قال الناطق باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، أبو عبيدة: إن المقاومة تتعهد بالعفو عن أي عميل يساهم في استدراج قوة إسرائيلية خاصة أو ضابط ومكافأته بمبلغ مليون دولار.
وكشف أبو عبيدة تفاصيل جديدة حول عملية "حد السيف" القسامية، التي أحبطت خلالها المقاومة الفلسطينية عملية أمنية معقدة حاولت تنفيذها قوة إسرائيلية خاصة تسللت إلى قطاع غزة في نوفمبر الماضي.
وأعلن نتائج التحقيق في عملية "حد السيف"، مؤكدًا أن رد المقاومة عليه كان مؤلمًا للاحتلال وحمل رسالة واضحة "بأن غزة حرام على الصهاينة".
وقال أبو عبيدة في مؤتمر صحفي، أمس، أن ما نشرته كتائب القسام من نتائج حول تحقيقات عملية حد السيف شرق خانيونس قبل أسابيع، هو جزء مما تحصلت عليه استخبارات القسام من معلومات مما تسمح الظروف والمعطيات بنشره وإعلانه.
وأوضح أنه تم "كشف أفراد القوة بأسمائهم وصورهم وطبيعة مهماتهم والوحدة التي يعملون فيها، وأساليب عملها، ونشاطها الاستخباري والتخريبي في العديد من الساحات الأخرى"، موجهًا التحية لأبناء الشعب الفلسطيني لتعاونهم في التحقيقات.
وأضاف: "نبشر شعبنا أننا قد سيطرنا على أجهزة تقنية ومعدات تحتوي على أسرار كبيرة ظن العدو أنها قد تبخرت بقصفه مركبات ومعدات القوة"، واصفًا إياها بـ"الكنز المعلوماتي الذي له ميزة إستراتيجية في صراع العقول".
ووجه رسالته إلى الاحتلال الإسرائيلي، قائلًا: "يجب على العدو وأجهزته الأمنية أن تقلق كثيرًا، لكون أن الكنز المعلوماتي الذي تحصلنا عليه سيعطينا ميزة إستراتيجية على صعيد صراع العقول مع الاحتلال الصهيوني".
وأكد أن "العبث بأمن شعبنا ومقاومتنا خط أحمر(...) واللعب بالنار سيواجه بحدّ السيف".
وأشار أبو عبيدة إلى أن "قرار فصائل المقاومة الفلسطينية ضمن الغرفة المشتركة بالرد على العدوان والغدر الصهيوني بعد ساعات من وقوع الجريمة، كان مؤلمًا للعدو، وحمل رسالة واضحة لا تزال وستظل أصداؤها حاضرة؛ بأن غزة أرض حرام على الصهاينة، وأنها لن تسمح بتمرير أي سلوك للعدو من هذا القبيل".
وشدد على أن "هذه العملية تثبت صوابية مراهنة المقاومة على حاضنتها الشعبية ومراكمتها للقوة وإعدادها المتواصل على كل الصعد الأمنية والاستخبارية والعسكرية"، قائلًا: "إننا إذ أفشلنا الكثير من المحاولات لاختراق هذه البيئة التي أنشأتها المقاومة عبر سنوات طويلة، لنحن قادرون على مواصلة الطريق وكبح عنجهية الاحتلال والرد على عدوانه وبتر أطرافه التي تمتد نحو أرضنا وشعبنا ومقدراتنا بعون الله تعالى".
فرصة
وأعطى القسام فرصة لعملاء الاحتلال للتوبة، إذ خاطبهم أبو عبيدة بالقول: "في إطار هذه الحرب الدائرة بيننا وبين العدو الصهيوني فإننا نعطي الفرصة لكل العملاء الذين سقطوا في وحل العمالة أن التوبة ما زالت قائمة، وأن أي عميل يسهم في استدراج قوة صهيونية خاصة أو ضباط شاباك فإن المقاومة تتعهد بالعفو عنه ومكافأته بمبلغ مليون دولار".
وتقدم الناطق العسكري بـالشكر والتحية للشعب الفلسطيني في كل الساحات، وأهالي قطاع غزة وشرفاء الأمتين العربية والإسلامية ومحبي المقاومة على تواصلهم وتقديمهم للمعلومات وتعاونهم المثمر، في التحقيقات وتقديم كل العون للمقاومة للوصول إلى كشف ملابسات العملية، وتفهمهم لبعض الإجراءات المتعلقة بالتحقيقات.
وأكد أن "مقاومتنا لا تزال تسجل كل يوم إنجازًا جديدًا وإساءة جديدة لوجوه الصهاينة، وتتقدم خطوة بعد خطوة نحو النصر والتحرير وكنس الاحتلال واستعادة الأرض والمقدسات"، موضحًا أن المقاومة تخوض في سبيل ذلك "غمار معركة مفتوحة مع هذا العدو المجرم الذي لا عهد له ولا ميثاق، وكان آخر فصول هذه المعركة بالأمس القريب عملية حدّ السيف".
تفاصيل "حد السيف"
وفي التفاصيل الدقيقة لكشف المقاومة لعملية الاحتلال شرقي خانيونس، أشار أبو عبيدة إلى أن كتائب القسام أعلنت للشعب الفلسطيني عبر ثلاثة بيانات سابقة عن بعض حيثياتها وتفاصيلها، قائلًا: "نقف اليوم من جديد لنضع أمام العالم بعض ما توصلت إليه كتائب القسام حول نتائج هذه العملية مما سمح بنشره وإعلانه".
وأضاف: "في الوقت الذي كان يدور فيه الحديث عن وساطات وجهود من أطراف عديدة للتوصل إلى تفاهمات لتفكيك الأزمة الإنسانية في القطاع، ظنّ العدو الصهيوني بأن المقاومة في حالة تراخٍ وانشغال، أو أنها ستقف عاجزة عن الرد على عدوانٍ سافر أو جريمة قذرة"، مشيرًا إلى أن الاحتلال "قرر تنفيذ عملية أمنية استخبارية خطيرة وحساسة".
وأوضح أبو عبيدة أن "العدو جنّد لعمليته إمكانات كبيرة وأوكل مهمة تنفيذها إلى قوة الكوماندوز الأولى على مستوى جيش العدو، والمعروفة بوحدة "سيرت متكال" بمشاركةٍ مباشرةٍ من جهاز المخابرات الصهيوني المعروف بالشاباك، حيث تلقت القوة تدريباتها عملياتيًّا وفنيًّا بين شهري يناير وأكتوبر من العام 2018".
وكشف أن "العملية كانت تهدف إلى زراعة منظومة تجسس للتنصت على شبكة الاتصالات الخاصة بالمقاومة في قطاع غزة، في مسعى متكرر استطاعت المقاومة إفشاله وكشفه رغم المحاولات الحثيثة من قبل استخبارات العدو وتجنيدها لذلك كل ما توصلت إليه من منظومات وتكنولوجيا ووسائل وأساليب"، مبينًا أن العملية بدأت قبل التنفيذ بعدة أشهر.
وقال أبو عبيدة: "العملية بدأت قبل التنفيذ بعدة أشهر من خلال إدخال المعدات الفنية واللوجستية والسيارات المخصصة لها تهريبًا على مراحل مختلفة عبر المعابر المؤدية إلى قطاع غزة، وخاصة معبر كرم أبو سالم المخصص للبضائع والاحتياجات الإنسانية والمعيشية وتم تخزين هذه المعدات في بعض الأماكن التي نتحفظ عن ذكرها لدواعٍ أمنية".
وأردف بالقول: "مساء يوم تنفيذ العملية تسلل أفراد قوة الكوماندوز وقوامها خمسة عشر فردًا جميعهم من الجنود الصهاينة ليس بينهم أي عميل وبعضهم يهود شرقيون، موزعين على مجموعتين، إحداهما مجموعة تنفيذ، والأخرى مجموعة تأمين، وقد تسللوا من إحدى المناطق الوعرة في السياج الفاصل، مستغلة وجود الضباب الكثيف".
وأشار أبو عبيدة إلى أن "القوة كانت مجهزة بأدوات متقدمة ومنظومة قيادة وسيطرة، ومعدات طوارئ، وكل ما يلزم لعمل قوة عسكرية خاصة"، موضحًا أن القوة كانت قد أعدّت كل الوثائق اللازمة للتمويه والغطاء لتنفيذ مهمتها".
وأضاف: "زورت -القوة الخاصة- بطاقات شخصية باسم عائلات حقيقية في قطاع غزة، واستخدمت مركبتين بأوراق مزورة، وزورت أوراقًا لجمعيةٍ خيرية استخدمتها القوة كغطاء لعملها، وكانت إحدى الضابطات المشاركات في المهمة قد دخلت سابقًا إلى القطاع وخرجت تحت غطاء مؤسسة دولية عاملة في القطاع".
وبين أبو عبيدة أن القوة استأجرت أحد الشاليهات السياحية في منطقة خانيونس من مواطن فلسطيني لعدة ساعات كنقطة التقاء، مستخدِمة الغطاء المذكور والأوراق المزورة، وفي أثناء تحرك القوة لتنفيذ مهمتها اعترضتها قوة أمنية لكتائب القسام بعد الاشتباه بها، ولاحقت المركبة التي كانت تقل قائد القوة الخاصة الصهيونية شرقي خانيونس.
وتابع: "بعد تحقيق القائد الميداني نور بركة وضباط استخبارات القسام مع أفراد المركبة اشتبهوا بالقوة وقرروا احتجازها، وعندما باشرت دورية القسام اعتقال أفراد القوة، أشهرت القوة السلاح وأطلقت النار، الأمر الذي أدى إلى استشهاد بركة والمجاهد القسامي محمد القرا، فيما رد المجاهدون على القوة وقتلوا قائدها وأصابوا آخر على الفور".
وأكمل أبو عبيدة حديثه: "تمكن بقية أفراد القوة الصهيونية من سحب القتيل والمصاب والهروب من مكان الحدث، قبيل قدوم التعزيزات من كتائب القسام، وبدأ مجاهدونا على الفور عملية مطاردة القوة وإغلاق السياج الفاصل شرق قطاع غزة، والانتشار والسيطرة على المنطقة، وتأمين جميع محاور قطاع غزة".
مطاردة واشتباك
وأوضح أنه "تم في أثناء المطاردة الاشتباك مع القوة الصهيونية الخاصة، وبالتزامن مع ذلك حصل تدخل الطيران الحربي والمروحي وطائرات الاستطلاع والمدفعية الصهيونية، ونُفذت عشرات الغارات على محاور الطرق وضد المجاهدين الملاحِقين للقوة الخاصة الهاربة، فعزلت بالنيران قواتنا عن القوة المعتدية".
وأشار إلى أن القوة الخاصة تمكنت من الهروب بالقتيل والإصابات تحت هذا الغطاء الناري وبمساعدة طائرة مروحية تدخلت لإخلائها، وقد أقدمت طائرات الاحتلال مباشرة على قصف المركبات التي استخدمتها القوة داخل قطاع غزة في محاولة لتضليل المقاومة عن هدف العملية أو تفاصيل عمل القوة.
ولفت أبو عبيدة إلى أنه قد ارتقى في عمليات المطاردة والاشتباك التي أعقبت هروب القوة خمسة من المجاهدين، وهم: علاء الدين فسيفس ومصطفى أبو عودة ومحمود مصبح وعمر أبو خاطر و خالد قويدر رحمهم الله تعالى وأعظم أجر ذويهم.