في مكان لا توجد به أدنى مقومات الحياة، تواصل السلطات الجزائرية احتجاز عدد من أهالي قطاع غزة، وصلوا إليها منذ 86 يومًا على التوالي، بحثًا عن لقمة عيش لأسرهم.
داخل "كرفانات" في مركز الإيواء المحاط بالأسلاك الشائكة والجدران، التابع للهلال الأحمر الجزائري، يتواجد 53 فلسطينيًا يعانون أشد ألوان المعاناة لاحتجازهم ومنعهم من العمل، عوضًا عن قطع تواصلهم مع العالم الخارجي.
ووصل الفلسطينيون القادمون من قطاع غزة، هربًا من الحصار والحروب العدوانية الإسرائيلية المتكررة، إلى مصر وصولاً إلى موريتانيا ثم نقلوا بواسطة مهربين إلى صحراء مالي في رحلة غاية في الخطورة استمرت نحو سبعة أيام، حتى وصلوا إلى حدود الجزائر في الأول من أكتوبر/ تشرين أول الماضي، وفق أحد المحتجزين.
ويشير إلى أنهم ومنذ خروجهم من غزة عبر معبر رفح البري وصولا إلى موريتانيا لم تطلب منهم تأشيرة للدخول، "لكن حينما انتقلنا إلى صحراء مالي بدأت رحلة عذاب استمرت لمدة أسبوع، تعرضنا خلالها للسرقة والنهب من قطّاعي طرق وصولا إلى الأراضي الجزائرية".
ويقول المحتجز الذي فضل عدم ذكر اسمه: "حينما وصلنا إلى الأراضي الجزائرية أخذت بصماتنا وعرضنا على المحكمة بسبب دخول البلاد بطريقة غير قانونية، وحكم علينا بالسجن لمدة ثلاثة أشهر مع وقف التنفيذ، ومن ثم احتجزنا في ولاية تمنراست داخل مركز الإيواء التابع للهلال الأحمر الجزائري".
ويشير إلى أن الأمن الجزائري سحب هواتفهم النقالة ومنع تواصلهم مع العالم الخارجي، داعيًا الحكومة والشعب الجزائري لإنهاء معاناتهم وتحقيق الوعود التي حصلوا عليها في الأشهر والأيام الماضية بمنحهم إقامات وتمكينهم من العمل لسد رمق أسرهم المتعطشة للحياة في قطاع غزة.
ويعبّر محمد وهو اسم مستعار، وأحد المحتجزين، عن مدى تخوف المحتجزين من ترحيلهم إلى قطاع غزة، بعد التعب والجهد وضياع الأموال التي جمعوها طوال الأعوام الماضية ليصلوا إلى الجزائر ويتمكنوا من العمل وإعالة أسرهم.
ويلفت "محمد" الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، إلى أنهم تلقوا وعدا من الأمن الجزائري بنقل ملفهم إلى الوالي والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة "ولا زلنا ننتظر الرد ونتمنى أن يكون إيجابيًّا".
ومن بين المحتجزين أطفال ونساء وكبار بالسن ومصابون يعانون من سوء التغذية، وفق محمد، الذي لفت إلى أنهم يحصلون على وجبتين يوميًّا لا تكاد تكفي لسد رمقهم، في حين يحاول البعض استغلالهم مقابل تقديم الأكل المناسب لهم بأسعار مرتفعة جدًّا نظرًا لعدم مقدرتهم على الخروج من المكان وتوفير مستلزماتهم.
ويؤكد المتحدث باسم المحتجزين علاء يونس، أن المحتجزين يتخوفون من ترحيلهم إلى إحدى الدول الثمانية التي عرضت عليهم قبل أيام، وأجبروا على اختيار إحداها وهي "تركيا، السودان، سوريا، تشاد، أثيوبيا، مالي، النيجر، وموريتانا".
وناشد يونس في حديث لصحيفة "فلسطين"، رئيس السلطة محمود عباس، والسفير الفلسطيني في الجزائر لؤي عيسى، للتدخل لإنقاذ المحتجزين في ولاية تمنراست، قائلا: "نعيش ونعاني الويلات، ولا يوجد لدينا أدنى مقومات الحياة داخل مركز الإيواء الذي نتواجد به".