم التي تحمل أهمية كبيرة بالنسبة إليهم للحصول على بضع دقائق من صفاء الذهن والهدوء الذي يساعدهم في اتخاذ القرارات الصائبة سواء في حياتهم المهنية أو علاقتهم مع الآخرين.

وترى سماح وهي فتاة تبلغ (24 عامًا) ومتزوجة منذ ثلاثة أعوام، أن خلوة الرجل تعد حقًا من حقوقه التي لا يجوز للزوجة اقتحامها وسلبها من زوجها، لاعتبارها جزءًا من الخصوصية التي تعد حقًا لكل فرد حيث لا يمكن تذويبها تمامًا مهما بلغت قوة ومتانة العلاقة الزوجية.

وقالت سماح لـ"فلسطين": "يجب على الزوجات أن يقدرن عمل أزواجهن لساعات طويلة تمتد في المتوسط إلى 8 ساعات متواصلة يتخللها عادةً الإرهاق وشد الأعصاب بشكل مستمر، لذا فإن من حق الرجل الحصول على وقت لمعالجة نفسه من آثار العمل المتواصل بعيدًا عن صخب الأبناء أو الحديث مع الآخرين".

وبيّنت أنها تمنح زوجها هذا الوقت دون أن تشعر بأي حنق لحاجته الماسة لإراحة أعصابه ومصارحة ذاته حول ما مرّ به من ظروف ومشكلات، مضيفةً: "إن حاجة الرجل للجلوس وحيدًا لا يعني أنه يفكر بأخرى، أو أنه لا يرغب بمشاركة زوجته أفكاره ومشكلاته، لأن هذه الخلوة تساعد في تحديد ملامح المشكلة التي تواجهه، قبل أن ينتقل إلى أخذ مشورة الزوجة لبحث طرق حلها"، مؤكدةً أن هذه الخلوة تساعد كثيرًا في تخليص زوجها من الهموم ما ينعكس إيجابًا على الحياة الزوجية.

نصائح ومحاذير

الخبير الاجتماعي إياد الشوربجي، يرى أن كل إنسان بحاجة إلى فترة صفاء مع ذاته تسمى جلسة مصارحة مع الذات لترتيب أفكاره وتجميعها أو محاولة مراجعة حساباته وعلاقاته مع الآخرين، مشيرًا إلى أن الخلوة مع الذات ليست حكرًا على الزوج فقط بل للزوجة أيضًا حقها في ذلك.

وقال الشوربجي لـ"فلسطين": "أفضل ساعات الخلوة عند الرجل هي أولى ساعات الصباح أو في ساعات المساء، في هذه الأوقات يراجع فيها الرجل كل ما يشغل باله وتفكيره، ولكن في بعض الحالات قد يساء تفسير هذه الحالة من قبل الزوجة، التي قد تفسره أنه هروب منها أو التهرب من الجلوس معها، ولكن في الحقيقة هذا أمر مهم للزوج ويعد من الدعائم الأساسية للانتقال إلى وضع أفضل في الحياة الزوجية".

وأضاف: "يجب أن تقدر الزوجة أعباء زوجها وأن تأخذ هذا الأمر على منحى إيجابي وليس سلبيًا دون هواجس وشكوك، فالرجل الذي يفكر بأخرى تفضحه الكثير من العلامات، لذلك لا يجب اعتبار أنه يفكر بأخرى عندما يمارس خلوته كمؤشر وحيد على هذا الأمر".

رغم ذلك إلا أن الخبير الاجتماعي يرى أنه من المفترض أن يختار الزوج الوقت الأفضل لخلوته مثل الوقت الذي تكون فيه الزوجة منشغلة في أعمال المنزل، لا في الوقت الذي تكون فيه الزوجة متفرغة من أجله، لأن هذا الوقت تحتاجه الزوجة أيضًا للحديث إلى زوجها والتقرب منه أو لمناقشة بعض القضايا المشتركة.

وشدد الشوربجي على ضرورة أن يراعي الزوج قضية مشاركة الزوجة لمشاكله وتفكيره، ومناقشة القرارات المصيرية سويًا، لأن هذا يعد جزءًا من الشراكة الزوجية التي تعد أحد أهم مقومات نجاح الحياة الزوجية.

اخبار ذات صلة