المرأة ذات الشخصية القوية التي تستطيع أن تقوم بجميع المهام بكل كفاءة ودون شكوى، وتجدها وجهة لجوء الآخرين لها لأخذ مشورتها أو مساعدتهم، لا تتباكى على الماضي، المحن والصعاب تعدها اختبارات من الله على شكل منح.
لكن يبقى السؤال: هل قوة شخصية المرأة تتعارض مع أنوثتها؟، نظرة بعض النساء لها تكون أكثر إجحافًا من الرجل بأنها متسلطة ومسترجلة؟، والرجل أيضًا يخشى الارتباط بصاحبة الشخصية القوية لأنه يريد من تنفذ أوامره ولا تناقشه، ويعدها ندًا له فهو يحب المرأة الخانعة!.
الوقاحة
الاختصاصية النفسية إكرام السعايدة أكدت أن قوة شخصية المرأة لا تتعارض مع أنوثتها، فهناك لغط بين مفهوم قوة الشخصية والوقاحة، وشعرة رفيعة للتفريق بينهما.
وأشارت السعايدة لـ"فلسطين" إلى أن مميزات المرأة صاحبة الشخصية القوية من الشخصيات اللافتة في مجتمعاتنا وتشكل محور اهتمام وانتباه للآخرين، وفي أحيان أخرى تمتلك طاقة داخلية إيجابية تنعكس عليها وعلى من حولها.
ولفتت إلى أن اللغط بين مفهوم المرأة ذات الشخصية القوية وبين الوقاحة، ساد نتيجة الاختلاط مع الرجل في معترك العمل ورفع الكلفة بينها وبينه مما أدى لزيادة الألفة.
وبينت أن قوة الشخصية تعبر عن مدى الوعي والنضج الذي تمتلكه المرأة، وعن مدى ثقتها بنفسها، لافتة إلى أن المرأة في بعض الأحيان قوة شخصيتها تكون نتاجًا لخبرات وتجارب مرت بها في حياتها جعلت منها إمارة قوية تتميز بالصبر وقوة العزيمة.
رضاها عن نفسها
وأوضحت السعايدة أن صاحبة الشخصية القوية قادرة على التغاضي عن أخطاء الآخرين وعدم الوقوف عندها طويلًا، فهي تؤمن دائمًا بأن المستقبل أمامها وحليفها وتصنع فرصًا مميزة من كل حدث تمر به.
ولفتت إلى أنها تعد أن المحن التي تمر بها ما هي إلا اختبارات من الله سوف تتجاوزها بحكمتها وصبرها، كما أنها تغفر زلات وهفوات الآخرين، ولا تتباكى على الماضي، وتسعى دائمًا إلى تحقيق السلام الداخلي.
وذكرت الاختصاصية النفسية أن صاحبة الشخصية القوية تدرك جيدًا أن رضاها عن نفسها وتقديرها لذاتها يأتي في سلم أولوياتها، لأنه يشكل مفتاح النجاح في حياتها الاجتماعية والمهنية، ويعمل على تعزيز مكانتها بين الآخرين.
قد يعد البعض أن انخراط المرأة في معترك الحياة وخوضها غمار العمل والدراسة صنع منها امرأة قوية صعبة المراس، فبالتالي فقدت أنوثتها لتثبت نفسها للآخرين.
أشارت إلى أن هذا مغاير تمامًا لعين الحقيقة، فكل القوة تكمن في أنوثة المرأة، والتي تعد سلاحًا حباها الله بها، ولكن تصرفات بعض النساء والتي خالفت تلك الفطرة واعتقدت خطأ أن الشخصية القوية تعني التخلي عن الأنوثة لكي تحتل مكانة مرموقة في الحياة.
وقالت السعايدة: "وللأسف باتت تلك النظرة تسود في ثقافة المجتمع، ولعبت المرأة نفسها دورًا في تكريس تلك النظرة، لكنها أغفلت جانبًا مهمًا أن كل القوة تكمن في أنوثتها والمتمثلة في فطرتها السليمة التي تعبر عنها مظاهر عدة منها المودة والرحمة والسكينة التي تشعرها بغيرها".
الاسترجال والسند
وعزت ربط بعض السيدات قوة الشخصية بالاسترجال إلى أسباب عدة، منها: غياب السند الحقيقي وهو الرجل الذي يمكن الاعتماد عليه وتولي مسئوليات البيت على أكمل وجه، فحينما لا تجد المرأة هذه النموذج تلجأ إلى الاسترجال، وتقوم بالمهام التي من المفترض أن يقوم بها الرجل، بالإضافة إلى أن التنشئة الأسرية المبنية على مفاهيم مغلوطة ومفادها لا بد أن تكون المرأة رجلاً.
وأشارت الاختصاصية النفسية إلى أن صاحبة الشخصية القوية تؤدي جميع الأدوار على أكمل وجه وتعطي كل ذي حق حقه فتجدها أمًا صالحة وموظفة مخلصة وزوجة وفيّة وابنة بارة.
ولفتت إلى أن نظرة المجتمع الأنثوي للمرأة القوية نظرة مجحفة، والأشد فظاظة أن المرأة نفسها هي التي ترمق المرأة القوية بنظرات حادة وعلى الرغم أنها مقتنعة داخلها بهذه الشخصية، وتعدها مسترجلة للتقليل من شأنها وتقزيم قدراتها.
وبينت السعايدة أن المرأة قوية الشخصية من الشخصيات الملفتة بالنسبة لمعشر الرجال، ولكن بعض الرجال يخشون الارتباط بها لأنهم يعدونها منافسة، وشخصيتها عنيدة صعبة، لا يمكن إقناعها بسهولة وهو اعتاد على نمط المرأة الخانعة التي لا تناقش ولا تبدي رأيها في أي موضوع تطرح بخلاف المرأة قوية الشخصية.
ولفتت إلى أن الزوج أحيانًا يستغل قوة شخصية زوجته فيلقي على عاتقها المهام المنوطة به، ولكن في هذه الحالة يفقد احترام وتقدير أبنائه له.
وأوضحت الاختصاصية النفسية أن المرأة قوية الشخصية قد تدفع فاتورة هذه القوة، فلا تنعم بالراحة دائمًا وتكون واقعة تحت ضغط من الزوج أو حتى من المجتمع، ودائما تكون وجهة لجوء الآخرين إليها على حساب صحتها ووقتها وجهدها، لأنهم يعدونها قادرة على تحمل الآخرين.