قائمة الموقع

​زواج القاصرات.. طفولة توأد

2018-12-26T08:40:42+02:00
زواج القاصرات



في أحد أحياء مدينة غزة كانت تقطن نور (16 عامًا) من عائلة ميسورة الحال, نور فتاة جميلة جدًا ومتفوقة بدراستها، وفي يوم من الأيام استقبل والدها ضيوفًا بالبيت، وحين سألت أخاها أجاب: "ناس جايين يخطبوكي"، فجعت من كلام أخيها واعتقدت أنه يمازحها كالعادة، وإذ بوالدها يناديها لتخرج للضيوف، وخوفًا منه ذهبت بسرعة لملاقاتهم.

وأشارت نور إلى أنه في غضون ربع ساعة خطبت من أقارب والدتها من الخارج, مبينة أنها لم تكن ترغب بالزواج ولكن أهلها أقنعوها أن العريس "دكتور" من الخارج وهي فرصة لم تحظَ بها أي فتاة من العائلة من قبل، تزوجت نور وذهبت لزوجها بالخارج واكتشفت أن زوجها متزوج بثلاثة من قبلها ولديه طفل من واحدة.

وبيّنت أنه حبسها وتدهورت حالتها الصحية والنفسية، وخصوصًا لأن زوجها كان يعود بعد منتصف الليل ويتركها وحدها، موضحة أنها اكتشفت أنه يعمل مع منظمات مشبوهة، لذا حبسها حتى لا تفضح أمره.

ولفتت إلى أنها حاولت الهرب لكنها فشلت، ولم تستطع التواصل مع أهلها في غزة، إلى أن تمكنت من العرب عن طريق صديقتها المصرية.

قالت نور: "لو كنت أكبر من هيك كان عرفت أوقفه عند حدّه، بس كنت عاجزة عن عمل أي شيء، الله يسامحك يابا"، موضحة أنها أكملت تعليمها الجامعي ودرست التربية الإنجليزية وتخرجت بتفوّق.

لاحقًا تزوجت نور بعد زواجها الأول بما يقارب السنوات الست، مبينة أنها تزوجت من رجل له سبعة من الأبناء وزوجة مريضة لتعيل أسرته, خوفًا من المجهول ونظرة المجتمع السيئةللمطلقة.

ومن جهته، قال طبيب النساء والولادة د. أشرف ياسين: "زواج القاصرات يسبّب الأمراض الجسدية، فبعد سن البلوغ تصاب الفتاة بخوف وقلق واضطرابات نفسي، وعند زواجها في هذه المرحلة ستؤثر سلبًا عليها وعلى زوجها وأطفالها, وفي أول ليلة ستتعرض لرعب وهذا يؤثر على مهبلها فيجعله في حالة انسداد وانغلاق".

وأضاف: "وعند حدوث الحمل للفتيات الصغيرات فإنهن يعانين من القيء المستمر وفقر الدم والإجهاض، فتزداد معدلات الإجهاض والولادات المبكرة"، مرجعًا ذلك إما لخلل في الهرمونات الأنثوية أو لعدم تأقلم الرحم على عملية حدوث الحمل، ما يؤدي إلى حدوث انقباضات رحمية متكررة تؤدي لحدوث نزيف مهبلي والولادة المبكرة.

ونبه إلى أن سن البلوغ لا يعني أن الفتاة قادرة على تحمل المسئوليات، فالفتاة تحتاج من 3 إلى 5 أعوام بعد سن البلوغ ليكتمل النمو الجسماني، وقد تحدث اضطرابات شخصية في العلاقة الجنسية بين الزوجين ناتجة عن عدم إدراك الطفلة لطبيعة العلاقة مما ينتج عنه عدم نجاحها وتمزق في المهبل وانغلاقه مما يسبب لديها مرضًا نفسيًا.

وفي سياق آخر سجّلت نحو 17 ألف حالة زواج في المحاكم الشرعيّة في قطاع غزّة، في 35% منها، يكون عمر الزوجة فيها دون الـ17 عامًا، وتسجل دون علم هذه المحاكم بعمر الفتاة الحقيقي، إلى ذلك رفعت نحو 2700 قضيّة طلاق، 25% منها موضوعها فتيات قاصرات.

وهناك مطالبات عديدة نادى بها حقوقيون ومختصون بضرورة تحديد سن الزواج بما لا يقل عن عمر 18 عامًا للإناث والذكور بما يتوافق مع قانون الطفل الفلسطيني الذي ينص على أن الطفل هو كل إنسان لم يتم الثامنة عشرة من عمره.

فالقانون الفلسطيني حدّد أن الطفل هو كل مَن دون سن الثامنة عشرة، وبالتالي فإن تزويج الأطفال جريمة بحقهم بحسب كتب علم النفس، والكثير من الاخصائيين النفسيينشددواعلى أن زواج القاصرات يؤدي لمشكلات لا حصر لها، خاصة المشكلات الصحية للسيدات والاجتماعية، وارتفاع نسبة الطلاق، وعجز الزوجة عن تلبية متطلبات الزواج، وبالتالي هذا يساهم في تفكيك الأسر.

اخبار ذات صلة