"المعاملة التي وجدناها لا ترقى لمعاملة البشر، كأننا لسنا بشرًا!"، بهذه الكلمات بدأت السيدة أم وائل (74 عامًا)، حديثها عن طريق عودتها من العاصمة المصرية القاهرة إلى قطاع غزة عبر معبر رفح البري.
وقابلت صحيفة "فلسطين" السيدة أم وائل فور دخولها صالة الوصول في معبر رفح البري مساء اليوم الثاني من فتحه، وقد بدت في حالة يرثى لها، وظهرت على ملامحها علامات التعب والإرهاق، وغلبت الدموع المنهمرة على خديها مشاعرها.
وقالت: "أنا سيدة مصرية، أعيش في قطاع غزة منذ 52 عامًا، لم أمكث في صالة الوصول في الجانب الفلسطيني سوى ثلاث دقائق، وتم ختم جوازي والسماح لي بالمرور، بينما أمضيت ساعات طويلة من المعاناة والانتظار في الصالات المصرية حتى تم السماح لي بالمرور".
ولفتت إلى أن رحلة عودتها من مدينة العريش المصرية إلى معبر رفح استغرقت يومين، تضمنت انتظارا وتفتيشا مهينا على الكمائن والحواجز في ظل البرد الشديد، قائلة: "لحومنا متكدسة فوق بعضها في الصالة المصرية لمدة ثماني ساعات، لماذا هذه المعاناة؟".
وأبدى مسافرون تحدثت إليهم صحيفة "فلسطين" سخطهم وتذمرهم من معاملة الجانب المصري في طريق العودة، ناهيك عن ساعات الانتظار الطويلة على الحواجز وفي المعبر، وإجراءات التفتيش المذلة والمتكررة، والعبث بمحتويات حقائبهم ورميها في الشارع ومصادرة بعض منها رغمًا عنهم.
طريق صعبة
ووصف معين عبد ربه (46 عامًا) طريق العودة بـ"الصعبة جدًا"، قائلًا: "استغرقت الطريق من القاهرة إلى معبر رفح ثلاثة أيام، وتم تفتيشنا بشكل دقيق على حواجز الجيش، واضطررنا للنوم في السيارات على الحواجز".
ولفت عبد ربه في حديثه لصحيفة "فلسطين" وهو يرتكز على عكازين، إلى أن الأوضاع مأساوية في ظل تكدس العائدين أمام معبر رفح من الجانب المصري، وتأخُّر فتحه، مشيرا إلى تعرض سيارات المسافرين لإطلاق نار على الحواجز.
وأوضح أنه أجرى 3 عمليات جراحية خلال رحلته العلاجية التي استمرت شهرين في مستشفى فلسطين، تضمنت تثبيت العمود الفقري والحوض والرجل، بعد سقوطه من علو وتعرضه لكسور عدة.
بدورها، روت السيدة المريضة جميلة أبو عرمانة (50 عاما) رحلة معاناتها في طريق العودة لصحيفة "فلسطين"، فور وصولها صالة الوصول الفلسطينية، مشيرة إلى أن الرحلة بدأت يوم الخميس الماضي حتى مساء أمس الأحد.
وقالت: "تعرضنا للتفتيش المذل خصوصا على حاجز الريسة الذي عرقل سفرنا لمدة يومين، دون تقديم أي خدمات، علاوة على إيقافنا عند الكمائن الأخرى"، مضيفة: "ناشدت الجنود والضباط لمساعدتي لكن التجاهل كان سيد الموقف".
ولفتت أبو عرمانة وهي معصوبة الرأس بالشاش الأبيض بعد أن أجرت عملية جراحية في الرأس نتيجة معاناتها من تسريب دماغي، إلى أنها عانت كثيرا في رحلة الوصول إلى غزة، واضطرت للمبيت في السيارة في ظل البرد الشديد وإطلاق النار فوق رؤوس المسافرين.
عبء إضافي
من ناحيته، أكد مدير معبر رفح البري هشام عدوان، أن العائدين إلى قطاع غزة عبر معبر رفح، يعانون أشد المعاناة، سواء في ساعات السفر الطويلة على الحواجز في البرد الشديد والأمطار، أو أثناء تفتيش حقائبهم بشكل متكرر وإنزالهم من حافلاتهم، ما يشكل عبئا إضافيا ومعاناة جديدة عليهم.
وبين عدوان في تصريح خاص بصحيفة "فلسطين"، أن رحلة العودة قد تستغرق يومين أو أكثر، مناشدًا السلطات المصرية بتخفيف إجراءات سفرهم وعبورهم إلى قطاع غزة، وعدم مضاعفة المعاناة بإجراءات صارمة.
وطالب "الأشقاء في مصر وخصوصا المتواجدين في سيناء، بالتخفيف من إجراءات مرور المسافرين العائدين نحو معبر رفح وتسهيلها".
وبين أن فتح المعبر لعدة أيام بعد إغلاق طويل لا يفي بحاجة سكان القطاع، وتسفير أعداد كبيرة من المواطنين، خصوصا أن اليوم الأول شهد مغادرة حافلتين فقط من الحالات الإنسانية.
وأضاف عدوان: "نتمنى سير العمل بشكل أسرع، لإرضاء المواطنين المحتاجين للسفر، والوصول إلى يوم عمل يستحق العناء الطويل"، مطالبًا بتمديد العمل في معبر رفح لأيام إضافية، ومراعاة الحالة الإنسانية لسكان القطاع خصوصا المرضى والطلبة وأصحاب الإقامات في الخارج.