قائمة الموقع

​تفاوت الأرزاق حكمة إلهية لتكامل المجتمع

2018-12-17T10:56:28+02:00
صورة أرشيفية

عظمة المولى عز وجل تجلت في تفاوت أرزاق البشر، قسم الله الرزق بين عباده لتقوم مصالحهم الدينية والدنيوية، فلو بسط الرزق لجميع العباد، لبَغَوْا في الأرض بالكفر والطغيان والفساد، ولو ضيّق الرزق على جميعهم لاختل نظامهم وتهاوت معيشتهم.

لو كان الناس في الرزق على درجة واحدة لم يتخذ بعضهم بعضًا سخريًّا، ولم يعمل أحدهم للآخر صنعة ولم يحترف له بحرفة، لأن الكل في المستوى نفسه، فليس أحدهم أولى بهذا من الآخر، وأين الرحمة والعطف من الغني للفقير إذا كان الناس كلهم أغنياء؟.

تكامل المجتمع

قال رئيس رابطة علماء فلسطين في رفح عدنان حسان: "الحكمة من تفاوت: لم يخلق الناس في كفة واحدة من العطايا، ولو كانوا كذلك لما تمايز الخلق، فهم مختلفون ومتمايزون في جميع الصفات، اللون، والطول، والهيئة، في العلم بين العالم والجاهل، كذلك بين الموهوب ودونه، والفقير والغني ليتكامل المجتمع".

وأضاف حسان لـ"فلسطين": "لو كل الرجال والنساء على هيئة واحدة لن تستمر الحياة، لذلك من نعمة الله على الإنسان أن هذه الأرزاق يتفاوتون فيها ليخدموا بعضهم بعضًا".

وأشار رئيس رابطة علماء فلسطين في رفح إلى أن تفاوت الأرزاق لتبادل المنافع، فلو كان كلهم أغنياء لن يحتاجوا إلى العمل وهذه صفة أهل الجنة، وأيضًا الناس في الجنة تتفاوت درجاتهم حسب أعمالهم في الدنيا، وجل الناس تتفاوت في التسابق إلى الله في الطاعات.

وبين حسان أن القضية مردها أن الله عز وجل أراد أن يخلق الناس متفاوتين، لخدمة بعضهم بعضًا، قال صلى الله عليه وسلم: "من كان معه فضل ظهر، فليعد به على مَن لا ظهر له، ومَن كان له فضل زاد فليعد به على مَن لا زاد له".

وأشار إلى أن التفاوت في الصحة أوجده الله لكي يعود الإنسان الذي أنعم الله عليه بالصحة المريض والسقيم ليخدمه ويتحصل على الأجر، وتنتظم الحياة على الأرض، وينعم الناس بنعم الله.

خدمة بعضهم بعضًا

وبين حسان أن حكمة هذا التفاضل، والتفاوت في الأرزاق، والحظوظ، والقوة والضعف، ونحو ذلك بقوله هنا: "ليتخذ بعضهم بعضًا سخريًّا"، ومعنى تسخير بعضهم لبعض: خدمة بعضهم البعض، وعمل بعضهم لبعض، لأن نظام العالم في الدنيا يتوقف قيامه على ذلك.

وأوضح أن من حكمته جل وعلا أن يجعل هذا فقيرًا، مع كونه قويًّا قادرًا على العمل، ويجعل هذا ضعيفًا لا يقدر على العمل بنفسه، ولكنه تعالى يهيئ له دراهم يؤجر بها ذلك الفقير القوي، فينتفع القوي بدراهم الضعيف، والضعيف بعمل القوي، فتنتظم المعيشة لكل منهما.

ولفت رئيس رابطة علماء فلسطين برفح إلى أن سبحانه وتعالى بين في بعض الآيات حكمة تضييقه للرزق على من ضيّقه عليه، وذكر أن من حكم ذلك أن بسط الرزق للإنسان، قد يحمله على البغي، والطغيان، كقوله تعالى: " وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ "، وقوله تعالى: " كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ ".

وأشار إلى أن الحق أن الأرزاق قسمة الخلاق، فهو أرأف بالعباد من أنفسهم، وليس في خزائنه من نقص، ولكنها الحكمة لمصلحة عباده، وفي الحديث القدسي: "إن من عبادي لمن يصلح له الفقر، ولو أغنيته لفسد حاله، وإن من عبادي لمن يصلح له الغنى، ولو أفقرته لفسد حاله".

وذكر حسان أنه سبحانه يعطي بقدر، ولا يمسك عن قتر، ويكفي في هذا المقام سياق الآية الكريمة: " نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا، وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ "، وهذا الضمير معلوم أنه للتعظيم، والتفخيم، ومثله الضمير في: "قسمنا"، فلا مجال لتدخل المخلوق، ولا مكان لغير الله تعالى في ذلك.

وأشار إلى أن القسمة إذا كانت من الله تعالى، فلا تقوى قوة في الأرض على إبطالها، ثم إن واقع الحياة يؤيد ذلك، بل ويتوقف عليه، كما قال تعالى: "ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضًا سخريًّا".

اخبار ذات صلة