يقف الشعب الفلسطيني اليوم أمام شاغر في منصب رئيس يمكن أن يمثله، ويدافع عن حقوقه في وجه احتلال مجرم، وفى ظل تواتر المؤامرات وتشابك الرغبات الدولية نحو إنهاء آماله في إقامة دولته المستقلة.
هذا الشعب المثخن بالجراح يتخطفه الطير وتحاربه الرياح المرسلة من الشرق والغرب، وعلى طاولات البحث يبقى مطروحاً للإطاحة به وقضم حقوقه، وتهشيم ما بدا له من أنياب ما زالت تتشبث بقدر من الصمود.
تاريخ قديم جديد ومعاناة لا تتوقف وما زالت فلسطين تعاني، فما الذى تغير؟؟ لقد تغير كل شيء لكن المجال هنا لا يسمح بالتفصيل طويلا. لكنني هنا أجد نفسى متوقفاً أمام غياب رئيس السلطة، فأين الرئيس الذى يسعى لكسر الحصار عن قطاع غزة؟ وأين الرئيس من المستوطنات. وأين الرئيس من جرائم وممارسات الاحتلال؟ وأين هو الآن من 7 ملايين لاجئ مشردين في أصقاع الأرض؟ وأين هو من شباب الضفة الذين يتخطفون من فراشهم في ساعات الفجر؟ وأين هو الآن بعد ضياع القدس؟ أين؟ وأين؟ والقائمة تطول، فعذابات شعبنا لا تسع الكلمات جميعها لترجمتها.
نعم بعد كل هذا أصبحت فلسطين بلا رئيس حقيقي، وليت الأمر توقف عند هذا فالسيد محمود عباس، يعاقب الفلسطينيين ويكافئ الاحتلال على جرائمه، وأصبح يراهن على تدمير ما تبقى من حياة في قطاع غزة، بعد فشل كل المحاولات الصهيونية للإطاحة بحركة حماس وفصائل المقاومة وحالة الصمود التي تشكلها غزة.
ورغم كل ما قدمت غزة من تضحيات، والضفة من معجزات في المقاومة، إلا أن رئيس السلطة محمود عباس ما زال يسير في عكس الاتجاه، ويتوعد شعبه بالهلاك والدمار وبمزيد من الويلات، ويعز عليه أن يفقد السيطرة وتطيش البوصلة وتتلاشى قوته وتضيع بطشته أمام ثبات شعبه الذي يؤمن بالكفاح المسلح وما زال يناهض مشروعه الاستسلامي تجاه المحتل.
نعم غزة كما الضفة تعصي الأمر الخياني وتتمرد على واقع التنسيق الأمني، وتدخر الرصاصات وتخزن زادها وتربي أولادها على عقيدة المواجهة الشاملة التي نؤمن أنها طريقنا نحو تحرير فلسطين، وهذا أوجد حالة من الجنون والضغط النفسي لدى عباس وفريقه الغائب الحاضر، حتى استغلوا مناسبة وطنية سطرها أبطال فلسطين بدمائهم الزكية التي بقيت محفورة في ذاكرة الأجيال، ليمرروا مخططا لإشاعة الفوضى والفلتان الأمني، وأدخلوا شعبنا في موجة منظمة من الإرهاب الإعلامي والسياسي والميداني، لكن ومع بدء الهجوم الذي يستهدف الوضع السياسي والإداري والمالي لقطاع غزة، وانفلات ناطقي رام الله عن جادة الصواب وانحرافهم عن القيم الوطنية، وإعلان حالة العداء لقطاع غزة، وظهور ترجمات حقيقية للتهديدات من خلال الانسحاب من معبر رفح، وخصم الرواتب وقرارات فصل الموظفين، والتلويح بسيل جارف ينال من مقومات الحياة.
رغم كل تهديداتهم تبدو غزة أكثر تماسكاً، ومواقفها أكثر شدة وصلابة، وحواراتها الوطنية تزداد عمقاً في مواجهة خطر عباس؛ فغزة نالت شرعيتين واحدة من خلال الصندوق حين هتف الشعب بفوز البندقية، وأخرى حين نطقت من قلب الغرفة المشتركة وأسمعت كل فلسطين صفير الصواريخ التي أيقظت الأسماع والأبصار لحقوق الشعب الفلسطيني ودفعت الاحتلال وكل الوسطاء الإقليميين والدوليين للتفاوض لوقف الصواريخ.
ومن هنا فلا يحلمن هؤلاء بأن يحيد أبطال غزة, للارتماء في حضن المحتل، ولا يعتقدن عباس أن الأمور تسير في صالحه، فالشعب الفلسطيني سيختار رئيساً يمثله, عله يعوض شعبنا عن الفراغ السياسي والوطني والأخلاقي الذي أحدثه عباس؛ فخيارات غزة وخطواتها ليست منعدمة ويمكنها أن تفعل الكثير في مواجهة الخطر الداهم.