يدخل عميد الأسرى الفلسطينيين والعرب كريم يونس، ابن قرية عارة في المثلث الشمالي داخل الأراضي المحتلة عام 1948، اليوم الأحد عامه السابع والثلاثين على التوالي في سجون الاحتلال الإسرائيلي، حيث يقبع في سجن "هداريم" منذ نحو أسبوعين.
واعتقل جيش الاحتلال الأسير يونس في 6 كانون الثاني/ يناير عام 1983 وهو على مقاعد الدراسة، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة بتهمة قتل جندي إسرائيلي، حيث أصدرت إحدى محاكم الاحتلال حكمها على الأسير في بداية اعتقاله بالإعدام شنقًا بدعوى "خيانة المواطنة".
وارتدى يونس، الزي الأحمر المخصص للإعدام حين حضر ذووه لزيارته بعد الحكم، وبعد شهر عادت محكمة الاحتلال وأصدرت حكمًا بتخفيض العقوبة من الإعدام إلى السجن مدى الحياة، وحدد قبل عدة سنوات فقط بـ40 عامًا.
وترفض سلطات الاحتلال الإفراج عن يونس (60 عامًا) بحجة أنه من حملة الجنسية الإسرائيلية، إذ لم يتم إدراجه ضمن صفقات تبادل الأسرى مع الجانب الفلسطيني، كباقي الأسرى الفلسطينيين من داخل الأراضي المحتلة عام 1948.
مسيرته التعليمية
وعلى الرغم من معاناته داخل الأسر إلا أن الأسير يونس، وهو الابن البكر بين أسرته المكونة من 3 أشقاء وشقيقتين، تمسك بدراسته وواصل رحلته التعليمية داخل السجون، بل أصبح يشرف على عملية التعليم الجامعي للأسرى الذين سمح لهم الاحتلال بذلك.
ويقول نديم يونس (53 عامًا)، وهو شقيق الأسير كريم: إن ما يؤلم كريم ليس السبعة والثلاثين عامًا في الأسر وليست السنوات التي قد تأتي، لكن خوفه أن تموت أمه وهو لا يزال أسيرًا.
ويشير إلى أن شقيقه يستمد قوته من والدته البالغة من العمر 86 عامًا، ورغم الأعوام التي قضاها في الأسر فإن السجن لم يسكن قلبه، وهو مناضل استلهم الكثير من الأسرى القوة والعزيمة منه.
ويعد يونس، أيقونة صبر وصمود في الصراع مع الاحتلال، فتمكن من الدراسة ملتحقاً بتخصص العلوم السياسية وتاريخ شرق أوسط وعلاقات دولية داخل السجون وأصدر كتابين داخل السجن، أحدهما بعنوان "الواقع السياسي في إسرائيل" عام 1990، تحدث خلاله عن جميع الأحزاب السياسية الإسرائيلية، والثاني بعنوان "الصراع الأيدولوجي والتسوية" عام 1993.
ويشير إلى أن شقيقه المعتقل كتب العديد من المقالات والقصائد الشعرية والخواطر خلف السجن، وأجرى دراسات عن السجون والأحزاب الإسرائيلية، وأصدر بيانات من خلف القضبان ضد محاولات تصفية القضية الفلسطينية وما تتعرض له البلدان العربية.
ورغم محاولات الاحتلال إبعاد يونس عن المشهد السياسي إلا أنه، وفق شقيقه، متابع جيد لما تتعرض له القضية الفلسطينية ويتواصل مع المعنيين من خلال زيارة أعضاء الكنيست الإسرائيلي العرب، لتحقيق الوحدة الوطنية، ويدعو لإنهاء الانقسام السياسي, "المستفيد الأول والأخير منه الاحتلال".
تحقيق الوحدة
"ومن المفارقات العجيبة أن والدي توفي في الذكرى الـ30 لاعتقال كريم، للتأكيد على مدى الظلم والحرمان الذي نتعرض له ونحن بانتظار خبر الإفراج عنه من خلف القضبان الإسرائيلية".
وإلى جوار "نديم" تجلس الحاجة صبحية والدة الأسير كريم يونس، في طريقهم إلى قرية الخان الأحمر المهدد بالهدم من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، تأكيدًا على حق شعبنا في أرضه ورفضًا لجرائم الاحتلال الممارسة بحق شعبنا الفلسطيني.
وتكتفي يونس (86 عامًا) في حديث لصحيفة "فلسطين" بالدعوة لتحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام من أجل تحرير الأسرى والأراضي الفلسطينية من دنس المحتل.
ولا تتوانى يونس، عن المشاركة في الفعاليات والوقفات التضامنية مع الأسرى، والتي تؤكد حق الشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه المحتل.
وتواصل سلطات الاحتلال اعتقال نحو 6500 أسير فلسطيني بينهم قرابة (29) أسيرًا هم من قدامى الأسرى المعتقلين منذ ما قبل اتفاقية "أوسلو"، وهؤلاء ممن كان يفترض إطلاق سراحهم ضمن الدفعة الرابعة في آذار/ مارس عام 2014، إلا أن حكومة الاحتلال تنصلت من الاتفاقيات وأبقتهم رهائن في سجونها، ويمارس بحقهم جرائم مخالفة لكل الأعراف والقوانين الدولية.