انتهاء السنة الميلادية 2018 لا يعني أن نطوي صفحتها ونستعد للقادم فحسب، بل علينا أن نفتح كشف حساب لما مررنا به خلالها، نستعيد شريط الإنجازات والانكسارات والخذلان والتكاسل عن تحقيق الأهداف والعقبات والصعوبات لكي نتفاداها في سنتنا القادمة.
هل قمت بكشف حساب لسنتك من قبل؟، أم تريد أن تعرف الخطوات والآليات التي تمكنك من ذلك لترتقي وتسعى إلى تحقيق أهداف أخرى، وتضع خططك بناء على خبراتك التي تعلمتها من سابقاتها وتتعامل مع المواقف بصلابة وحكمة أكبر.
وعي
الاختصاصية النفسية إكرام السعايدة قالت: "يمر الإنسان خلال حياته بمواقف نجاح وفشل، ويبدأ بلوم الذات أو الشعور بتقدير الذات، بناء على الانجازات التي حققها خلال العام، والبعض يعد السنة ورقة تطوى من صفحات العمر، فلا يكترث بتحقيق شيء في الحياة، وتبدو أيامه نسخًا متتالية من بعضها البعض، ويسيطر الروتين القاتل على حياته".
وبينت السعايدة لـ"فلسطين" أن كشف الحساب لعام 2018 يعتمد على مقدار الوعي الذي يمتلكه الفرد والمتمثل في وعيه بذاته، واستبصاره بإخفاقاته وانجازاته، ثانيًا الوعي بالآخرين والذين يشكلون له دافعًا لتحقيق أهداف مرموقة في الحياة وعنصر دعم لتجاوز عثراته.
وأشارت إلى أن كشف الحساب لا يقتصر على فئة دون أخرى أو طبقة دون أخرى ولا تجده حكرًا على الإداري المنظم دون ربة المنزل، فكل منهما له أولويات يعيد ترتيبها حسب ما تقتضيه الضرورة فعلى اختلاف الطبقات إلا أن كل منهما لديه بنك من الأهداف يسعى لتحقيقه.
تصحيح المسار
وأوضحت الاختصاصية النفسية أن الجوانب التي يعيد الفرد بها كشف حسابه تتعدد: يكبر الدائرة الأصغر من ذاته فيسعى باستمرار لترميم نفسه، فيعزز نقاط قوته ويعالج جوانب ضعفه، ثم تتسع تلك الدائرة لتشمل علاقاته الاجتماعية.
وأشارت إلى أن الفرد عليه تصحيح مسار تفاعلاته الاجتماعية فيعيد الوصل مع من جافاهم ويعتذر ممن أخطأ بحقهم، ويخرج من حياته أصحاب العلاقات المرهقة، ثم تتسع الدائرة لتصل إلى مستوى أعلى يتمثل بحياته المهنية، فيبحث عن الاستقرار الوظيفي أو تعزيز مكانته في العمل بالسعيلتطوير مهاراته وعدم الاكتفاء بأعباء العمل الروتينية فيبدع في عمله.
وأشارت السعايدة إلى أن معيار الحكم على النجاحات أو الاخفاقات يتمثل بالإنجازات التي يجنيها الفرد أو الخسارة التي تعرض لها.
ولفتت إلى أن الإنسان عليه أن يعيد حساباته من الناحية الاقتصادية، فلا شك أن الجانب المالي مهم خاصة في إطار الظروف الصعبة لكن ذلك ليس مبررًا للتخبط الاقتصادي، فلا بد أن يضع ميزانيته في عين الاعتبار لترشيد النفقات وليدخر له ولعائلته لتأمين مستقبلهم، والبحث عن مصادر جديدة للتمويل.
وعن آليات كشف الحساب للعام المقبل على الأفول، ذكرت السعايدة أن ذلك يتحقق بوعي الفرد بمصادر قوته واستثمارها ووعيه بنقاط ضعفه والعمل على معالجتها، وإعادة ترتيب أوراقه من ناحية علاقاته مع ربه ومع ذاته ومع محيطه.
وأكدت أن التخطيط الجيد لحياته بوضع الأهداف التي تتناسب مع إمكانياته وتسخير المصادر أو الآليات لتحقيق تلك الأهداف، وإدارة الوقت بفاعلية بحيث يستثمره في صنع أمور مفيدة وليتذكر قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ).
التخطيط للأهداف
وأشارت الاختصاصية النفسية إلى تحقيق الرعاية الذاتية بالاهتمام بالجوانب الروحية والجسدية والنفسية، والاطلاع على سير العظماء في مختلف المجالات والاستفادة من خبراتهم لتحقيق ذاته، وكذلك مصاحبة الأشخاص النخب والذين يشكلون حافزًا له للنهوض بذاته والبعد عن المثبطين ذوي النظرة التشاؤمية الذين قد يؤثرون على همته.
وأفادت أن التخطيط الجيد للأهداف يتضمن توثيقها كتابيًا لإلزام الشخصنفسه على المضي قدمًا في تحقيقها، فيشعر بوجود مجموعة من المهام التي عليه إنجازها، وشعوره بعد تحقيقها بلذة الانتصار ونشوة النجاح خاصة حين يتخلص من تلك الأوراق بتمزيقها.
ونبهت السعايدة إلى أن الأهداف لا تقتصر على جانب معين فمنها ما هو متعلق بالنواحي الدينية مثل حفظ القرآن الكريم، أو أداء مناسك الحج والعمرة، أو كفالة يتيم، وكذلك أهداف متعلقة بتطوير مهاراته وصقل شخصيته مثل أخذ دورات في جانب معين، أو تطوير لغته، واكتساب مهارة جديدة مثل التطريز، أو نواح جديدة مثل إنقاص الوزن والمواظبة على نظام رياضي، أو المتابعة في نادٍ رياضي.
وختمت حديثها بالقول: "تذكر أن هذه بداية جديدة ليست في الأعوام فقط، بل بكل شيء فلنعقد معاهدة صلح مع ذواتنا ومع الآخرين ومع الكون كله، وليبدأ هذا العام وقلوبنا لا تجد فيها إلا الحب والرحمة".