رأى مختصان في الشأن السياسي، أن قرار السلطة سحب موظفيها من معبر رفح البري، ينسف اتفاق المصالحة الفلسطينية، وفي سياق تضييق الخناق على أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون في قطاع غزة.
وأوضح المحللان في أحاديث منفصلة لصحيفة "فلسطين"، أن الهدف السياسي للسلطة من هذا القرار هو فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، تمهيداً لتطبيق ما تسمى "صفقة القرن" التي تعدها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتصفية القضية الفلسطينية.
وقررت الهيئة العامة للشؤون المدنية في السلطة، مساء الأحد الماضي، سحب كل موظفيها في معبر رفح -المنفذ الوحيد لقطاع غزة مع العالم- ابتداءً من صباح أمس، في خطوة أثارت حنقًا في أوساط المواطنين بالقطاع المحاصر منذ 12 عامًا.
تفرد بالقرار
وقال المحلل السياسي مصطفى الصواف إن عباس يصر على التفرد بالقرار السياسي الفلسطيني، ضارباً بعرض الحائط اتفاقيات المصالحة الوطنية كافة، حتى تلك التي جرت برعاية الجانب المصري.
وأضاف الصواف: إن "هذا الانقلاب هو محاولة جديدة من قبل عباس للتضييق على قطاع غزة عبر إغلاق المعبر، مشيرًا إلى أنه في حال أغلق المعبر سيتحول قطاع غزة إلى سجن كبير، بتآمر من الاحتلال والسلطة.
وبين أن السلطة لا تتورع في اتخاذ أي خطوة تخدم مصالحها وفق رؤيتها، حتى لو ألحقت الضرر بأكثر من مليوني مواطن في قطاع غزة.
وذكر أن هدف السلطة من الانسحاب يأتي "استكمالاً لخطوات عباس في عزل قطاع غزة عن الضفة الغربية، في محاولة لتمهيد الطريق أمام "صفقة ترامب"، الأمر الذي يشكل خطورة كبيرة على القضية الفلسطينية.
ولفت إلى أن "الحل للخروج من هذه الخطورة، هو وحدة الصف الفلسطيني في قطاع غزة، وتشكيل جبهة معارضة للتصدي لعباس، وترامب والاحتلال، لأن هذا الثلاثي النكد هو العنصر الأهم في التضييق على الشعب الفلسطيني".
وبخصوص عدم انسحاب السلطة من معبري "كرم أبو سالم" وبيت حانون، أوضح الصواف أن عباس لا يستطيع التخلي عن معبر كرم أبو سالم لأنه يشكل مصدرا أساسياً لخزينة السلطة، حيث تجبي الأخيرة منه نحو 130 مليون دولار شهرياً.
وأعرب عن اعتقاده بأن من يريد سحب عناصره من معبر رفح عليه أن يكمل خطواته وسحب عناصره من معبري كرم أبو سالم وبيت حانون، مضيفًا: "اذا لم يفعل ذلك، يجب على القوى والفصائل الفلسطينية تشكيل إدارة فلسطينية موحدة لإدارة المعابر وإجبار موظفي السلطة على الانسحاب منها، والتعامل مع غزة بشكل خاص وفق هذه الرؤية".
انتهاك جديد
من جهته رأى مدير مركز مسارات للأبحاث السياسية في غزة صلاح عبد العاطي، أن الانسحاب من معبر رفح "خطوة تصعيدية من السلطة وتمثل انتهاكاً جديداً بحق أهالي قطاع غزة وحرمانهم من حق التنقل والسفر".
وقال عبد العاطي: إن الانسحاب من المعبر "غير مبرر، ويمثل صب الزيت على النار، ويضاف لخانة الانتهاكات اليومية بحق مليوني و300 ألف مواطن يعيشون في قطاع غزة".
وأوضح أن هذه الخطوة جاءت لوضع شروط تعجيزية من قبل عباس تجاه المصالحة الفلسطينية، مشيراً إلى أن من يريد المصالحة عليه تطبيق ما جاء في اتفاق 2017، والذي رعته الشقيقة مصر.
وبين أن تفرد السلطة بالقرار أضر بالقضية الفلسطينية في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها، حيث بات يتهددها جملة من المخاطر الداخلية والخارجية، لافتًا إلى ضرورة وقف ظاهرة التفرد في النظام السياسي الفلسطيني.
ولفت إلى أن "إجراءات السلطة تصب في اتجاه فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، وهذا الأمر سيودي بالمشروع الوطني الفلسطيني، وسيساهم في تسريع خطوات الانفصال".
وذكر عبد العاطي أن قواعد السلم الأهلي والنسيج المجتمعي أهم بكثير من كل المكاسب السياسية، مشيراً إلى ضرورة تجنيب المواطنين والموظفين وعائلات الشهداء والأسرى مخاطر المناكفات السياسية.