قائمة الموقع

"نعم نستطيع" .. طوق نجاة لطفل معاق

2019-01-04T19:52:21+02:00

أطفال لا تتجاوز أعمارهم العشر، ملامحهم جميلة، وحباهم الله بصفات الرقة والجمال والذكاء، ولكنهم حرموا أن يكونوا كغيرهم من الأطفال بسبب إصابتهم بالإعاقة العقلية، الحركية أو الذهنية.

لكن الحظ وقف بجانبهم، إذ وجدوا من يعتني بهم ويجعلهم لا يختلفون عن غيرهم من الأطفال الآخرين، وذلك من طريق مركز "نعم نستطيع" الخاص بالأطفال ذوي الإعاقة الذي يركز على قضايا التعليم والصحة والحقوق.

عملية ليست ببسيطة تلك التي يقوم بها المركز الأول من نوعه والوحيد في قطاع غزة، وهو مركز "نعم نستطيع"، الذي يحتفل بالذكرى الثانية لإنشائه، وهو المركز الخاص بالأطفال ذوي الإعاقة.

متلازمة داون

نور المقادمة تبلغ من العمر ست سنوات، ولكنها أتت المركز قبل عامين، وشخصت حالتها بأنها تعاني متلازمة داون، وهو ما أدى إلى تدني القدرات العقلية، ومشاكل في النطق، وتشتت في الانتباه والتركيز.

وقالت والدتها هيام المقادمة: "لاحظنا منذ اليوم الثاني أن ملامح وجهها فيها بعض الاختلاف عن إخوتها، وهو ما دفعنا للتوجه بها إلى المستشفى، حيث شخصت حالتها بأنها تعاني متلازمة داون".

وأضافت في حديث إلى "فلسطين": "لم أعرف وقتها ماذا أفعل، ولكني استجمعت قواي، وتوجهت بها للمؤسسات الخاصة بهذه الحالات، ولكن كان العمل بها نظام مشاريع شهورًا عدة ثم يتوقف".

وأكملت: "ولكن بعد ذلك سمعت عن مركز "نعم نستطيع" الذي استقبل ابنتي نور منذ عامين، وبدأ العمل معها وتعليمها المهارات الشخصية كافة اللازمة لها، وها هي الآن تستطيع المحافظة على نظافتها الشخصية، واستغنت عن الحفاظات التي كانت تعتمد عليها سابقًا، إذ أصبحت قادرة على الاستخدام الصحيح للمرحاض، وفتح الصنبور وإغلاقه، وغسل اليدين والوجه والتنشيف، واستخدام فرشاة الأسنان".

ولفتت المقادمة إلى أن نور أصبح باستطاعتها معرفة أعضاء الجسم، كما أصبحت قادرة على معرفة الأشكال والأحجام والألوان بنسب متفاوتة، فضلًا عن استيعابها التعليمات وتطبيق بعضها والالتزام بها جزئيًّا، إضافة إلى اللعب مع المجموعة والمشاركة المجتمعية.

يوسف موسى الطفل ذو السنوات الأربع قدم إلى المركز وهو يعاني تيبسًا في الأطراف وعدم قدرة على المشي أو حمل الأشياء، وهو ما أثر في غيرها من الوظائف التي يفترض القيام بها كالنظافة الشخصية والأكل والشرب حتى اللعب.

اختصاصي العلاج الطبيعي في المركز لؤي أحمد ذكر أن حالة يوسف جعلتهم يضعون خطة علاجية تهدف إلى تقوية عضلات الأطراف السفلية والجذع لديه، وزيادة المدى الحركي للمفاصل، إضافة إلى زيادة ليونة ومرونة الأوتار والأربطة بالأطراف السفلية، وتحسين التوازن.

وقال في حديث لـ"فلسطين": "بالتمارين العلاجية وتمارين تقوية العضلات، وتمارين تحريك المفاصل والاستطالة للأوتار والأربطة، وتمارين التوازن باستخدام قرص التوازن، أصبح يوسف بعد شهور من خدمات العلاج الطبيعي والوظيفي قادرًا على المشي نحو10 خطوات على الأقل بتوازن".

وأضاف أحمد: "كل ذلك تزامن مع تدريب الأسرة على تنفيذ ما سبق من تمارين في المنزل لزيادة استجابة الطفل لها، فضلًا عن إشراك العائلة ذاتها في تعزيز القدرات المعرفية بهذه التمارين".

وبين أن الخدمات التي قدمت ليوسف في المركز لم تقتصر على العلاج الطبيعي، بل امتدت إلى تقديم خدمات العلاج الوظيفي، وتنفيذ تمارين وتدريبات مكنته من حمل الكأس والتحكم بها للشرب، وتمارين لإمساك القلم وأدوات الطعام مسكة ثلاثية، واستخدام شفاطة ماء، وملعقة، وتناول الطعام بمفرده.

وتابع أحمد: "كما استطاع يوسف بفضل تقوية عضلات اليدين استخدام مكعبات وألعاب "البزل" والطينة والكرات الإسفنجية، وطرأ تحسن ملحوظ خلال هذه الجلسات على عضلات الفكين والشفتين، ليتمكن من تناول الطعام والشراب بمفرده".

مدير المركز مصطفى عابد قال: "إن المركز أنشئ في عام 2017م، وتحل هذه الأيام الذكرى الثانية لإقامته، ويهدف إلى تمكين الأطفال من الحصول على حقهم في التعليم، وتحسين وصولهم إلى الخدمات الصحية والتعليمية، والعمل على دمجهم في المجتمع، والمساهمة في رفع الوعي لدى أفراد المجتمع المحلي ومؤسساته بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة واحتياجاتهم".

وأضاف في حديث لـ"فلسطين": "أنشطة المركز اشتملت على خدمات التربية الخاصة: تزويد الأطفال ذوي الإعاقة العقلية ببرنامج تعليمي وتأهيلي خاص بعد إجراء اختبارات وتقويمات لهم، ثم وضع الخطط التربوية والتعليمية للأطفال".

وأشار عابد إلى أن عدد الأطفال داخل المركز يصل إلى 18 طفلًا وطفلة يتلقون الخدمات المتنوعة، وهي خدمات العلاج الوظيفي، والعلاج الطبيعي، والتأهيل المجتمعي، والبرنامج الترفيهي، وبرامج توعية المجتمع المحلي بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

ولفت إلى أن خدمات العلاج الوظيفي هي عبارة عن: برنامج خاص يهتم بتدريب الأطفال ذوي الإعاقة العقلية والحركية على مهارات العناية الذاتية، وأنشطة الحياة اليومية، في برامج خاصة بالعلاج الوظيفي، بعد إجراء الاختبارات والتقويمات الخاصة بهم.

أما خدمات العلاج الطبيعي فهي عبارة عن: برنامج علاجي خاص لإعادة وتأهيل الأطفال ذوي الإعاقة من الجوانب الحركية والوظائفية، بتقديم التمارين العلاجية المناسبة، بعد التقويمات والاختبارات التشخيصية لهم، إذ يهدف لتحسين ودعم التطور الحركي والتوازن والتآزر العصبي والعضلي.

وذكر عابد وجود خدمات التغذية، وهو برنامج خاص يهدف إلى تقديم الوجبات الغذائية للأطفال داخل المركز بهدف تحسين قدراتهم، إضافة إلى خدمات التأهيل المجتمعي، وهو برنامج يعمل على دمج الأطفال ذوي الإعاقة في مجتمعاتهم بتقديم الخدمات التأهيلية المتنوعة لتحقيق الاندماج الشامل لهم، ومشاركة المجتمع المحلي في العملية التأهيلية لهم.

واستدرك عابد: "أيضًا لم يستبعد المركز البرنامج الترفيهي، إذ ينفذ مركز "نعم نستطيع" للأطفال ذوي الإعاقة أنشطة منظمة للأشخاص ذوي الإعاقة داخل المركز وخارجه، يشارك فيها أولياء الأمور وذووهم".

وبين أن الرحلات الترفيهية تهدف إلى تخفيف الضغوطات النفسية للأطفال ذوي الإعاقة، وذويهم.

ويقدم المركز برامج توعية للمجتمع المحلي بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، بتوعية أسر الأطفال ذوي الإعاقة والمجتمع المحلي قانون المعاق الفلسطيني رقم 4 لعام 1999م، والاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة، والحق في التمتع بكل الحقوق، ودور الإغاثة الطبية في ائتلاف الناشطين بتبني قضايا الإعاقة.

وذكر أن المركز يتعامل مع جميع أنواع الإعاقات في تقديم خدماته للأطفال ذوي الإعاقة في شمال قطاع غزة، لافتًا إلى أن الإغاثة الطبية لديها قاعدة بيانات خاصة بأنواع الإعاقات كافة في القطاع.

وبين أن نسبة الإعاقة البصرية في قطاع غزة وصلت إلى 19% من مجموع الإعاقات، وبلغت نسبة الإعاقة السمعية ما يقرب من 13% من مجموع الإعاقات، وما يقرب من 11% من مجموع الإعاقات هي إعاقات في النطق والكلام.

وأكمل عابد: "وبلغت نسبة الإعاقة الحركية 50.9% من مجموع الإعاقات، ونسبة السلوك الغريب 4.9%، وبلغ عدد الأشخاص ذوي الإعاقة الذي يعانون نوبات 1.3%، وبلغت نسبة الإعاقة العقلية (تخلف عقلي بسيط ومتوسط وشديد) 12% من مجموع الإعاقات".

اخبار ذات صلة