لا تنفك أجهزة أمن السلطة في الضفة الغربية، عن ملاحقة الصحفيين والنشطاء ومحاسبتهم على منشوراتهم ومواقفهم، المناهضة لسياسات السلطة.
وتندرج تلك الإجراءات المختلفة بين الاعتقالات والاستدعاءات التي تمارسها أجهزة السلطة ضمن سياساتها الرامية لتكتيم الأفواه، ومحاربة حرية التعبير والرأي، في حين أن نقابة الصحفيين تقف موقف "المتفرج" دون أن تحرّك ساكناً والضغط على السلطة للتراجع عن سياساتها.
ومنذ مطلع العام الجاري تشن أجهزة أمن السلطة حملة اعتقالات واستدعاءات ضد الصحفيين، كان من بينهم الصحفي زيد أبو عرة، والناشط معتصم سقف الحيط، وأيمن أبو عرام، ومحمود أبو الريش وصولاً إلى اعتقال الصحفي محمود أبو هريش أمس.
خطة ممنهجة
الإعلامي الفلسطيني في رام الله خلدون مظلوم، قال: إن السلطة لديها خطة ممنهجة تسعى لتمريرها بعيداً عن وسائل الإعلام غير الرسمية في مختلف مدن الضفة الغربية المحتلة.
وأكد مظلوم لصحيفة "فلسطين"، أن السلطة تنتهج سياسة تكتيم الأفواه ومنع الإعلام من الحديث عن ممارساتها بحق المواطنين، للتغطية عليها، مثل: احتجاجات الضمان الاجتماعي، واستمرار الإجراءات العقابية على غزة، وغيرها من الإجراءات.
وأوضح أن الاعتقالات السياسية هي امتداد لاتفاق (أوسلو) التي وقعتها السلطة مع الاحتلال، وفرضت قيوداً وشروطاً على أمن السلطة.
وأضاف أن الإعلام الرسمي التابع للسلطة يتناول الأخبار المتعلقة في قطاع غزة، ويتجاهل كل ممارساتها في الضفة، وهو ما يدفعها لاعتقال النشطاء والصحفيين.
وانتقد مظلوم دور نقابة الصحفيين "الباهت" في مواجهة ممارسات السلطة ضد الصحفيين، على خلفية منشوراتهم أو تصويرهم أحداث مُعينة في الضفة.
وبيّن أن النقابة تكتفي بتوثيق ممارسات السلطة وإصدار بيانات شجب واستنكار، دون القيام بأي دور فعلي على الأرض، وهو ما يُشجع أجهزة السلطة على ارتكاب المزيد من الجرائم ضد المواطنين.
وطالب النقابة بضرورة أن يكون لها موقف أكثر جرأة، وعدم الاكتفاء بإصدار بيانات الشجب والاستنكار فقط، داعياً إياها إلى الضغط على السلطة من أجل ابعاد الصحافة عن التجاذبات السياسية.
وشدد مظلوم على أهمية دور الصحفيين في نقل رسالة الشعب الفلسطيني، وعدوان الاحتلال الاسرائيلي، وإظهار حقيقته الإجرامية، مشيراً إلى أن الملاحقة والاعتقالات من السلطة، تمنع وصول الصوت الفلسطيني للعالم.
تجاوز القانون
وأكد الناشط الحقوقي سعد شلالدة، رفضه لاستمرار حملات الملاحقات والاعتقالات السياسية التي تشنها أجهزة أمن السلطة ضد الصحفيين، على خلفية انتمائهم السياسي أو حرية التعبير.
وعدّ شلالدة خلال حديثه لصحيفة "فلسطين"، إجراءات السلطة "جريمة وتجاوز لكل الشرائع والقوانين بما فيها القانون الأساسي الفلسطيني الذي نص على حرية التعبير والرأي".
وأوضح أن القانون نصّ على ضرورة حماية الصحفي، طالما لم يخالف القانون في عمله، مطالباً الجهات المختصة وقيادة السلطة بضرورة الالتزام بنصوصه وتطبيقها.
وبيّن أن هناك سياسة ممنهجة ضد الصحفيين والعمل الصحفي في الضفة، وهو ما دفع السلطة لتكثيف اعتقالاتها وانتهاكاتها، ضمن سياسة تكتيم الأفواه وعدم كشف الحقائق الميدانية، مطالباً بضرورة الحد من هذه الظواهر والإفراج الفوري عن جميع المعتقلين.
في السياق، انتقد شلالدة ما أسماه قانون "الجرائم الالكترونية" الذي أقرّته السلطة وفق "مقاساتها"دون أن يصدر عن جهة تشريعية رسمية، لتضييق الخناق على الصحفيين وحرية التعبير.
ونبّه الحقوقي إلى أن هذا القانون عمل على توسيع صلاحيات السلطة واعتقالاتها تحت مسميات وحجج "واهية"، ليس لها أساس قانوني صحيح.