قائمة الموقع

"الإلحاد".. قمع في التربية وخواء روحي

2018-12-22T10:50:16+02:00
صورة أرشيفية

الإلحاد ليس ظاهرة كبيرة جدًا، لكنه أيضًا لا يمكن إغفال وجوده لدى البعض، فالوقوع في شركه ليس بالضرورة أن يكون لشخص خاو من الأخلاق والثقافة والإيمان، بل يمكن أن يعتنقه المثقف.

فما هو الإلحاد من منظور سيكولوجي، وما هي الأسباب التي دفعت الشخص نحوه، ومن هي الفئة الأكثر عرضة للإلحاد، وماهي الأساليب والوسائل التي يجب تجنبها في التنشئة منذ الصغر لاتقاء الإلحاد في الكبر؟

تمرد وكفر

الاختصاصية النفسية إكرام السعايدة عرفت الإلحاد: أنه عبارة عن تمرد الإنسان وكفره الصريح بالمعتقدات الدينية التي نشأ عليها.

وعزت السعايدة لـ"فلسطين" سبب اعتناق الشخص الأفكار الإلحادية، لحالة التمرد نتيجة الضغوطات التي مورست عليه فيما سبق، وفي الصغر نشأ في بيئة افعل ولا تفعل، أوامر ونواهٍ دون إبداء الأسباب الواضحة التي كانت ممكن أن تكون عامل تشجيع لأداء الفرائض الدينية، فيؤديها ممتعضًا للسلطة الوالدية أو البيئة.

ولفتت إلى أن حالة القمع التي تمارسها بعض الأسر في الإجابة عن استفسارات وأسئلة الأبناء خاصة فيما يتعلق بالمسائل والقضايا الوجودية "من هو الله"، ونهر الابن واسكاته وإلا سيكون مصيره النار، فتبقى أسئلته من المحرمات، وتبقى لديه أسئلة لا يجد أجوبة حولها.

وأشارت الاختصاصية النفسية إلى أن وسائط التنشئة الاجتماعية, الأسرة، المدرسة، المسجد، ووسائل الاعلام، ترسخ المعتقدات الدينية على أساس أنها عادة أكثر مما هي عبادة لها جوانب ايجابية يستشعرها الانسان في حياته.

خواء روحي

وبينت أن طبيعة بعض الشخصيات التي قد تتعرض لهزات نفسية من الآخرين في التأثير على ايمانه، وعلى أداء الفرائض، وعدم وجود قناعة ثابتة لدى الأفراد تمكنهم من دحض الأفكار التشكيكية فيما يتعلق في العقيدة.

وأوضحت السعايدة أن حالة الخواء الروحي والفكري التي تعتري بعض الأفراد، فنجدهم لا يلتمسون المعاني السامية والقيم الفاضلة من العبادات، ناهيك عن تأثير بعض وسائل الإعلام التي تبث المحتويات اللا دينية، وخاصة بعض مواقع التواصل الاجتماعي المتخصصة في بث الأفكار التي تشكك في الأديان السماوية، وخضوع بعض الأفراد ذوي النفوس الضعيفة للمغريات التي يقدمها الأفراد المعنيون بتجريدهم من ايمانهم (التبشيريين).

وأشارت إلى أن اقتداء بعض الأفراد بأنماط من المشاهير والمفكرين العالميين الملحدين، فهؤلاء يعدون أن الدين عائق أمام التطور والرقي، فيتحررون منه.

وعن الفئة الأكثر عرضة للإلحاد، بينت السعايدة أن الإلحاد لا يخص فئة معينة كما هو شائع، الصورة المعتادة عن الأفراد الذين لا يوجد ضوابط دينية في حياتهم، وتحررهم من الضوابط الشرعية، وعلى العكس تمامًا وقع بعض الشباب الملتزم ضحية للإلحاد، بعدما كان يضرب بهم المثل في الالتزام والخلق الرفيع.

ولفتت إلى أن المطلع على طبيعة الشخصيات يجد أنها شخصيات تفتقد إلى الثقة في الذات، ويفتقدون إلى البصيرة التي تجعلهم يدركون الخير من الشر والحق من الباطل.

وذكرت السعايدة أن الشخصيات المكبوتة والمقموعة منذ مراحل سابقة يحاولون صنع شخصيات مستقلة، وإثبات ذواتهم بالتمرد على سلطة الدين، والسلطة الأسرية التي نشؤوا في كنفها من عمر ست سنوات إلى 11 سنة، في مرحلة المراهقة وفق نظرية "أركسون" تُبنى هوية الفرد، من سن 12 إلى 18 ويحاول الفرد إثبات ذاته والتمرد على السلطة.

معتقدات مغلوطة

وأشارت إلى أن الاشخاص الذين لديهم معتقدات مغلوطة، ويفتقدون إلى المعتقدات الراسخة المبنية على أساس الإدراك، فحينما يتعرضون لأي هزة دينية أو فكرية أو روحانية، تتصدع القيم الإيمانية التي يؤمنون بها، وانجرار بعض وراء الأصدقاء.

وقالت السعايدة: "ولا نجد غرابة في وقوع بعض الطبقات المرموقة من مفكرين ومثقفين في شرك الالحاد، والقدوات".

وأضافت الاختصاصية النفسية: "بدأت الأفكار الالحادية تنتشر من خلال كتابات البعض، والتي تثير تساؤلات لدى الأفراد، وحالة من البلبلة والتشكك في أمر المعتقدات التي نشؤوا عليها، ثم تتطور إلى تنظيم هؤلاء الأفراد بعض التجمعات والتي عادة ما تكون سرية، وتستقطب الأفراد خاصة فارغي المحتوى والشباب الهواة والمغامر والذي يحاول معرفة كل شيء".

وتابعت: "وفي البداية يزعم أنه قادر على محاججتهم، والإتيان بأدلة لدحض معتقدات تلك الجماعة إلا أنه مع مرور الوقت يجد نفسه تشرب أفكارهم وبات الرجوع عن هذا الطريق مستحيلًا، وساهمت مواقع التواصل الاجتماعي في إيجاد بيئة خصبة لتلك الفئة لبث سمومهم دون حسيب أو رقيب، والأدهى من كل ذلك التفاعل الإيجابي مع تعليقات الجمهور".

محاورة وإقناع

وعن كيفية اتقاء شر الإلحاد، بينت السعايدة أن المسئولية الأعظم تقع على عاتق الأسرة والتي يتشرب منها الطفل المعتقدات الدينية، فعليها أن تغرس في نفوس أبنائها العقيدة الراسخة والقيم الفاضلة.

وأوضحت أن اتباع أساليب التنشئة التي تقوم على المحاورة والاقناع بدلا من القمع والكبت، والاجابة عن تساؤلات الأبناء واستفساراتهم حول ماهية الوجود حتى لا نتركهم عرضة لتساؤلات تنهش حيرتهم، وأن يكون الوالدان قدوة حسنة لأبنائهم والدفع معهم نحو أداء الممارسات الدينية كالعطف على المحتاج، والتصدق.

وأشارت السعايدة إلى أن اقتناع الفرد وإدراكه للمعاني السامية في الفرائض المختلفة، والابتعاد عن رفقاء السوء الذين قد يزجون بالفرد نحو الهلاك، وحظر الحكومة بعض مواقع التواصل الاجتماعي والتي تنشر الأفكار الإلحادية، والاقتداء بالنماذج الحسنة والمفكرين ذوي السيرة العطرة بدلا من الملحدين.

اخبار ذات صلة