فلسطين أون لاين

في غزة.. السفر مكروه إلا لضرورة

...
غزة- هدى الدلو

في ظل حالة الحصار المستمر على قطاع غزة، وصعوبة السفر سواء لتلقي العلاج أو للدراسة، فلا يوجد إلا منفس واحد لأهالي القطاع، وهو معبر رفح، فالبعض يستغل ذلك بابتزازهم ودفع المزيد من المبالغ المالية من أجل التنسيقات، بهدف تسهيل السفر للوصول إلى مبتغاهم.

د. زياد مقداد أستاذ مشارك في الفقه وأصوله بالجامعة الإسلامية قال: "لولا مرضى يعانون وللعلاج مضطرون، وطلاب لمواصلة دراستهم يخرجون، وأزواج فرقتهم الحدود وفي جمع شملهم يأملون ومصالح ضرورية من السفر، لولا هذا وغيره مما يماثله لقلت إنه لا يجوز السفر في هذه الظروف التي يلاقي فيها المسافرون من أهل غزة أشد درجات المعاناة في سفرهم مما لم يعرفه شعب من الشعوب في تاريخنا المعاصر إلى أن يصبح سفرنا ميسورًا وكرامتنا مصونة ونسافر أعزة كرماء لا كما العبيد الأذلاء".

وأوضح أن أهل غزة يعانون من متاعب شديدة ويجدون مصاعب كثيرة في السفر عبر المعابر، لدرجة أن المسافر قد يبقى ينتظر لساعات طوال، بل لأيام في بعض الأحيان حتى يستطيع أن يتجاوز المعبر، وأحيانًا يعود أدراجه فلا يسمح له بالسفر، ما يسبب له كثيرًا من الأضرار المادية والمعنوية.

وأشار د. مقداد إلى أنه من المعلوم أن السفر حق لكل الناس، وأن الأصل أن تيسر الحكومات أمور السفر للمواطنين وللزائرين والعابرين، وأن توفّر كل السبل لراحتهم وتسريع أمور سفرهم، لكن الذي نراه هو العكس.

في الوضع الحالي والسائد، هل يمكن القول إن السفر لغير الضرورة لا يجوز لمنع المزيد من الابتزاز؟ أجاب: "لا أستطيع أن أقول ذلك على العموم، لكن في الحقيقة إنني أكره ذلك لمن ليست له حاجة ومصلحة ضرورية لما يواجه المسافر من معاناة، وكذلك كي لا يفتح الباب للابتزاز من بعض المتنفذين في هذا الجانب أو ذاك".

وتابع د. مقداد حديثه: "وإن كان السماح بالسفر يتطلب دفع رشى بغير وجه حق، فهذا حرام إلا أن تكون هناك ضرورة شديدة، وعندها يكون الإثم على من أخذ الرشوة لا على من دفعها، فالضرورات تبيح المحظورات، ولكن لا يجوز التوسع في هذا الأمر، أي في دفع الرشوة لضرورة ولغير ضرورة، لقوله تعالى: " فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ"، أي أنه في حال السفر من أجل العلاج والدراسة فلا إثم من دفع الرشوة".

ولفت إلى أنه إذا كان هذا المرض لا يعالج إلا بالسفر خارج البلاد ويسبب خطرًا على حياة المريض ولم يجد طريقًا أخرى للسفر المعتاد فلا بأس، وكذلك الدراسة إذا كان لا يستطيع أن يدرس ذلك التخصص إلا في الخارج، أو كان على وشك التخرج ولا يستطيع السفر لمواصلة دراسته إلا بالدفع فلا بأس، خاصة إذا لم يجد البديل هنا في غزة.

وبين د. مقداد أن الاستمرار في الابتزاز ليس مشروعًا، وأنه ينبغي أن يمتنع الجميع عن هذا العمل سواء كانوا جهات أو أفرادا، خاصة إذا كانوا مسلمين ويهمهم الالتزام بالحكم الشرعي وتطبيقه.

ونبه إلى أنه يجب على الحكومة أن تقوم بواجبها لوقف الابتزاز بحق الناس، وأن تتابع هذه القضية، وتعمل على معالجتها ما استطاعت لذلك سبيلا، كما يجب على المواطن ألا يخضع ويقبل بهذه الابتزازات إلا إذا اضطر لذلك اضطرارًا شديدًا، كما على وسائل الإعلام ومنابره المختلفة أن تتناول الحديث عن هذه المسألة، وتبين للناس مخاطرها ومحاذيرها الشرعية وآثارها السلبية على المجتمع، ما يؤدي لتوعية الناس وتحذيرهم من ارتكاب هذه الأفعال غير المشروعة.

وختم د. مقداد حديثه: "وفي هذا المقام نهيب بأمتنا العربية والإسلامية حكومات وشعوبا أن تنظر للشعب الفلسطيني بعين الرحمة فتمد له يد العون وتعمل على تيسير متطلباته كي يبقى صامدًا أمام أعداء الأمة الصهاينة المعتدين والغاصبين لأرض فلسطين".