قائمة الموقع

​"هون حفرنا ما طمرنا".. مبادرة لطرح قضايا اجتماعية

2019-01-16T21:15:20+02:00


كثيرة هي الأسرار التي تدور في رحايا صدورهم، وتكبر مع الزمن حتى فاض الإناء وطفح كيله، وبسبب طبيعة المواضيع وحساسيتها، يتناولها المجتمع بسطحية، فاختارت ثلاث صبايا تقمص دور العجائز للحديث عن القضايا بكل عفوية، وبكامل الحرية، وبعيدًا عن الخوف، ووفق خبرتهن في الحياة التي أخذت منهن أشياء كثيرة، وفي المقابل أعطتهن أخرى، بمبادرة اجتماعية "هون حفرنا ما طمرنا"، وهي عمل فني بتقنية "الستوب موشن"..

طرح بحرية وقوة

"أم خالد، وأم درويش، وأم علي"، هن آية المتربيعي (19 عامًا)، وسوسن القدومي (27 عامًا)، وإيمان الأشهب (26 عامًا).

قالت المتربيعي: "جاءت الفكرة لتسليط الضوء على القضايا الاجتماعية التي تخص النساء، أو تشترك فيها مع فئات أخرى من المجتمع، وإتاحة الفرصة لمناقشة المحتوى بعد طرحه بعمل فني بواسطة "الستوب موشن"، كونه وسيلة تتيح لنا المجال للتحدث بحرية وبأسلوب مختلف".

وقد تشكلت الفكرة لدى الثلاثي من خوضهن لتجربة التدريب في مجال صناعة الرسوم المتحركة، فأصبحن على دراية بالإمكانيات التي يوفرها المجال، وتمكن من معرفة كيفية إيصال أفكارهن ومشاعرهن وقضاياهن من الشخصيات التي تخيلنها وحولنها لمجسم صلصالي يتحرك ليعرض ما يجول في خاطرهن، ويتحدث بكل حرية، ويمهد لهن الطريق للحديث عن الحياة بكل واقعية بعيدًا عن الخوف من مواجهة المجتمع.

وأضافت: "فقررنا استخدام ما نملكه من امكانيات في هذا المجال لتكريسها لخدمة النساء، وتوعية المجتمع بقضاياهن، ولسماع صوتهن تجاه مشاكل أخرى".

وأوضحت المتربيعي أن النساء يعانين من عدم وجود الحرية الكافية في المجتمع في طرح القضايا، والعادات والتقاليد، والقيود الأسرية التي تمنع السيدات من طرح العديد من المشاكل.

وأشارت إلى أن المبادرة نفذت بعمل فني بتقنية الرسوم المتحركة، وبسلسلة حلقات مستقبلية على لسان ثلاث سيدات كبار في السن بحوار يحمل النكهة الكوميدية، ويعرض القصة من عدة وجهات نظر بجرأة ودون حواجز، ومشاركة ما فاض به إناؤهن، بطريقة تؤكد دورهن في المجتمع.

وقد استثمرن قدراتهن ومواهبهن في الكتابة والتصوير والتصميم والإخراج لطرح القضية للمجتمع ومناقشتها مع الفئة المستهدفة ومعرفة مدى تلقيهم للمحتوى واستفادتهن من آرائهم وردة فعلهم.

وصنعن دمى من الصلصال والقماش بملامح عجائز، يتم تحريكها وصناعة منها فيلم وقصة، وتجميعها في بيت المختارة أم خالد، يتم فيه كل الأحداث والحكايا، غلب عليه طابع التراث الفلسطيني، "بيت مريح ودافئ، ويستقبل كل المواضيع، فكانت جدرانه وبابه وشبابيكه، وأثاثه والتلفاز والراديو حتى فناجين القهوة تراثية".

أسلوب فني

ولفتت المتربيعي إلى أن "هون حفرنا ما طمرنا" هو عبارة عن تبديل وتحريف للمثل الأصلي "هون حفرنا وهون طمرنا"، "فنحن لا نريد أن نطمر، بل نطرح المواضيع بكل جرأة ونناقشها حتى تفوح ريحتها ونعبر عنها بطريقتنا، بعيدًا عن الخوف والقلق، وتم ذلك بأسلوب فني جديد بتحريك دمى الصلصال".

والمبادرة سلسلة من الحلقات والاسكتشات، وأول حلقة تحدثت عن تعدد الزوجات، وكانت بعنوان "ناوي ع التالتة".

استغلال للمواهب

ساعدهن في الأمر تخصصاتهن الجامعية، فإيمان خريجة فنون من جامعة الأقصى تولت مهمة التلوين، وصناعة المصغرات، والأمور الفنية، وسوسن خريجة الديكور كانت عليها مسئولية تصميم الديكورات وصناعتها من أقل الخامات، أما آية فلديها هواية في الإخراج وقد أوكلت إليها مهمته، إلى جانب كتابة السيناريو عن الموضوع المختار، أما التصوير فلم تكن مهمته سهلة، والذي كان عن طريق الهاتف المحمول، فتم توزيع جوالين ليتم التصوير حسب الرؤية الإخراجية.

وصفت التجربة الأولى بالناجحة، رغم أن هذا النوع من الفن غير موجود، وثقافة الصلصال والستوب موشن مفقودة، وغير موجودة بغزة، كما أن الناس تحب الأفلام والاسكتشات (مقاطع تمثيلية) المضحكة الكوميدية، واعترض البعض على أن لو الأنيميشن حقيقة لكان أجمل.

وتابعت المتربيعي حديثها: "الأنيميشن كان وسليتنا للخروج خارج الصندوق، كما أنه من الصعب قبول سيدات كبار في السن للتمثيل، فكانت هذه تجربتهن الأولى في صناعتهن، ولولا مواهبنا، وتخصصاتنا لما كنا نستطيع اكمال مشوارنا".

وبينت أن الناس في غزة ينظرون للأمر كأنه لعبة، أو شيء يستهدف الأطفال كونهم دمى، كما أن الجمهور غير معتاد على جهات فنية إعلامية تتحدث بجرأة وطرح المواضيع بقوة وحرية، وضيق الوقت كان من المعيقات التي واجهتهن.

طموح

ويطمحن في الحلقات القادمة لطرح قصص ومواضيع جريئة وجديدة تخص المرأة كحرمانها من الميراث، والاعتداءات الجنسية من المحارم، وهجرة الشباب، "كما نطمح بزيادة أعضاء الفريق للعمل أكثر على الشخصيات والديكورات، وعمل حارة كاملة تضم بيوتا وشوارعا وأسواقا، وشخصيات أكثر، بدلًا من بيت واحد"، وفق قولها.

وتتمنى أن تصل الحلقات التي يتم عرضها للبلدان العربية، وألا يقتصر الحديث على قضايا فلسطين، وتأمل أن يتم احتضانهن من قناة تلفزيونية، وتصبح المبادرة كمشروع يعود عليهن بتحصيل مادي.

اخبار ذات صلة