معلوم أن إرادة الشعوب هي المنتصرة دائماً مهما طال أمد الاحتلال ومهما بلغت بشاعة انتهاكاته ووسائل الانتقام التي يستخدمها ضد شعبنا، ولكن يبدو، بل من المؤكد، أن هذا الاحتلال الأعمى لم يتعلم من نضالات شعبنا الذي اجبر قادته على الاعتراف بوجود شعبنا، رغم انهم كانوا ينكرون ذلك ويدعون بأنه لا يوجد شعب اسمه الشعب الفلسطيني.
إن تمادي الاحتلال في اجراءاته وانتهاكاته لن يقود إلا الى تأجيج الصراع وتعزيز حالة العداء بين الشعبين، وبالتالي مواصلة النضال الوطني الفلسطيني رغم ما قدمه وسيقدمه لاحقا لحين تحقيق اهدافه في كنس الاحتلال الجاثم فوق صدور ابنائه وبالتالي فان ارادة الشعوب ونضالها هي المنتصر، ومن لا يتعلم من تجارب الشعوب والتاريخ البشري وكذلك من قوانين الطبيعة المثبتة علميا والتي تقول لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه، سيكون هو الخسران في نهاية المطاف وتلحق به الهزيمة رغم ما يتبجح به من قوة عسكرية.
إقدام قوات الاحتلال على هدم منزل عائلة أبو حميد في مخيم الأمعري للمرة الثالثة على التوالي، ثم هدم منزل الشهيد نعالوة واعتقال افراد اسرته وتشريد العائلتين ما هو الا استكمال لسياسة الفصل العنصري، ظناً منها بأن مثل هذه الاساليب التي هي بمثابة تطهير عرقي يمكنها ان تثني شعبنا عن المطالبة بحقوقه الوطنية الثابتة والراسخة رسوخ الجبال، والتعايش مع المحتل وانتهاكاته البشعة التي ترتقي لمستوى جرائم الاحتلال، الامر الذي يؤكد ان مثل هذه الانتهاكات ستزيد فقط من حدة العداء واطالة امد الصراع الذي سيدفع ثمنه ايضاً الاحتلال ومستوطنوه الذين يعربدون تحت حماية قوات الاحتلال في حين انهم لا يجرؤون على القيام بمثل هذه الممارسات العدوانية لو تركهم جيش الاحتلال لساعات معدودة.
فهدم منزل عائلة أبو حميد للمرة الثالثة يعني لأي انسان او حتى لأي طفل فلسطيني، بان هذا الاجراء رغم قساوته من جانب الاحتلال الاسرائيلي لم يمنع او يحول دون اعادة بنائه من جهة ومن جهة اخرى ان مثل هذا الاجراء غير الانساني والمستمد من قانون الانتداب البريطاني الآثم، لم يردع ابناء العائلة عن مقاومة الاحتلال في اطار النضال الفلسطيني لاستعادة حقوق شعبنا الوطنية الثابتة، خاصة وان عائلة ابو حميد هي في الاصل مهجرة منذ عام ١٩٤٨م، من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي والعصابات الصهيونية التي ارغمتهم على الهجرة تحت تهديد السلاح، ومن خلال المجازر التي ارتكبتها بحق ابناء شعبنا لطردهم من بلادهم وارضهم ارض الاباء والاجداد.
فالولايات المتحدة التي كانت ولا تزال اكبر قوة في العالم لحقت بها الهزيمة في فيتنام، فالقوة العسكرية لا تساوي شيئا امام ارادة الشعوب، وشعبنا ارادته فولاذية، ولن تثنيه اي ممارسات وانتهاكات عن مواصلة مسيرته الوطنية.
فشعبنا رغم انه اعزل إلا ان لديه من الاساليب السلمية والاحتجاجية ما يجبر المستوطنين وحتى قوات الاحتلال على التراجع امام هذه الاساليب النضالية، وان خير مثال على ذلك ما نشاهده في الخان الاحمر، وتراجع الاحتلال امام الارادة الجماهيرية اثناء محاولته وضع كاميرات مراقبة واقفاص حديدية على بوابات المسجد الاقصى.
إن عمليات الهدم والتي هي تطهير عرقي، وكذلك جميع الانتهاكات الأخرى، ستزيد فقط من إصرار شعبنا على مواصلة مسيرته الوطنية حتى دحر الاحتلال وإلحاق الهزيمة بمشاريعه كافة. فهدم المنازل التي هي سياسة عنصرية وانتقامية، ستكون انعكاساتها على الاحتلال الذي شاهد والدة الشهيد والأسرى من عائلة أبو حميد وهي تقول سنعيد بناءه مثلما أعدنا بناءه قبل ذلك مرتين.
من الواضح تماما ان دولة الاحتلال لا تستفيد من دروس وعبر التاريخ البشري وكذلك من تاريخ شعبنا وامتنا العربية والاسلامية، وايضا الشعوب التي استطاعت دحر الاستعمار عن اراضيها والحاق الهزائم به، وامامنا امثلة عديدة منها عندما اضطرت قوات المارينز الاميركية مغادرة لبنان بعد سلسلة الهجمات التي طالتها، وكذلك الهزيمة التي لحقت بالقوات الاميركية في فيتنام وقبلها القوات الفرنسية، وكذلك القوات البريطانية في الهند، وآخر مثال على ذلك الحاق الهزيمة النكراء بنظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا، فشعبنا الذي هب اطلق حملات اعادة اعمار المنازل التي يهدمها الاحتلال، دليل واضح ان ارادته ستهزم الاحتلال وممارساته وما عليه سوى الرحيل عن ارضنا، لأن نهايته هو الرحيل شاء أم أبى.