لا يختلف الكثيرون أن إعلان حكومة رامي الحمد الله عن إجراء انتخابات في الثامن من أكتوبر/ تشرين أول الماضي ثم تجميدها، خلق أزمة فلسطينية في موضوع المشاركة الاجتماعية في الحياة السياسية من خلال المشاركة بالانتخابات البلدية كي يختار الشعب الفلسطيني ممثليه في تلك البلديات.
كذلك يطرح إعلان وزير الحكم المحلي في حكومة الحمد الله، حسين الأعرج، مؤخرا، أن حكومته تتجه نحو إجراء الانتخابات المحلية، في يوم واحد، خلال أيار المقبل، خاصة بعد إصدار رئيس السلطة محمود عباس مشروع قرار بقانون إنشاء محكمة قضايا الانتخابات المختصة، تساؤلات: إن كانت مقدمة لعقد الانتخابات بالضفة دون غزة؟
ورأى مستشار مؤسسة "الحق" عصام عابدين أن إجراء الانتخابات المحلية بدون توافق يعمق الانقسام، وأن تشكيل محكمة خاصة بديلا عن محاكم البدايات للنظر بالطعون الانتخابية يخالف القانون الأساسي الفلسطيني وقانون الهيئات المحلية، فيما أكد رئيس اللجنة القانونية بالمجلس التشريعي النائب محمد فرج الغول أنه لا يجوز إجراء أي تعديلات على القوانين وإنشاء محاكم دون الرجوع للمجلس التشريعي.
في حين، أكد عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية طلال أبو ظريفة بأن جبهته مع إجراء انتخابات بلدية لكنها معنية بإزالة كل العقبات والمسببات التي أدت لتأجيل الانتخابات التي تعطلت بفعل حالة من التجاذبات السياسية.
وفي السياق، أكد المتحدث باسم الجهاد الإسلامي داود شهاب أن حكومة الحمد الله تسعى لمراكمة الأزمات بدلا من السعي لحل الأزمات الداخلية الفلسطينية، مشيرا إلى أن حكومة الحمد الله عندما أعلنت عن الدعوة لإجراء انتخابات محلية ثم تراجعت عنها خلقت أزمة جديدة.
لكن عابدين قال: "إجراء الانتخابات المحلية الفلسطينية دون التوافق عليه، وخاصة في ظل التوافق الذي حصل في السابق على إجراء انتخابات محلية ولم تجر، يزيد ويعمق حالة الانقسام، ويبعدنا عن الانتخابات التشريعية والرئاسية".
وأضاف عابدين لصحيفة "فلسطين": "إذا ما جرت الانتخابات المحلية في الضفة دون غزة فإنها ستفقد جوهرها ومضمونها ومغزاها، لتكريس حالة الانقسام، لأن فلسفة هذه الانتخابات بأن تكون مقدمة لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية وهذا ما أكد عليه مجلس الوزراء في حكومة الحمد الله.
وإجراء الانتخابات بالضفة دون غزة، كما أكد عابدين مخالف للقانون الأساسي الفلسطيني ولقانون انتخاب الهيئات المحلية، مشددا على ضرورة بذل الجهود لتأمين انتخابات محلية تؤسس لانتخابات تشريعية ورئاسية بعد انتهاء المدد الدستورية لهما.
واستدرك عابدين: "هناك إشكاليات كثيرة ما تزال موجودة فيما يتعلق باستقلالية القضاء والحقوق والحريات"، مشددا على أن التوافق على إجراء انتخابات مسألة بالغة الأهمية، مطالبا بعدم المساس بأي شيء يتعلق بالنظام الانتخابي قبل إجراء الانتخابات.
والمشكلة، في نظر عابدين ليست في موضوع تشكيل محكمة للنظر في قضايا الانتخابات في ظل حالة توافق، فهذا لا يثير مشكلة، ولكن المحصلة النهائية هل ستحصل الانتخابات في الضفة دون غزة؟، مؤكدا أن الأهم أن يكون هناك توافق على إجرائها.
وفي السياق، أكد رئيس اللجنة القانونية في المجلس التشريعي النائب محمد فرج الغول أنه حتى لو كان الرئيس شرعيا لا يحق له أن يصدر قرارات ويجري تعديلات جديدة على القوانين الفلسطينية دون الرجوع للمجلس التشريعي.
وقال الغول لصحيفة "فلسطين": "إن مرسوم عباس بإنشاء محكمة خاصة للنظر بالطعون الانتخابية بديلا عن محاكم البدايات إجراء باطل وغير شرعي ولا "يمكن قبوله".
وشدد على أن المطلوب من عباس وحكومة الحمد الله الالتزام بالقانون الأساسي والتوافق الفلسطيني، مشيرا إلى أن إجراء حكومة الحمد الله يخدم الاحتلال ويهدف لجلب الدعم من أوروبا و"سلب أموال الشعب الفلسطيني".
كما أكد الغول بأن ذلك يعمق الانقسام الفلسطيني ويعمق مسألة التفرد التي يستخدمها عباس "كدكتاتور" يتحكم بمصير الشعب الفلسطيني بصورة فردية.
من جانبه، قال أبو ظريفة: "نحن بحاجة إلى توافقات في إطار أية مرجعيات قانونية في العملية الانتخابية"، مؤكدا أن جبهته مع إجراء الانتخابات دفعة واحدة بغزة والضفة والقدس بعيدا عن نظام المراحل.
وأضاف أبو ظريفة لصحيفة "فلسطين": "يجب الاستفادة من انتخابات عام 2005م، عندما جرت انتخابات وفق مراحل، لافتا إلى أن المرحلة الأولى والثانية جرت أما الثالثة فتعطلت وبقيت متعطلة لهذا اليوم.
واستدرك أبو ظريفة قائلاً: "إذا أردنا أن نجعل الانتخابات محطة لإنهاء الانقسام علينا تغيير الأجواء والمناخ وإزالة الأسباب التي أدت لتعطيلها"، موضحا أن أسباب التعطيل هي عدم الالتزام بميثاق الشرف الذي وقع عليه الكل الوطني، وأن الإرادة لم تكن ناضجة لدرجة تجاوز كل العقبات التي كانت في طريق إتمام هذه الانتخابات.
وبين أنه وفقًا لقانون الانتخابات فإن محاكم البدايات هي التي تنظر بالطعون بعد لجنة الانتخابات، مستدركا أيضا: "إذا أردنا للانتخابات أن تسير بتحديد مرجعية لها سواء كانت متعلقة بمحكمة خاصة للانتخابات يحتاج ذلك إلى اتفاق الكل الوطني حتى لا تتحول لقضية خلافية تؤدي لتأجيل الانتخابات.
بدوره، قال المتحدث باسم الجهاد الإسلامي داود شهاب: "كان موقفنا حينما أعلن مجلس الوزراء عن عقد انتخابات محلية أن الانتخابات لن تحل المشكلة وأن الأولوية هي إنهاء الانقسام، وهذا الموقف لم يتغير الآن".
وأضاف شهاب لصحيفة "فلسطين": "أن حكومة الحمد الله تسعى لتعزيز نفوذها من خلال تجاوز ما تم الاتفاق عليه سابقا في مسألة الانتخابات وتشكيل محكمة مختصة بالانتخابات بالضفة، وحول هل سيكون لها وجود في غزة؟.
والأولوية، كما أكد شهاب، هي الشروع بخطوات عملية وجديدة لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، مؤكدا أن الحديث عن إجراء الانتخابات في ظل المناكفات وقبل تحقيق المصالحة يزيد الأمور تعقيدا.