داخل أحد معامل صناعة "الحجارة الإسمنتية"، شرقي قطاع غزة، تنتظر المهندسة العشرينية مجد المشهراوي، بفارغ الصبر، خروج الطوب الذي ابتكرته وزميلتها روان عبد اللطيف، والمكّون من "رماد الفحم والخشب"، بشكله النهائي.
وفي محاولة لإيجاد حل مؤقت لمشكلة نقص مواد البناء التي يعاني منها قطاع غزة، استبدلت خريجتا قسم الهندسة المعمارية، في الجامعة الإسلامية بغزة، الحجارة والرمال، التي تستخدم في صناعة الطوب الإسمنتي المتعارف عليه، برماد الخشب والفحم، لتصنيع نوع جديد من الحجارة، ضمن مشروع هندسي أطلقتا عليه اسم "GreenGeeks".
ونجحت تجربة المهندستين في صناعة هذا النوع من الطوب، والذي يعتبر الأول من نوعه في قطاع غزة، بعد فشل عشرات المحاولات التجريبية، حسب قول المشهرواي..
وتأكدت المهندستان من سلامة استخدام هذا النوع من الطوب كبديل عن حجارة البناء المُتعارف عليه، بعدما أرسلت عينات منه لليابان، كي يخضع للفحص المخبري المتقدم.
وتقول المشهراوي:" الطوب مقاوم للحرائق وغير قابل للاشتعال كما أنه متين، فضلاً عن خفة وزنه".
ويزن الطوب المصنوع من رماد الفحم والخشب، نصف وزن الطوب المصنوع من الحجارة والرمال.
فيما تقلّ تكلفة الحجر الواحد المصنوع من الرماد بنحو 30% عن سعر حجارة البناء المتعارف عليها.
وتضيف قائلةً:" هذا النجاح الذي حققناه أنا وزميلتي، وليد بحث مطول دام أكثر من 6 أشهر، عندما كنا طلاباً في عامنا الرابع في الجامعة".
واستكملت:" فكرنا في مشروع قد يساهم في حل أزمة من أزمات قطاع غزة، أهم مشكلة كانت تواجه قطاع البناء هو عدم وجود مواد البناء، كالحصمة (الحصى) والرمل والإسمنت، ففكرنا في مشروع لتصنيع الطوب بالاستغناء عن الرمل والحجارة".
وبيّنت أنها وزميلتها، حاولتا إيجاد بديل عن مادة الإسمنت المستخدمة في تصنيع الطوب، إلا أن محاولاتهما باءت بالفشل.
وقالت:" كان من الصعب علينا إيجاد بديل عن الإسمنت، نظراً لعدم توفر هذه البدائل بغزة".
ويعاني قطاع غزة من نقص في مواد البناء، التي تقيد دولة الاحتلال الإسرائيلي إدخالها منذ 8 سنوات.
وتصف المشهراوي اللحظة الأولى التي خرجت خلالها أول قطعة طوب مصنوعة من الرماد بـ"الرائعة".
ودشّنت المهندستان أول مبنى لهما باستخدام الطوب المصنوع من الرماد في شهر أغسطس/ آب الماضي.
ولفتت إلى أنها استقبلت طلباً، آنذاك، لتصنيع كمية كبيرة من طوب الرماد، للاعتماد عليها بشكل كامل في بناء مبنى.
وأشارت إلى أن فكرة الطوب المصنوع من الرماد لاقى قبولاً لدى الأوساط الهندسية في غزة، فضلاً عن تقبّل السكان لهذه الفكرة، والبدء ببناء بيوتهم بها.
وتقول المشهرواي أن الكميات المتوفرة في قطاع غزة من رماد الفحم والأخشاب يكفي لتشغيل خط إنتاج لهذا الطوب لمدة عام واحد فقط.
وتضيف:" بعد ذلك يمكننا التفكير في بدائل أخرى، مشروعنا لن يتوقف عن حدّ الأحجار المصنوعة من الرماد، هي فكرة ريادية تساهم في خلق حلول إبداعية لحل مشاكل وأزمات قطاع البناء بغزة".
وتتجهز المهندستان لمغادرة قطاع غزة تلبية لدعوة من اليابان للمشاركة في تدريب عملي حول مشروع الـ”GreenGeeks”.
وتوضح أن فكرة تصنيع أحجار البناء من الرماد هي فكرة رائدة، ليس فقط في قطاع غزة، إنما على مستوى العالم أيضاً.
وتحظر دولة الاحتلال الإسرائيلي ، بحسب وزارة الاقتصاد في غزة، إدخال أكثر من 3 آلاف صنف، تدخل في الصناعات الإنشائية والمعدنية والغذائية، بزعم استخدامها "المزدوج".
ويصف مسؤولون فلسطينيون عملية إعادة الإعمار في غزة بـ"البطيئة" نظراً لمنع الاحتلال الإسرائيلي لإدخال مواد البناء.