قائمة الموقع

​"الزعانين" هرب من الإعاقة فخرج بـ"العشق السرمدي"

2019-01-12T09:52:36+02:00
وسام الزعانين

بعد إصابته بشلل نصفي طولي أيسر في الحرب عام 2014، انزوى وانعزل عن الناس، فاتخذ "وسام الزعانين" من الكتاب جليسًا يهرب إليه من نظرات الشفقة التي تحمل سؤال: "كيف كان، وإلى أين صار؟".

الزعانين (26 عامًا)، إصابته أعاقته عن لعب كرة القدم والعدو؛ وفجّرت في داخله البحث عن طاقة التأليف والكتابة، فاتجه نحو كتابة المقالات لشحذ همم ذوي الإعاقة وكان صوتهم المكتوم، ويعكف حاليًّا على كتابة رواية.

كرسي متحرك

يتحدث صاحب الهمة وليس الإعاقة، كما يحب أن يُسمي بها المعاقين: "في عام إصابتي قدمت الفصل الأخير من بكالوريوس اللغة العربية، وكافحت كثيرًا وتحديت إصابتي لمواصلة تفوقي فتخرجت بمعدل امتياز والأول على دفعتي، رغم أنني كنت أتمنى الحصول على امتياز مع مرتبة الشرف لكن إصابتي أثرت في تحصيلي".

ويضيف الزعانين لـ"فلسطين": "عانيت في بداية إصابتي من نظرة الشفقة على وجوه المجتمع، فكانت سببًا في عزلتي والبعد عن مخالطة الناس، ولكن والداي كانا أكبر داعمين لي وإخراجي من عزلتي، وبعدهما خطيبتي".

واستمر في الخضوع لجلسات العلاج الطبيعي، حتى استعاد قدرته على المشي بنسبة 80%، وتخلص كليًا من الكرسي المتحرك.

زوجتي أخذت بيدي

لأنها آمنت بقدراته، أخذت زوجة "الزعانين" أوراقه الثبوتية وقدمتها بدلًا عنه في إعلان لوظيفة معلم لغة عربية في جمعية تحتاج إلى معلم لغة عربية، وبالفعل قبل طلبها ونجحت في أن تخرج زوجها من قوقعته لمواجهة المجتمع.

يقول: "في بداية عملي كنت خجلًا جدًا من إصابتي نتيجة عدم ثقتي بنفسي وبقدراتي رغم أنني كنت متفوقًا في الدراسة، عملت شهرًا منشطًا صيفيًّا، كنت أقفز وألعب من الأطفال واستعدت معهم شيئًا من روحي التي فقدتها".

ويردف الزعانين: "بعد ثلاثة أشهر حصلت على بطالة معلم مساند مدة عام ولبثت عامًا دراسيًا كاملًا على بند بطالة معلم مساند مدرس لغة عربية، وعقبها وفاة والدتي وحزني على فقدانها أعادني لعزلتي من جديد".

ويشير إلى أنه اضطر إلى إعطاء دروس خصوصية لبعض الطلبة وكذلك زوجته، لتكون مصدر رزق له، ولكن بسبب عزوف الأهل نظرًا للأوضاع الاقتصادية الصعبة، توقف وعاد إلى نقطة الصفر دون عمل أو وظيفة.

من يأخذ بيد "الزعانين" ويتبني مبادرته لتعزيز وغرس القراءة في المجتمع الغزي الذي يضم أكبر عدد من المتعلمين وأقلية من المثقفين؟ كأستاذ اللغة العربية في الصف السابع الذي اكتشف موهبة الكتابة لديه ونمّاها حتى كتب أول مقال له.

ويصف الزعانين المدة التي أعقبت إصابته بأنها طورت هوايات لديه وعلى النقيض دمرت أمانيه، وفي عزلته كان متنفسه قلمه، بعد أن فقد أمانيه في العودة إلى الركض ولعب كرة القدم، وصار يكتب مقالات خاصة بالجرحى ومعاناتهم وتطلعاتهم وحقوقهم، ويقرأ الكثير من الكتب والروايات.

القراءة مُسكن

ويؤكد الزعانين أن الإعاقة سببت له آلامًا جسدية مبرحة، وكان عالم القراءة المُسكن الوحيد لها، حيث لجأ إلى قراءة الكتب الإلكترونية بعد تعذر شراء الكتب الورقية بسبب ضيق ذات اليد، وهذه التجربة أثرت في شخصيته وأعادت إليه ثقته بنفسه.

ويتمنى أن ينقل تجربته تلك لغيره ممن يعانون ظروفًا صحية ونفسية صعبة، وللخريجين والعاطلين عن العمل الذين يقضون أوقاتهم على الطرقات وفي المقاهي.

ويعكف حاليًا على إكمال الرواية الخاصة به التي عنونها بـ"العشق السرمدي"، وتدور أحداثها عن علاقة الإنسان بالأرض (فلسطين).

ويشكو الزعانين من تهميش المجتمع لذوي الاحتياجات الخاصة واستثنائهم من الوظائف، أو حتى توفير راتب شهري لهم بدلًا من جعلهم عالة على المجتمع.

اخبار ذات صلة